استهداف ما لا يستهدف!

حسام السكرى
حسام السكرى

آخر تحديث: السبت 7 سبتمبر 2019 - 8:20 م بتوقيت القاهرة

- طبعا مستهدف. شعبنا طول عمره مستهدف.

- مش ده المقصود. "الجمهور المستهدف" ده اصطلاح في الإعلام والاتصال. أي مجموعة أو حتى فرد، ممكن يبقى "مستهدف" لتوصيل فكرة أو رسالة.

- استهداف إيه؟! لو فيه رسالة أو موضوع مهم الناس كلها هتسمعه. مش محتاجة فذلكة يعني.

- طب اسمع الحدوتة دي. زمان اشتغلت في محطة تليفزيون دولية قفلت بعد سنتين. الإغلاق كان مباغت وصادم لكل العاملين لإنهم اتنقلوا إلى لندن مع أسرهم وما كانوش عارفين هيعملوا إيه بعد الإغلاق. اجتمعنا كلنا في غرفة الأخبار انتظارا لاجتماع مع مسؤول كبير من المؤسسة. المفاجأة الكبيرة إن كل كلامه كان عن التزام المؤسسة برسالة الإعلام، وتطوير إمكاناتها في البث الفضائي، وخدمة الناس في مناطق مختلفة من العالم.

- وده علاقته إيه بموضوعنا؟

- الجمهور المستهدف في القصة دي هو أنا وزملائي في محطة التليفزيون. والرسالة المطلوبة كانت معرفة تبعات الإغلاق علينا كأفراد وعائلات.

- وكلام الراجل عن المؤسسة وبقاءها نفسه مش مهم؟! معقول؟!

- مهم لكن غير مناسب. لو كان بيكلم مجموعة تانية من المسؤولين التنفيذيين وكانوا هم جمهوره المستهدف يبقى ميت فل وعشرة.

- بس إيه اللي فكرك بالموضوع ده؟

- ده موضوع مهم في مرحلة مليانة رسائل إعلامية مضطربة وإشاعات واتهامات محتاج تركيز علشان تعرف بنكلم مين وبنقول إيه.

- هنقول إيه؟! هو ده الاستهداف اللي باقولك عليه. الأعداء والكارهين والإخوانجية متربصين بينا وبيحاولوا يشوهوا كل الجهود اللي بتتعمل ويستغلوا هفوة هنا أو هناك. مش كل كلام تافه نرد عليه.

- لو كليب فيديو عمل الدوشة دي كلها ومحطات التليفزيون والصحف عملته موضوعها يبقى مش تافه.

- تقصد إنه صحيح يعني؟ عندك معلومات والا بتشارك في نشر الإشاعات وخلاص؟

- مش تافه بمعنى إنه مؤثر. ممكن يكون كذب صريح أو خلطة كذب بحقائق. كل شيء جائز. لكن مادام انتشر بشكل واسع وأصبح مؤثر يبقى لازم تتعامل معاه بجدية.

- انت بتناقض نفسك. بتقول ان مفيش تعامل جدي مع إنك معترف إن أجهزة الإعلام بتتصدى وترد!

- لف وارجع تاني من الأول. فين الجمهور المستهدف وفين الرسالة المناسبة؟ لو الجمهور المستهدف هو جموع المصريين ما ينفعش الرسالة تبقى "أحذروا خونة والعملاء". رسالة مستهلكة ومش بترد على الأسئلة والاستفسارات اللي في أذهان الناس. بالضبط زي اللي راحوا لبتوع محطة التليفزيون وبدل ما يكلموهم على مستقبلهم، ادوهم محاضرة عن مستقبل البث الفضائي في منطقة الشرق الأوسط!

- مفيش حاجة مستاهلة الكلام ده كله. الناس مش بتصدق الأكاذيب دي لإنهم عارفين مين وراها.

- لو ما بتصدقش ماكانتش الفيديوهات سجلت ملايين المشاهدات في يومين، ولو مش مهم ما كانتش الصحف ومحطات التليفزيون اهتمت.

- ما ينفعش تنتقد وخلاص من غير حلول.

- الحل واضح وبسيط وسهل. والرسالة الوحيدة الفعالة هي الشفافية. تحقيقات معلنة في أي وقائع بتمس مسؤولين أو بتتكلم عن فساد أو استغلال نفوذ والنتائج تكون معلنة. المنطق بيقول إن أي اتهامات ممكن تبقى صح أو خطا. لو ثبت صحتها وتبين إن فيه تسيب أو إهدار للمال العام أو تربح بشكل غير شرعي أو قانوني يبقى المسؤول يتحاسب. والأهم من كده هو وضع معايير تحد من استغلال النفوذ وتحجم الفساد وتدعم سلطة الأجهزة الرقابية لوقف الهدر في إنفاق المال العام.

- وكد نبقى وقعنا في الفخ وأكدنا للحاقدين إن كلامهم مظبوط.

- بالعكس، انت كده أكدت للشعب، جمهورك المستهدف، إنك حريص عليه وعلى مقدراته وموارده وده بيدعم ثقتهم فيك. الشعب هو الجمهور المستهدف مش "الحاقدين" اللي انت مستهدفهم بالشتيمة ليل نهار!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved