البوح الاجتماعى

سامح فوزي
سامح فوزي

آخر تحديث: الثلاثاء 7 مايو 2019 - 11:15 م بتوقيت القاهرة

فى مقال كتبه زوجان بريطانيان تكتشف أن كثيرا من الأفكار الاجتماعية التى ينتقدها البعض فى مجتمعنا الآن يعيد الغرب النظر إليها بشىء من التقدير. وطرافة ومصداقية المقال فى آن واحد ان كاتبيه شخصان عاديان ليسا من أصحاب الاقلام، ومراعاة التوازنات مثلنا نحن ممن نمتهن حرفة الكتابة، بل شخصان فى المجال العام بلا تصنيف سياسى أو ثقافى يعبران دون حسابات عن أفكار ومشاعر، ويقدمان نصائح من واقع الحياة العملية.

يقول الزوجان فى مقالهما الشيق إن أزمة الأسرة المعاصرة أن الرجل لم يعد يتحمل المسئولية، والمرأة لا تريد أن تكون أما، بمعنى رعاية أسرتها، وتبحث عن أخرى تقوم بهذا الدور. وينصحان المجتمع بأن ينشئ الصبى الصغير على تحمل أعباء المسئولية، والفتاة أن ترعى شئون أسرتها.

ويتندران فى بساطة بالتذكير بألعاب الاطفال التقليدية التى يميل فيها الطفل لأن يكون عريسا، والفتاة لأن تكون عروسة، ويؤكدان على أهمية غرس هذه المفاهيم التى تعبر عن المسئولية بداخلهما.

مقال طريف به تفاصيل كثيرة، لكنه فى رأيى يعبر عن أحد أهم أسباب تفسخ الأسرة، والتى لا يخلو منها مجتمعنا، وهو عدم تحمل المسئولية من جانب الرجل، وعدم رغبة المرأة فى أن تؤدى أدوارا باتت توصف بالتقليدية داخل الأسرة. وكما لمس المقال فإن السبب يعود فى الأساس إلى غياب التنشئة على المستقبل خاصة لدى أجيال صاعدة اختلطت لديها كثير من المفاهيم، وبات قرار اللجوء إلى الانفصال هو الأقرب والأكثر راحة بالنسبة لهم.

أيا كان رأينا فى كلام الزوجين البريطانيين، فإن حديثهما الذى اخذ طابع تسجيل المذكرات الخاصة، يكشف أهمية ما اسميه الكتابة الاجتماعية، وتعنى تناول القضايا والمشكلات الاجتماعية بلغة سهلة، بعيدا عن التعقيدات المنهجية، أو الكلام النظرى الذى يناسب الأكاديميين، وليس القراء العاديين، ليت الجمهور فى مجتمعنا يأخذ هذه المساحة من البوح الاجتماعى والثقافى، وليت صحفا تخصص إحدى صفحاتها يوميا لكتابات الجمهور، يعبرون بعفوية عن آرائهم ومشاعرهم، ليس على غرار تجربة بريد القراء التقليدية، ولكن من خلال التعبير الإنسانى، والمشاركة فى صناعة الرأى، والتفاعل مع الصحافة بدلا من أن تكون اتجاها واحدا فى حين أن وسائل الاتصال الاجتماعى الحديثة تقدم مساحات لحظية واسعة للتفاعل، تجد بها الثمين مثلما ترتطم بالغث.. بالطبع المسألة ليست هينة فهى تحتاج إلى وعى وثقافة من جانب الجمهور العام، ورغم صعوبة ذلك فإننى اعتقد ان هناك من القراء من يستطيع المشاركة الإيجابية فى ذلك، ولمست ذلك بنفسى فى مناسبات عديدة منها حوارى مع عدد من القراء منذ أسابيع فى «الشروق». هذا ما نطلق عيه التشبيك الاجتماعى الذى يخلق الوعى والمعرفة وتبادل الآراء.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved