كورونا تسلط الضوء على مشكلة «الزعيم المتردد» فى ألمانيا

مواقع عالمية
مواقع عالمية

آخر تحديث: الخميس 7 مايو 2020 - 9:55 م بتوقيت القاهرة

نشر موقع The German Marshall Fund of the United States مقالا للكاتب James D. Bindenagel تحدث فيه عن إمكانية قيادة ألمانيا للاتحاد الأوروبى.. جاء فيه ما يلى.
إن جائحة كورونا ستحدد مصير الاتحاد الأوروبى، وستغير الاقتصادات وأنظمة الرعاية الصحية ووسائل الإعلام والعلاقات الدولية. تماما، كما عملت الأوبئة السابقة ونهاية الحرب الباردة، والهجمات الإرهابية فى 11 سبتمبر، والأزمة المالية لعام 2008 إلى إعادة تنظيم المجتمع.
يمكن للاتحاد الأوروبى أن يتوقع قيادة ألمانيا له. كما سيحدد الوباء ما إذا كانت قيادة الاتحاد الأوروبى فى مصلحة ألمانيا أم لا. وسنرى ما إذا كان بوسع المستشارة «أنجيلا ميركل» اتخاذ الخطوات اللازمة لإقناع الشعب الألمانى بأن انهيار السوق الأوروبية وتأثير ذلك على صادراتها سيعيد ألمانيا إلى عصر «رجل أوروبا المريض». إن «المشكلة الألمانية» هى أن قادتها مترددون عالقون ما بين مصلحتها الوطنية والتزامها الدستورى بأوروبا.

تضامن الاتحاد الأوروبى
التضامن الأوروبى فى خطر بسبب فيروس لا يعرف الحدود. ولذلك، طلب رئيس الوزراء الإيطالى وزعماء آخرون من الاتحاد الأوروبى إصدار «كورونابوندز» أو «سندات» للتعامل مع الأزمة وتحسين الظروف الاقتصادية بعد الوباء. وحذر الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون من انهيار الاتحاد الأوروبى ما لم يدعّم الاقتصادات المنكوبة مثل إيطاليا ويساعدها على التعافى.
يساهم برنامج الدعم المالى الذى يبلغ نصف تريليون يورو فى التضامن الاقتصادى للاتحاد الأوروبى. لكن المساعدة عبارة عن خليط من المساهمات التقليدية ــ قروض صندوق الاستقرار الأوروبى، والصندوق قصير الأجل للمفوضية الأوروبية المتعلق بتدابير تخفيض ساعات العمل، واستثمارات بنك الاستثمار الأوروبى، وبرنامج شراء السندات من البنك المركزى الأوروبى وكذلك مساعدات الكوارث. ينشر هذا البرنامج إصلاحات مالية كبيرة ولكنه ليس الحل الاستراتيجى لإعادة هيكلة مالية منطقة اليورو.
يجادل إيفان كراستيف ــ العلم سياسة بلغارى ــ بأن الفيروس التاجى أظهر أن الاتحاد الأوروبى لا يمكنه الاستمرار بهيكله الحالى. ويتوقع أن يصبح الاتحاد الأوروبى إما أكثر مركزية مع المزيد من السلطات، أو سيستمر وجوده، ولكن مع قيام الدول والمدن باتخاذ القرارات كما كان الحال فى الإمبراطورية الرومانية.

تزايد الاستبداد
إن النزعة القومية الصاعدة فى أوروبا والتخوف الكبير من صعود الصين هما اتجاهان يضافان إلى تهديدات الوباء الذى يقوض الديمقراطية وتضامن الاتحاد الأوروبى. فالحكومات الاستبدادية تستغل فى جميع أنحاء العالم الأزمة، كما يشكل القادة القوميون الناشئون خطرًا كبيرًا على الديمقراطية. حيث يعتبر الوباء فرصة للحكومات غير الليبرالية فى أوروبا وحولها لاختبار حدود الحقوق المدنية والضوابط والتوازنات الديمقراطية. وقد استخدم فلاديمير بوتين، والرئيس التركى رجب طيب أردوغان، والبولندى ياروسلاف كاتشينسكى أزمة الصحة العامة لزيادة سلطاتهم. وسوف يقاومون تخفيض سلطاتهم عندما تنتهى الأزمة. وعلى الصعيد الأوروبى، تحرك رئيس الوزراء المجرى «فيكتور أوربان» بسرعة لحرمان البرلمان من حق التصويت ومنَح حكومته سلطة الحكم بمرسوم إلى أجل غير مسمى.
وفى الوقت نفسه، أحرزت الصين تقدمًا كبيرًا فى التأثير على سياسات الاتحاد الأوروبى من خلال مبادرة الحزام والطريق وتعاون 17 + 1 مع دول وسط وشرق أوروبا لتعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية. وقد استخدمت الصين هذه العلاقات لمنع انتقادات الاتحاد الأوروبى لحقوق الإنسان ضدها. وقد أبدت بالفعل اهتمامها باستغلال الحاجة الأوروبية فى أزمة الوباء عن طريق إرسال المعدات الطبية والخبراء. ويقول كيشور محبوبانى – دبلوماسى سنغافورى سابق ــ إن الوباء سيعجل بالابتعاد عن العولمة المتمركزة حول الولايات المتحدة إلى العولمة التى تتمحور حول الصين. وبالنسبة لـ «فراغ القيادة» الذى تركته الإدارة الأمريكية الحالية، إذا تبعه تفكك الاتحاد الأوروبى، سنجد العالم يتجه نحو القيادة الصينية، وليس الأوروبية.

المشكلة الألمانية
يحتاج الوباء إلى التضامن الأوروبى. كانت استجابة ميركل الوطنية للوباء فعالة، وأظهرت التضامن من خلال قبول المرضى المصابين بأمراض خطيرة من فرنسا وإيطاليا وإسبانيا. إلا أن الأزمة الاقتصادية والسياسية فى الاتحاد الأوروبى هى التى تدعو إلى القيادة الألمانية.
يطرح الركود الاقتصادى الذى يلوح فى الأفق مع ملايين العاطلين عن العمل والجدل حول إدارة الديون أسئلة على الاتحاد الأوروبى. ستحتاج الخطوات نحو اتحاد سياسى إلى تمكين الاتحاد الأوروبى بطرق جديدة، ربما بميزانية أكبر للاتحاد الأوروبى مع سلطة ضريبية بدلا من تبادل الديون. وكانت النمسا وألمانيا وهولندا قد رفضت فكرة «السندات».
إلا أن هناك عقبة ثقافية تقف فى طريق حل طويل الأمد لتضامن الاتحاد الأوروبى. فالكلمة الألمانية للدين، Schuld، هى أيضًا تعنى الذنب guilt. وطالما أن الجدل السياسى يدور حول الذنب، سيبقى التضامن بعيد المنال.
ويقترح مركز أبحاث Bruegel سيناريو للدول التى تحتاج بشكل خاص إلى تلقى أموال أكثر من التى يتم جمعها من الضرائب الوطنية. ستحتاج البلدان إلى التخلى عن السيطرة على بعض الإنفاق وبعض الإيرادات، كديون للاتحاد الأوروبى لتوفير الأموال ضد الوباء. وقد يكون من الضرورى إجراء تغييرات على معاهدة الاتحاد الأوروبى لتحقيق ذلك.
يمكن لألمانيا، فى رئاستها للاتحاد الأوروبى فى النصف الثانى من هذا العام، أخذ زمام المبادرة السياسية وتقديم التضحيات اللازمة لإكمال عمل الوحدة الأوروبية. وليس هناك شك فى أن ألمانيا ملزمة دستوريًا وتاريخيًا ومعنويًا بدعم تكامل الاتحاد الأوروبى. وبالشراكة مع رئيس المجلس الأوروبى والممثل السامى للشئون الخارجية والسياسة الأمنية، ستقود الاتحاد الأوروبى. وبالإرادة السياسية، ستتمكن ميركل ورئيسة المفوضية الأوروبية من دفع الاندماج الأوروبى إلى الأمام.
كما يمكن لألمانيا مع شريكتها فرنسا، تشكيل الوضع الطبيعى الجديد فى الاتحاد الأوروبى. مما يستلزم حوارا استراتيجيا لمواجهة جميع التحديات.
إن الشرعية الديمقراطية هى فى صميم النقاش حول المسئولية المالية. والديمقراطيات التى تفشل فى التعامل بفاعلية مع مخاوف الناس تجعل نفسها عرضة لفتن الشعبويين الذين يتسللون من وجود الخوف.
باختصار، التضامن له تكاليفه. وإن لم يوجد التضامن، سيتفكك الاتحاد الأوروبى.
إعداد/ ياسمين عبداللطيف زرد.
النص الأصلى:
https://bit.ly/3b8eUNa

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved