هامش للديمقراطية.. لماذا يتوطن الخوف حين يغيب العدل؟

عمرو حمزاوي
عمرو حمزاوي

آخر تحديث: الخميس 7 نوفمبر 2013 - 7:00 ص بتوقيت القاهرة

نعود إلى البدايات: على الرغم من نهم الفاشيات ونظم الحكم الشمولية والسلطوية والنظم المسخ لاحتكار المعلومة ولمعرفة جميع وأدق تفاصيل حياة المواطن ونزوعها لتجهيل الأخير بحقائق الأوضاع فى دولته ومجتمعه وتشويه وتزييف وعيه كأداة للسيطرة مع القمع والتهديد به وأساليب الاستتباع (المرتبطة بثنائيات نخب الحكم والجماهير منظورا إليها كصراع غير متكافئ بين قطط وفئران)، إلا أن النظم هذه يتوطن بها الخوف من احتمالية إفلات مواطناتها ومواطنيها من قبضتها المسيطرة وتشعر دوما بخطر هبات أو انتفاضات أو ثورات الناس ضدها. ولذلك سببان رئيسيان وله تداعيات كارثية.

يرتبط السبب الأول لتوطن الخوف فى الفاشيات ونظم الحكم الشمولية والسلطوية والنظم المسخ بحضور الظلم وغياب العدل وتراكم انتهاكات حقوق الإنسان والانتقاص من الحريات، بغض النظر عن تفاوت أنماط الانتهاكات من جرائم إبادة واسعة النطاق إلى جرائم التعذيب والمعاملة غير الإنسانية للمعتقلين السياسيين وسجناء الرأى والكثير الآخر فيما بينهما وبمعزل عن مدى الانتقاص من الحريات وإن كان يقف عند الأفراد والمجموعات السياسية المعارضة أم يطال قطاعات شعبية وحركات اجتماعية. تخبرنا صحف وحوليات تواريخ المعمورة بأن مآلات الظلم وغياب العدل وانتهاكات الحقوق والحريات هى انهيار نظم الحكم وتأخر الشعوب والاحتراب الأهلى وتعاسة المواطن، ولهذا تتحسب الفاشيات والشموليات والسلطويات والنظم المسخ.

يتمثل السبب الثانى لتوطن الخوف فى النظم هذه فى إدراكها، خاصة عبر أجهزتها الأمنية والاستخباراتية، لحقيقة وجود حدود قصوى لفاعلية القمع والتهديد به ولكفاءة أساليب الاستتباع واستراتيجيات تشويه وتزييف الوعى العام ولنهم مراقبة المواطن واحتكار المعلومة. مهما بلغ أعتى الفاشيات والشموليات، مهما تصاعد عنف النظم السلطوية والنظم المسخ، يشكل واقع الظلم وغياب العدل ومحدودية الإنجاز المجتمعى (باستثناءات محدودة، تغلب سمات الفشل على النظم غير الديمقراطية) دافعا لبعض المواطنات والمواطنين إما إلى التحول تدريجيا من مؤيدين تهليلا أو صمتا إلى خائفين متراجعين أو من رافضين سلبيين للظلم إلى معارضين له وباحثين عن بدائل. ولهذا تتحسب الفاشيات والشموليات والسلطويات والنظم المسخ.

أما التداعيات الكارثية لتوطن الخوف والشعور الدائم بخطر الهبات والانتفاضات والثورات الشعبية، فتتعلق من جهة بكون الخوف يرتب تورط الفاشيات والنظم الشمولية والسلطوية والنظم المسخ فى المزيد من القمع والعنف والمزيد من انتهاكات الحقوق والحريات والمزيد من تشويه وتزييف الوعى (عبر مجموعات تتهافت حججها وتتهاوى ساقطة إلى غياهب تأليه الحكام وتخوين المعارضين وإطلاق محدودى العلم والفكر والكفاءة على الرأى العام) ويزج بها من ثم إلى ما أسميه «المتوالية اللعينة» (قمع وعنف يتصاعدان وظلم يعم وانهيار لنظم الحكم لا فكاك منه وتأخر للشعوب وللمجتمعات).

من جهة أخرى، وعلى الرغم من أن الأجهزة الأمنية والاستخباراتية تدرك عادة قبل مؤسسات وأجهزة أخرى الحدود القصوى لفاعلية القمع والتهديد به، تتورط النظم هذه فى التعويل الأحادى على المكون العسكري -الأمنى للسيطرة وللضبط وتضعف بشدة المؤسسات المدنية، والأخيرة هى بمفردها القادرة حين تستقر على إنجاز التقدم والسلم الأهلى والتمهيد لتحولات ديمقراطية.

غدا هامش جديد للديمقراطية فى مصر.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved