إنزاجى: إنتر خارق.. خارق جدًا

حسن المستكاوي
حسن المستكاوي

آخر تحديث: الأربعاء 7 مايو 2025 - 8:40 م بتوقيت القاهرة

** من المدهش أن تتسم كرة القدم فى بلد بطريقة لها جذور تعود إلى 94 عاما. وهى طريقة دفاعية، أثرت فى الكرة الإيطالية، وقدمها مدرب نمساوى وهو كارل رابان عام 1930 مع فريق سيرفيت السويسرى، اقتناعا منه أن لاعبيه لا يملكون قدرات ومهارات خصومهم. والطريقة أطلق عليها فيما بعد الكاتاناتشيو، بصورها المختلفة، سواء 3/5 /2 أو 1/4 / 4/1 أو غيرها من التكوينات، وهى طرق لعب مختلفة ولدت من رأس هيريرا تحديدا، ولعب بها مع إنتر ميلان فى ستينيات القرن الماضى، واتهم بأنه أفسد كرة القدم. لكن هذا غير صحيح إطلاقا فالمتعة التى قدمها إنتر ميلان وبرشلونة لمدة 120 دقيقة على ملعب على جوزيبى مياتزا تعد مثالا على أن أوجه المتعة فى كرة القدم متنوعة، إلا أن أساسها هو الندية، والصراع، والنضال. والشراسة، واللياقة، والقوة، والسرعة، والإيقاع. وليس اللعب مشيا.
** الصراع المصحوب بالإيقاع السريع يمنح الجماهير لعبة مثيرة وجميلة وممتعة على المسرح، وكما يقول أساتذة الدراما : «الدراما القوية هى التى يتخاصم فيها خصمان على نفس القدر من القوة». وأرقام المباراة تنطق بذلك: 7 أهداف. وامتلاك برشلونة للكرة بنسبة 71 % مقابل 29% للإنتر. وتمرير الفريق الكتالونى للكرة 666 مرة مقابل 208مرة للإنتر.
الدفاع لا يعنى بالضرورة التراجع خوفا، وإنما حذرا وتكتيكيا يعتمد على سرعات اللاعبين فى الهجوم المضاد، فماذا يفعل الفريق بالكرة حين يمتلكها، وكيف يدافع أصلا؟ هل يجرى خلف المنافس وخلف الكرة أم يقابل المنافس مبكرا وينتزع منه الكرة، ثم ينطلق فى هجوم خاطف. أعتقد أن سيناريو المباراة وأرقامها تؤكد هذا المعنى.
** فرحة جماهير إنتر كانت انفجارا، وعبر إنزاجى فى تصريحاته عقب الفوز بقوله : «كانت الشراسة حاضرة. وكان إنتر فريق خارق.. خارق جدا». هزمنا أقوى فريقين فى الطريق للنهائى بايرن ميونيخ وبرشلونة» .. نعم بعد ثلاث ساعات ونصف ذاهابا وعودة، وإحراز 13 هدفا، بذل لاعبو الفريقين جهدا مذهلا. وكنا نتابع المباراتين، ونحن ننتظر مشهد التعب أو الإنهاك والاستسلام. ولم يحدث ذلك. فكل مساحة تستحق الصراع والشراسة، حتى لو كانت سنتيمترا واحدا. فلايمنح المنافس فرصة، ويامين لامال كان يطارده لاعبان كلما لمس الكرة. فهو موهبة فردية رائعة، وكاد ان يسجل أكثر من مرة، لولا براعة الحارس السويسرى يان سومر الذى اختير «رجل المباراة». وهو فعليا أنقذ إنتر من الهزيمة.
** كنا أمام مسرح عامر بالدراما المثالية. حتى، التوتر كان مثاليا، ، والصراع بين الأسلوبين كان مثاليا والتوازن فى الهجوم والدفاع كان مثاليا.
وبعد أن تقدم إنتر بهدفين عبر لاوتارو مارتينيز وهاكان تشالهانوجلو، وبعد أن تعادل برشلونة بشكل مذهل عبر إريك جارسيا ودانى أولمو، وبعد تصديات يان سومر الرائعة، ثم بعد رافينيا الذى سجل فى الدقيقة 87 وفرانشيسكو أتشيربى فى الدقيقة 93، جاء ديفيد فراتيسى فى الدقيقة 99، ليسجل هو الآخر.
** كان لاعبو الفريقين منهكون فعلا، ومع ذلك، شعرنا كمشاهدين إنهم جميعا يتمتعون بحيوية، ونسأل أنفسنا من أين أتوا بها؟.. إنها كرة القدم فى العالم الآخر، التى لا يساويها شىء آخر. إنهم يلعبون بجد، ويحاربون بجد، ويعملون بجد. ملعب كرة القدم هو مسرح لكل هذا. اللعب. والعمل والحرب المشروعة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved