جاذبية داعش

الأب رفيق جريش
الأب رفيق جريش

آخر تحديث: الأحد 7 سبتمبر 2014 - 10:49 ص بتوقيت القاهرة

داعش تقتل وتذبح وتعلق الرؤوس على الأسوار وتهدم الأضرحة وتطرد الأقليات غير الإسلامية من أرضهم وتسلب بيوتهم وتهدد دولا عربية كبيرة وتستولى على أراضيها كالعراق وسوريا وأخيرا لبنان ورغم ذلك تتمتع بجاذبية كبيرة، ماذا فعلت تلك الجماعة حتى تجذب إليها الأضواء والشباب؟ وأخيرا قادة العالم شعروا بأن تهديدها وصل إلى باب مخادعهم.

1ــ فبعد استيلاء داعش على الموصل اصبحت تفرض نفسها كلاعب اقليمى فى الشرق الأوسط بعد اعلانها هدفها وهو إقامة الخلافة الإسلامية، هذا الحلم الذى يداعب كثيرا من المتشددين وجذب الشباب التائه فى إيمانه ومعتقداته ويرى انه يحقق ذاته فى التشدد والعنف والإرهاب، بتشجيع من بعض الدول التى لها مصالحها فتستغل الحماس الطائش لدى هؤلاء الشباب.

2ــ تعمل داعش على تقديم نفسها كتنظيم عسكرى طموح فشعارها «باقية وتتمدد» واستخدمت مكاسبها العسكرية لتظهر لمريديها أنها تحقق شعارها بل تقف بندية أمام تنظيم إرهابى آخر وهو القاعدة بل هى تقدم نفسها بأنها أكثر عنفا وصلابة منه وتستخدم جيدا وسائل الاعلام والشبكة الإلكترونية والتغريدات والفيديوهات لترويع الناس من جهة وإظهار ذاتها والترويج لنفسها.

3ــ ويعد الاستيلاء على الموصل انتصارا مهما فقد سطى التنظيم على المصرف العراقى المركزى واستولى على أكثر من 400 مليون دولار من أموال الدولة غير التى استُولى عليها من سكان الموصل عامة والمسيحيين خاصة من بيوتهم وذهبهم ومالهم وسياراتهم وحتى أدوية الاطفال فالقصص القادمة من هناك لا نستطيع أن نصفها إلا بالبربرية الوحشية كما استولت داعش على آليات عسكرية وأسلحة للجيش العراقى التى فى الغالب صناعة أمريكية والتى تحاول امريكا تدميرها حاليا فضلا عن تدمير الحاجز الترابى الذى يفصل الموصل عن مدينه الشدادى السورية الواقعة جنوب الحسكة مما ادى إلى ايجاد طريق مباشر يربط فرعى التنظيم فى سوريا والعراق ومحاولة تأسيس إمارة للخلافة الإسلامية فى منطقة وسط بين سوريا والعراق والأردن والسعودية والانغراس فيها.

4ــ والخطر فيما سبق ذكره ان هذه البقعه اصبحت ملاذا لكل من يريد من عرب واجانب ان يكون الإرهاب اسلوبه والعنف عقيدته متوشحا بالدين الإسلامى الحنيف وجعل هذه البقعة مركز ارتكاز للانطلاق منها فى غزوات نحو بلاد ومواقع أخرى مجاورة.

5ــ وبإعلان تنظيم داعش إقامة خلافة إسلامية فى تلك المناطق يظهر ان لديه طموحات عالمية يهدد فيها الغرب بل الرؤساء شخصيا مثل الرسالة التى ارسلوها لاوباما بعد ذبح الصحفى الامريكى الثانى ستيفين سوتلوف يوم 2 سبتمبر الماضى فقد بدأ فى تكوين عمق استراتيجى اوسع وممارسة سلطات دولة فى المناطق التى استولى عليها وخلق بيئة حاضنة يترعرع فيها ويستطيع بسط نفوذه وأفكاره التكفيرية وإضفاء شرعية على نفسه من الناحية الإيدولوجية، ويكتسب قوة جذب خاصة فى وسط الشباب المتمرد بطبيعتة والتأثير على من هم على شاكلته من تنظيمات بل قيادتها ودعوة المسلمين للجهاد ووصف الحكومات الغربية بأنها «صليبية» وتعهده المستمر بتحرير فلسطين والاستفادة اقتصاديا من النفط الذى استولى على بعض حقوله.

وأخيرا وليس آخرا على خالق العفريت أن يصرفه فقد استيقظت الآن دول الغرب على خطورة داعش لأنها تهدد امنها ودولها وتبحث منع شبابها للانضمام لداعش أو غيرها من المنظمات الإرهابية فهى إلى الان لم تتعلم الدرس فهى التى أوجدت طالبان والقاعدة بحجة محاربة الشيوعية وها هى الأخيرة انقلبت عليها وحاربتها فى عقر دارها فى11 سبتمبر 2011 وغيرها من الأمثلة.

إن التعامل مع هذا التنظيم اللاعب الناشئ الجديد فى الشرق الاوسط يتطلب تغييرا حادا فى السياسات التى تنتهجها البلاد العربية والغربية بمؤسساتها (الامم المتحدة والجامعة العربية) فالمجتمع الدولى يستطيع أن يصد داعش والحد من قدرتها على التوسع ووقف تعاونها العابر للقارات مع التنظيمات الأخرى (القاعدة ــ بوكو حرام وغيرها) وذلك على المستويين السياسى والعسكرى، إن أراد ذلك بحق.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved