النفسية.. مع د. محمد طه | بصوا فى عينيهم..

محمد طه
محمد طه

آخر تحديث: السبت 7 نوفمبر 2020 - 8:00 م بتوقيت القاهرة

فى هذا الباب الأسبوعى الذى يظهر كل يوم احد، يتواصل د. محمد طه أستاذ م. الطب النفسى، معكم، للإجابة على أسئلتكم واستفساراتكم فى كل ما يخص أحوال النفس، والطب النفسى، والعلاقات الإنسانية.

راسلونا على: http://m.me/mohamedtaha.net

●● كل الرسائل تخضع للسرية والخصوصية التامة، والإجابات عليها تكون بطلب المُرسل وبدون ذكر أية معلومات شخصية.

بصوا فى عينيهم..
أنا مش عارفة حضرتك هاترد عليا ولا لاء.. بس أنا قرأت مقال «علشان مانموتش فى إيديهم». أنا اتعرضت لقسوة من والدتى شديدة. مش دى المشكلة. المشكلة إنى بعامل ولادى بنفس القسوة والغباء اللى أمى كانت بتعاملنى بيه. ولادى بيصعبوا عليا، ومش عايزاهم يكرهونى زى ما بكره أمى. مش عارفة أطلع بره الدايرة دى. أعمل إيه؟
عزيزتى..
ناس كتير جدا تواصلوا معايا وبعتولى رسايل مكتوبة وصوتية وفيديوهات، بعد المقال ده.. كلهم بيسألوا: احنا اكتشفنا إننا ممكن نكون أذينا أطفالنا.. ولاحظنا أن أطفالنا فعلا اتأثروا بالقسوة والشدة والضرب.. طيب نقدر نعمل إيه دلوقت؟ إزاى نقدر نزيل أى أثر سلبى لسوء المعاملة على الأطفال؟


هاجاوب حضرتك وأجاوبهم هنا باختصار شديد..
– أولا.. تسامحوا نفسكم.. احنا بشر.. بنغلط ونضعف ونقصر ونفشل أحيانا.. لو قعدنا نحس بالندم والذنب وجلد الذات، ده مش هايغير أى حاجة.. بالعكس.. ده هايزود غضبك (من نفسك).. ومش هتلاقى حد تطلع فيه غضبك غير الأطفال (تانى)، لأنهم السبب فى إحساسك بالذنب.. مجرد مراجعتك لنفسك كفاية.. مجرد نيتك لتغيير هى بداية التغيير.. وصدقنى.. من اللحظة اللى قررت فيها تقف مع نفسك.. ده وصل لأطفالك.. من غير ولا كلمة. هونوا على أنفسكم.
– ثانيا.. تجيب أو تجيبى ابنك أو بنتك وتقعده قدامك.. وتعتذرله.. أيوه.. تقوله بكل صراحة ووضوح: أنا آسف.. أنا آسفة.. ماكنتش أعرف قد إيه ده ممكن يكون أذاك.. ماكنتش أعرف.. مش هاعمل كده تانى.. سامحنى يا ابنى.. مسامحانى يا بنتى؟ تقول ده وانت تعنيه.. وانت مصدقه.. وانت مقرر ماتكررهوش.. ده هايخلى ذاكرة الطفل لما تفتكر مشهد القسوة، تفتكر جنبه على طول مشهد الاعتذار.. وده فعلا بيفرق.. ويخفف الأثر.. ده بيعمل تغيير حقيقى ودائم فى نفسية وعقل و(مخ) الطفل.. اوعى بس تاخدها حجة وتقعد تقسو عليه أو تضربه تانى وتالت وتقول هابقى اعتذر.. انت كده هاتبوظ الدنيا. وعلى فكرة، طفلك من حقه يقبل اعتذارك ومن حقه مايقبلوش.. ومن حقه ياخد وقته لغاية ما يقبله.. الحكاية مش فرض ولا عافية.
– ثالثا.. معظم اللى بيسيئوا معاملة أطفالهم، أُسىء معاملتهم وهما صغيرين.. افتكر أى مرة والدك أو والدتك أساء معاملتك فيها.. واستحضر الإحساس اللى كنت حاسة وقتها.. افتكر الخوف والرعب والعشم والخذلان.. وكل ما نفسك تهفك إنك تقسو على أولادك تانى.. استرجع اللحظة دى.. وقول بينك وبين نفسك: أنا مش هاعمل اللى اتعمل فيا.. أنا مش هالبس عفريت أبويا أو أمى واتعامل بيه مع أولادى..
– رابعا.. خليك فاكر طول الوقت.. خليكى فاكرة طول الوقت إن أولادك دول بنى آدمين زيهم زيك بالظبط.. فيه بس فارق قوة بينكم وبين بعض.. هما ــ للأسف ــ الطرف الأضعف (مؤقتا).. وانهم هايقفوا قدام ربنا يوم القيامة، ويقولوه يارب احنا كنا ضعفاء.. ماكناش قادرين نرد.. ماكناش عارفين ناخد حقنا.. كنا خايفين.. خدلنا حقنا يارب.
– خامسا وأخيرا.. لو جيت فى مرة فقدت أعصابك، وتملكت منك شهوة القسوة، افتكر انك تعهدت بينك وبين نفسك وأمام أبنائك وقدام ربنا إنك مش هاعمل كده تانى.. ولو عاوز حاجة واحدة تعملها فى اللحظة دى وتمنعك من سوء معاملتهم، فهى: بص فى عينيهم.. بص فى عين ابنك مباشرة.. بصى فى عين بنتك مباشرة.. وشوفوا كمية الذهول والهلع وقلة الحيلة والخذلان اللى حاسينه ناحيتكم فى ثانية بتكون هى الأطول فى حياتهم وذاكرتهم..
تانى..
بص فى عينيهم.. بص فى عين ابنك مباشرة.. بصى فى عين بنتك مباشرة.. وشوفوا كمية الذهول والهلع وقلة الحيلة والخذلان اللى حاسينه ناحيتكم..
لو منعت نفسك ووقفت.. يبقى انت اتغيرت (وده وارد إنه يحصل من أول أو تانى أو ثالث مرة.. الحكاية محتاجة أحيانا تدريب).
لو مامنعتش نفسك وماوقفتش.. يبقى تروح تتعالج رحمة بأولادك.. وتخليهم هما كمان يتعالجوا.. علشان يعرفوا يقولوك (لأ)..
ربنا يعافينا ويعافيكم..

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved