الوقت الصحيح لمواجهة إيران

من الصحافة الإسرائيلية
من الصحافة الإسرائيلية

آخر تحديث: السبت 7 ديسمبر 2019 - 11:20 م بتوقيت القاهرة

بنينا شوكر
فى نهاية الأسبوع الماضى صرّح وزير الدفاع نفتالى بينت باستعداده للمبادرة إلى القيام بعملية عسكرية تؤدى إلى إبعاد إيران عن حدود إسرائيل. فى رأيه، أخطأت إسرائيل عندما قلصت بصورة كبيرة حجم عملياتها ضد إيران فى الأشهر الأخيرة، ففى ضوء الوضع الداخلى العاصف فى دولة آيات الله، نشأت حاليا فرصة ملائمة للعمل على التخلص من الوجود الإيرانى فى سوريا. من جهة، تصريح بينت فيه تباهى، ومن المهم توضيح الأمور: الافتراض أن لدى إسرائيل القدرة على إجبار إيران على التخلى كليّا عن طموحاتها وأرصدتها فى سوريا ــ أمر مبالغ فيه. الطريق إلى طرد إيران من سوريا تمر بالكرملين، ومن الصعب التفكير فى أن إسرائيل ستختار الاحتكاك المباشر بروسيا. بالإضافة إلى ذلك، وُقّع اتفاق تعاون عسكرى بين طهران ودمشق فى سنة 2018، تعهدت بموجبه إيران بإعادة بناء الجيش السورى الذى تلقى ضربة قاسية خلال الحرب الأهلية المستمرة، ومن جهتها، أعلنت سوريا مؤخرا أنها ستمنح إيران الأفضلية فى عملية إعادة الإعمار الاقتصادية. فى ضوء ذلك، من الواضح أن إسرائيل ليست قادرة على إجبار إيران على الانسحاب من سوريا، وانطلاقا من هذا الفهم يجب أن نحدد أهدافا محدودة قابلة للتنفيذ فى هذه المنطقة، بوسائل محدودة.
من جهة أُخرى، هذا ليس معناه أنه يجب الاستمرار فى سياسة «اجلس ولا تفعل شيئا» التى انتُهجت إزاء إيران منذ أزمة إسقاط الطائرة الروسية فى سبتمبر2018، والعملية الوحيدة التى شذّت عن هذا الإطار، كان الرد الإسرائيلى الاستثنائى فى حجمه على إطلاق فيلق القدس 4 صواريخ، قبل نحو أسبوعين. الوقت ينفذ فى مواجهة إيران، وفى المقابل، عدوانيتها تزداد: بالإضافة إلى التمركز العسكرى والاقتصادى فى سوريا، يجب الإشارة إلى معاودة تخصيب اليورانيوم فى منشأة فوردو النووية، ودعمها المتشعّب للتنظيمات الإرهابية فى القطاع [قطاع غزة]، وصلتها بمشروع حزب الله للصواريخ الدقيقة. فى مقابل ذلك، من الواضح أن الردع الإسرائيلى أخذ يتآكل. ولذلك، يتعين السعى لإبطاء تعاظُم القوة العسكرية لإيران بقدر المستطاع، بواسطة العودة إلى القيام بهجمات جراحية على أرصدتها العسكرية فى سوريا، فى الحقيقة لن تؤدى إلى تدمير الوجود الإيرانى فى سوريا، لكنها قادرة على عرقلته.
صحيح أنه خلال عملية «House of cards» فى مطلع مايو سنة 2018، تعرضت البنية التحتية العسكرية لإيران فى سوريا لضربة قاسية، لكن إيران عملت، منذ ذلك الحين، على إعادة بنائها، لذا، من المفيد استغلال الفرصة لضربها من جديد، بينما ضربة انتقامية من جانبها ليس مريحا بالنسبة إليها، ومن المعقول الافتراض أنها ستفضل استيعاب الضرر. من المعقول أيضا ألّا يسكت الروس عن تجدد الهجمات على سوريا، لكن التقديرات بشأن قوة ردهم المتوقع مبالغ فيها، وذلك ما دامت بطاريات الصواريخ المضادة للطائرات Sــ400 التى هى من إنتاجها لم تتضرر، وما دام استقرار نظام الأسد لم يتعرض للخطر.
يجب أيضا استغلال حقيقة أن إدارة ترامب هى شريك مثالى للسياسة الصارمة إزاء إيران، والدليل هو أن العقوبات الاقتصادية التى فُرضت على طهران فى عهد ترامب هى أقسى ما عرفته إيران. ليس من المستبعد بعد انتخابات 2020، أن يكون من الصعب جدا الحصول على دعم أمريكى للعملية، وعلى هذا ــ من بين أمور أُخرى يعتمد الإيرانيون.
يبدو أنه فى السنوات الأخيرة، ولأسباب تتعلق بالحصول على شرعية داخلية ودولية، تحول تعبير «ضربة وقائية» إلى مصطلح يسود صمت تام عند ذكره. يجب أن نتذكر نتائج انعكاسات سياسة «الصواريخ ستصدأ» [المقصود صواريخ حزب الله] التى انتُهجت فى السنوات التى سبقت حرب لبنان الثانية، والتى مكّنت حزب الله من إظهار قدرة الصواريخ قصيرة المدى، والتى حافظ عليها حزب الله حتى اليوم الأخير من الحرب. وإذا كنا بصدد ذكر لبنان، يجب أيضا أن ندرس حاليا هجوما جويا واسعا على المصانع التى يُنفَّذ فيها مشروع الصواريخ الدقيقة، تماما لنفس السبب.
على الرغم من الثمن الذى يمكن أن تدفعه إسرائيل لقيامها بهذه العمليات فى لبنان وسوريا، فإنه من الأفضل أن تدفعه الآن، لأن ثمن ضبط النفس يزداد ويكبر. على الرغم من التحفظات عن الطريقة التى عرض فيها بينت وجهة نظره إزاء إيران، والشك فى تقدير قدرته على العمل فى فترة حكومة انتقالية، التشدد فى السياسة إزاء إيران أمر مطلوب ــ ومن الأفضل أن نفعل ذلك فى أقرب وقت، لأن نافذة فرصة القيام بذلك آخذة فى النفاذ.
باحثة فى معهد دراسات الأمن القومى
يسرائيل هَيوم
مركز الدراسات الفلسطينية

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved