السد.. والرسائل الخاطئة!

خالد سيد أحمد
خالد سيد أحمد

آخر تحديث: الجمعة 7 مايو 2021 - 10:20 م بتوقيت القاهرة

تصريحات بعض المسئولين المصريين بشأن سد النهضة الإثيوبى، تحمل رسائل خاطئة للغاية، وتوحى بالاستسلام أمام غطرسة وتعنت أديس أبابا، والقبول بالأمر الواقع الذى تحاول فرضه على دولتى المصب.
ففى الوقت الذى تستخدم فيه القاهرة والخرطوم أسلحتهما الدبلوماسية، لمنع إثيوبيا من الذهاب إلى عملية الملء الثانى لبحيرة السد خلال الشهرين المقبلين بشكل أحادى، نجد أن هناك أصواتا تخرج علينا بتصريحات أقل ما يمكن أن نصفها بها أنها قد تمثل شرخا فى جدار الرفض المصرى للإجراءات الأحادية الإثيوبية.
من بين هذه التصريحات الغريبة، حديث المهندس محمد غانم، المتحدث باسم وزارة الموارد المائية والرى، والذى قال فيه إن مصر لديها 4 خطط رئيسية لتخفيف آثار أية أزمة محتملة، حال إقدام إثيوبيا على الملء الثانى للسد من دون اتفاق، منها تنفيذ مشروع تأهيل وتبطين الترع والمصارف لتقليل الهدر، وصيانة وإنشاء 92 محطة خلط ورفع المياه، وتدشين سحارة المحسمة بتصريف مليون متر مكعب يوميا، ومصرف بحر البقر الذى يعالج 5 ملايين متر مكعب يوميا وهى أكبر محطة معالجة فى العالم، وتدشين محطة الحمام الجديدة التى تخدم مشاريع الدلتا الجديدة، بالإضافة إلى تشجيع المزارعين على اللجوء إلى الرى الحديث.
ربما تكون مثل هذه التصريحات فى الأوقات والظروف الطبيعية، مطلوبة وضرورية للتأكيد على رغبة الحكومة فى الاستفادة من جميع مواردها المائية، وعدم السماح بهدر قطرة واحدة منها، لكنها فى الوقت الحالى، تفتقر إلى الحنكة والمهارة السياسية، لا سيما وأن مصر تخوض حاليا صراعا حقيقيا، قد يصل إلى حد المواجهة العسكرية لحماية حقوقها التاريخية والمشروعة فى مياه النيل، ومثل هذه التصريحات قد توحى للآخرين بأننا استسلمنا قبل إطلاق رصاصة واحدة!!
ينبغى على بعض مسئولينا عند التصدى لمثل هذه القضية الوجودية للشعب المصرى، أن يكونوا على دراية تامة بالتطورات والمواقف المتعلقة بها، خصوصا التى تصدر من أديس أبابا يوميا، حتى لا نظهر بمظهر المستسلم لهذا الافتئات على حقوقنا التاريخية فى مياه النهر.
فالمسئولون فى إثيوبيا يعتبرون أن الاتفاقيات التاريخية لمياه النيل التى تتمسك بها مصر والسودان «لا يمكن قبولها وغير معقولة»، كما يزعمون أن القاهرة والخرطوم «يريدان مواصلة احتكارهما لمياه النهر واستمرار تدويل وتسييس ما هو تقنى بحت لإبقاء الوضع على ما هو عليه»، وأنهما «لا تريدان نجاح الاتحاد الإفريقى فى إنهاء المفاوضات حول سد النهضة».
هذا الموقف الإثيوبى، الذى يحاول خلق واقع جديد فى المنطقة، عبر تحويل نهر النيل من نهر دولى إلى بحيرة داخلية وبيع المياه للآخرين، لا يمكن الرد عليه بالرسائل الضعيفة والخاطئة مثل أن لدينا «4 خطط رئيسية لتخفيف آثار أية أزمة محتملة».
تلك الردود لا ترتقى إلى مستوى الحدث، أو تتلاءم مع طبيعة التحدى غير المسبوق فى تاريخ مصر، وبالتالى نحتاج إلى رسائل من نوع آخر من نوعية تلك الرسائل التى وجهها الرئيس السيسى عقب انتهاء أزمة السفينة الجانحة فى قناة السويس فى الثلاثين من مارس الماضى، أو خلال لقائه بالمبعوث الأمريكى جيفرى فيلتمان يوم الأربعاء الماضى، حيث أكد أن «قضية سد النهضة هى قضية وجودية بالنسبة لمصر التى لن تقبل بالإضرار بمصالحها المائية أو المساس بمقدرات شعبها».
نحتاج من جميع مسئولينا التحدث بمثل هذه اللغة القوية، لكى تفهم إثيوبيا أن رغبتنا فى إيجاد حل عادل لهذه الأزمة عن طريق التفاوض، لا يعنى أبدا التفريط فى حقنا المشروع باستخدام كل القوة العسكرية التي نملكها للدفاع عن حقوقنا فى المياه والحياة، حال أصرت أديس أبابا على إغلاق باب التفاوض أمام الوصول إلى اتفاق قانونى ملزم، يحقق لها التنمية، ويحمى حقوق ومصالح دولتى المصب.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved