لماذا يجرى مهرجان الأنفاق الآن تحديدا؟

من الصحافة الإسرائيلية
من الصحافة الإسرائيلية

آخر تحديث: الجمعة 7 ديسمبر 2018 - 10:30 م بتوقيت القاهرة

ماذا نعرف عن عملية «درع شمالى»؟ هدفها لا يزال غير واضح. الجيش الإسرائيلى عثر على أنفاق حفرها حزب الله، وحيّدها، ومن المعقول الافتراض أنه كان من المقرّر أن تدخل عناصره بواسطتها إلى أراضى إسرائيل، سواء خلال الحرب، أو للقيام بهجمات محدودة. لماذا بدأت العملية فى هذه الأيام تحديدا؟ هنا الجواب أقل وضوحا.
عرض رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو العملية بصفتها مهمة جدا لأمن إسرائيل، وأوضح الناطق بلسان الجيش أن المقصود خطوة هدفها الرد على حاجات عملانية. تجرى العملية حاليا داخل أراضى إسرائيل، لكن الناطقين الرسميين يلمحون إلى أنه عند الحاجة فإن العملية ستجرى أيضا خارج أراضى إسرائيل. ومع ذلك، لماذا يجرى هذا الآن تحديدا؟
أنفاق حزب الله تعرفها المؤسسة الأمنية منذ وقت لا بأس به، وفى تقدير صحفيين ومعلقين يهتمون بهذا الشأن أن هدف العملية الإشارة إلى حزب الله، وفى الأساس إلى رعاته الإيرانيين، بأن عليهم وقف نشاطاتهم داخل لبنان ــ والمقصود مصانع الصواريخ الدقيقة التى ستزيد من خطر حزب الله وتفاقمه.
لكن إذا كانت المؤسسة الأمنية على معرفة بالأنفاق، من المعقول الافتراض أنها تعرف أيضا كل تقدم يحدث فى مسألة الصواريخ الدقيقة. فى الماضى القريب، لم تتردد إسرائيل فى قصف شحنات كانت تنقل سلاحا أقل أهمية إلى حزب الله، ويمكن أن نفترض بحذر عدم حدوث تغيير راديكالى على الأرض. فإذا كان هذا هو الوضع، ما سبب الإلحاح للقيام بخطوة تقوض الاستقرار الهش فى الشمال؟ التقدير هو أن روسيا غير الراضية عن العمليات الإسرائيلية فى سوريا، هى على وشك «إغلاق الأجواء» فوق سوريا ولبنان، من هنا ضرورة العمل ضد تعمق الوجود الإيرانى بأسرع ما يمكن.
ردا على سؤال «لماذا الآن» سيكون هناك دائما جواب من مدرسة «لا مفر من ذلك». يؤكد تتابع الأحداث فى الأيام الأخيرة إلى أى حد هذا الجواب فارغ. الأنفاق ملحة بسبب الصواريخ، والصواريخ ملحة بسبب الروس. ألم يكن الروس من أفضل أصدقائنا خلال فترة هجمات «لا مفر من ذلك»، منها ضد أهداف إيرانية فى سوريا؟ ألم تكن فى الأمس العمليات الإيرانية فى سوريا تشكل تهديدا محتملا يجب معالجته؟ كيف تغيرت هذه الافتراضات الأساسية تقريبا فجأة؟
بخلاف الذين يرون فى العمليات فى الشمال محاولة لتحويل انتباه الرأى العام عن التحقيقات مع رئيس الحكومة، أنا أعتقد أن الموضوع مختلف: تجد إسرائيل صعوبة كبيرة فى تحديد تهديد غير «وجودي» أو «مباشر». الموقف المهادن لا يهم القيمين على الأمر، وفى الأساس متخذى القرارات عندنا؛ إنه يهم فقط قلّة فى الأطراف.
وهكذا يبدأون باستخدام أداة التهديدات. إذا كانت الأنفاق ليست دراماتيكية بصورة كافية، نربطها بالصواريخ، ونربط الصواريخ بالروس. ما دام يوجد تهديد «وجودى» ستكون إسرائيل فى حالة استنفار. لكن الواقع فى الشمال وأيضا فى الجنوب بصورة عامة أكثر تعقيدا. هناك درجات من التهديدات التى تواجهها إسرائيل، تستطيع أن تتعايش مع الجزء الأكبر منها، وتستطيع تحييد أكثريتها بوسائل مضجرة جدا. إن النظرة إلى الواقع الإقليمى ككارثة لا يمكن منع حدوثها، هى من نوع النبوءات التى تحقق ذاتها بالتأكيد فى وقت قريب. نظرة كهذه تضر بالأمن القومى لإسرائيل.

أروى غودلبرغ
يديعوت أحرونوت

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved