حرب مرسى الأهلية

محمد عصمت
محمد عصمت

آخر تحديث: الجمعة 7 ديسمبر 2012 - 8:55 ص بتوقيت القاهرة

بعد معركة قصر الاتحادية أمس الأول، بقتلاها الخمسة ومصابيها الذين تعدوا الستمائة مصاب، لن يستطيع مرسى بعد الآن أن يكون رئيسا لكل المصريين، فمصر بعد أقل من ستة أشهر فقط من حكمه أصبحت «فسطاطين» أو معسكرين.. الأول يبايعه على الخير والشر، باعتباره حافظا للقرآن، مقيما لصلوات الجمعة بطول البلاد وعرضها، وينادى أحيانا بتطبيق الشريعة.. دون ان يهتم أفراد هذا المعسكر، بسياساته مع أمريكا وإسرائيل، ولا علاقاته الغامضة بمكتب الإرشاد، أو صندوق النقد، أو رفع الدعم عن السلع الأساسية، ولا بطوفان الفقر الذى يهدد البلاد جراء السياسات الاقتصادية التى ينتهجها..!

 

أما المعسكر الثانى، فلم يعد يرى فى الرئيس إلا الوجه الآخر من مبارك، بكل أفكاره، وزيف شعاراته، واختياراته المعادية للفقراء، ولكل القيم الحقيقية التى اندلعت من أجل تحقيقها ثورة 25 يناير.

 

وقد كان الاختفاء المريب للرئيس ــ المقرر أن يكون قد ألقى خطبة للشعب أمس قبل كتابة هذه السطور ــ وامتناعه عن الإدلاء بأية تصريحات آنذاك، توضح موقف الرئاسة من مليونيتى التحرير ونهضة مصر، ثم غيابه عن القيام بدوره فى إيقاف المعارك الدامية حول أسوار قصره الرئاسى أمس الأول، هى السقطة الكبرى للرئيس، الذى اختفى تماما من حياتنا، فى الوقت الذى كانت فيه القاهرة والعديد من المحافظات تضع الرتوش الأخيرة على البروفة النهائية لحرب أهلية دامية، وهو ما جعل ملايين المصريين يرون أن من يدير البلاد الآن بالفعل هم المرشد وأعضاء مكتب الإرشاد، وليس الرئيس مرسى!

 

والحقيقة أن الرئيس مرسى كان ضحية علاقته الغامضة بمكتب الإرشاد، وضحية لما يتصوره صقور الإخوان الذين خططوا لمعركة الاتحادية، وكأنها معركتهم الأخيرة للاستمرار فى حكم مصر، ففعلوا ما لم يستطع مبارك أن يفعله إلا فى لحظات سقوطه الأخيرة، عندما قمع معارضيه بالقوة المفرطة، وهو ما لجأ إليه مكتب الإرشاد ضد المعارضين السلميين فى الاتحادية، وتهديده الذى لم ينفذه بطرد معتصمى التحرير بالقوة أيضا.. وقبل ذلك كله فإن الرئيس مرسى نفسه ضحية سياسات فاسدة رعاها الإخوان ومعظم فصائل السلفيين، بأنهم قادة الفتح الإسلامى الثانى لمصر، بعد فتحها الأول على يد عمرو بن العاص، فى دعاية فجة بأن الإسلام لم يدخل مصر بعد، وأن ملايين المسلمين فى مصر هم كفرة من حيث لا يدرون، وبأن معارضى الإخوان والسلفيين، هم بالضرورة ضد الإسلام وضد الشريعة الغراء، فى أكذوبة تروجها قيادات إسلامية من هذه التيارات، للحفاظ على مصالحها، وللسيطرة على الرأى العام بتزييف وعيه وأفكاره.

 

ما ينبغى أن يدركه الرئيس ومكتب الإرشاد، أن الحرب الأهلية تدق بعنف على أبواب مصر، وانهما الوحيدان المسئولان عن إشعال فتيلها، وأن ما حدث أمس أمام قصر الرئاسة سيتكرر مرارا وتكرارا، طالما استمر الإخوان فى تنفيذ مخططهم السرى للهيمنة على الدولة وعلى سلطاتها المختلفة.. وساعتها سيكون الإخوان أول الخاسرين.. رغم انتصارهم فى تحرير الاتحادية من المعتصمين

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved