برقبتى يا ريس

أشرف البربرى
أشرف البربرى

آخر تحديث: الخميس 7 أغسطس 2014 - 7:05 ص بتوقيت القاهرة

لا يختلف اثنان على أهمية وقيمة مشروع توسيع قناة السويس الذى دشنه الرئيس عبدالفتاح السيسى يوم الثلاثاء الماضى، بعيدا عن العادة الذميمة فى المبالغة والتضخيم والتى تجعل من توسيع القناة وزيادة عمقها «قناة سويس جديدة»، و«هرم رابع» وغير ذلك.

فالمشروع سيضاعف طاقة القناة وإيراداتها، وسيتكلف مليارات الجنيهات فى مرحلته الأولى وينتظر منه تحقيق عائدات بعشرات المليارات، ولذلك لا يجب أن نتجاهل أبدا أى مسببات للقلق والخوف على نجاح هذا المشروع لأنه قبل كل شىء مشروع مصر وليس مشروع السيسى.

غير أن أكثر ما يثير القلق على هذا المشروع وغيره من المشروعات الضخمة التى أطلقها الرئيس السيسى نظرية «برقبتى يا ريس» التى يتسابق المسئولون على العمل بها. فالفريق مهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس قدم عرضا رائعا للمشروع ومكوناته وآفاقه وقال إن تنفيذه يحتاج إلى 3 سنوات بحسب الدراسات والإمكانيات. ولكن الرئيس اعترض وطلب خفض المدة إلى سنة واحدة. وهنا كنت أتمنى أن يعترض الفريق مميش على طلب الرئيس ويؤكد له أنه لا يمكن اختصار الثلاث سنوات فى سنة واحدة لأن المسألة ليست «برقبتى يا ريس». ولكن لم يحدث. وعندما قال الرئيس إنه يرفض تمويل المشروع بالقروض وطلب طرح أسهم للمصريين، كنت أتمنى أن يخرج المسئول عن ملف التمويل لكى يعترض على اقتراح الرئيس باعتباره غير عملى بل وغير قانونى فى ظل حقيقة أن هيئة قناة السويس ليست شركة مساهمة يمكنها طرح أسهم فى البورصة، ولأن مشروع توسيع القناة مجرد جزء من المجرى الملاحى للقناة وليس كيانا مستقلا يمكن تمويله بطرح أسهم، وقبل كل ذلك وبعده، كيف يمكن أن نتحدث عن التمويل وسبل توفيره بعد البدء الفعلى فى تنفيذ المشروع.

وعندما قال الرئيس إن الشركات المسئولة عن تنفيذ المشروع ستواصل العمل سواء حصلت على مستحقاتها أم لا، كنت أتمنى أن يوضح أصحاب الشركات مدى قدرتهم على الوفاء بالتزاماتهم تجاه عمالهم ومورديهم إذا ما توقفت الحكومة عن سداد مستحقات هذه الشركات أثناء تنفيذ المشروع.

ليس هذا فحسب بل إن هذا المشروع العملاق الذى تقدر تكلفته الأولية بأكثر من 8 مليارات دولار أى حوالى 56 مليار جنيه بدأ قبل إعلان التحالف الدولى الفائز بعقد الاستشارى لمشروع تنمية محور قناة السويس ككل وهو ما يعنى إما أننا نهدر المال فى مشروع لم يخضع للدراسات الكافية أو أننا نهدر المال فى التعاقد مع استشارى دولى لم نعد فى حاجة إليه.

إن رغبة الرئيس الجديد فى إطلاق مشروعات ضخمة تحظى بتغطية إعلامية واسعة لا يجب أن تكون أبدا مبررا للقفز إلى المجهول أو الدخول فى مشروعات عملاقة قبل توفير كل عوامل النجاح لها حتى لا ينتهى بنا المطاف وقد أهدرنا ثرواتنا غير الموجودة أساسا فى مشروعات لم تتوافر لها أسباب النجاح كما حدث فى توشكى وفوسفات أبوطرطور وفحم المغارة ومديرية التحرير وغيرها.

من يحب الرئيس السيسى ويريد له ولمصر النجاح عليه التخلى عن نظرية «برقبتى يا ريس» التى أوردت مصر مورد التهلكة فى مواقف كثيرة. فالرئيس لا يفهم فى كل شىء ولا يدعى هذا الفهم، والمسئول الأمين على مصالح الرئيس هو الذى يقول «لا» عندما يحتاج الأمر ذلك وليس من يقول نعم دائما.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved