أسئلة ما بعد شفيق

محمد عصمت
محمد عصمت

آخر تحديث: الإثنين 8 يناير 2018 - 10:10 م بتوقيت القاهرة

يخطئ بعض مؤيدي الرئيس عبدالفتاح السيسى كثيرا إذا تصوروا أن انسحاب الفريق أحمد شفيق من انتخابات الرئاسة يصب فى مصلحتهم، رغم أنه بدون أى شك يسهل المعركة الانتخابية عليهم، ويضمن ــ على الأقل حتى الآن ــ فوزا مريحا لمرشحهم تماما كما حدث فى 2014، حينما فاز الرئيس السيسى بأصوات 97 % من أصوات الناخبين، مقابل 3% لمنافسه الوحيد حمدين صباحى!

ما يتجاهله هؤلاء المؤيدون أن الانتخابات الحرة النزيهة بين مرشحين أقوياء يعتبر أهم وسيلة لتقوية شرعية الحكم، وضمان استناده إلى قبول شعبى واسع حتى من أنصار المرشح الخاسر بل وقبل أنصار المرشح الفائز، وإلى رضاء جماهيرى عن إجراءات الانتخابات نفسها، وهى أمور يحتاجها الرئيس السيسى بشدة إذا قرر خوضها كما هو متوقع، حتى لا تتحول هذه الانتخابات إلى ما يشبه الاستفتاء قد يقاطعه غالبية الناخبين، خاصة مع القرارات الاقتصادية غير الجماهيرية التى يتخذها الرئيس، وأدت إلى تراجع شعبيته على مدى السنوات الأربع الماضية.

فى نفس الوقت، فقد جاء إعلان شفيق انسحابه من السباق الرئاسى ليثير العديد من التساؤلات الحائرة حول أسباب تعرضه لضغوط من جهات ما فى دولة الإمارات لمنعه من السفر وعدم ترشحه للرئاسة، كما اعترف بها هو شخصيا أمس الأول فى حواره التليفزيونى الثانى مع وائل الإبراشى، رغم نفيه لها من قبل؟ وهل يعنى ذلك أنه تعرض أيضا لضغوط من جهات ما أيضا فى مصر، رغم نفيه لها أيضا الآن؟! ثم ما هى تفاصيل دراسة الفريق شفيق للواقع وللأوضاع فى مصر وجعلته يقول إنه لن يكون المرشح المثالى للرئاسة فى هذه المرحلة؟ وهل هناك جوانب غامضة تمس الأمن القومى مثلا جعلته يرفض البوح بأسباب انسحابه؟ أم أن هذا الجوانب تمس محطات ما فى مسيرته التنفيذية حينما كان وزيرا فى حكومة الرئيس الأسبق حسنى مبارك؟

مبررات شفيق التى أعلنها للانسحاب من الانتخابات لم تقنع أحدا فى مصر، وتركت أبواب الشائعات مفتوحة على مصراعيها حول الأسباب الحقيقية لقراره هذا، وهو وضع لن يجعل انتخابات الرئاسة المقبلة، تجرى فى أجواء تنافسية حقيقية يتوافر فيها الحد الأدنى من القواعد والأعراف الديمقراطية المقبولة لا محليا ولا دوليا.

الانطباع السائد أن هناك توجهات ما من السلطة لهندسة هذه الانتخابات، للاستمرار فى تنفيذ سياسات لا يوافق عليها الكثير من المصريين، خاصة تلك التى تتعلق بالمجال الاقتصادى بمشاريعه القومية الكبرى، وبالقروض الخارجية الفلكية والتى أدت إلى انهيار مستويات معيشة الغالبية العظمى من المصريين، والذين كانوا يتطلعون إلى موسم الانتخابات لتثار فيها مناقشات ديمقراطية على نطاق واسع حول جدوى هذه السياسات وبدائلها المحتملة، ومتى وكيف ستنعكس آثارها الإيجابية عليهم؟ وحول فلسفة الحرب على الارهاب المطبقة حاليا؟ وعلى أوضاعنا الديمقراطية بشكل عام وما يثار بشأنها حول حقوق الانسان وحرية الرأى والتعبير بشكل خاص؟ وحول سياساتنا الخارجية وفى القلب منها كيفية إدارة الصراع العربى ــ الإسرائيلى ومواجهة مؤامرات تهويد القدس؟ وأيضا كيفية الحفاظ على حقوقنا فى مياه النيل بعد بناء سد النهضة والعلاقات المتوترة مع السودان وإثيوبيا؟

الأسابيع المقبلة قد تحمل مفاجآت تنقذ الانتخابات من السقوط فى فخ الاستفتاء، فقد نشهد دخول أحد الأسماء الكبيرة السباق الرئاسى بدعم من القوى السياسية المعارضة للتوجهات الراهنة، قد ينجح فى إضفاء الحيوية عليها، وقبل ذلك قد ينقذها من المقاطعة الشعبية التى قد تكون البديل الوحيد المتاح لغالبية الناخبين!

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved