قاضي الغرام

محمود قاسم
محمود قاسم

آخر تحديث: الجمعة 8 يناير 2021 - 7:10 م بتوقيت القاهرة

بالنسبة للمخرجين الذين عرفوا بغزارة إنتاجهم فإنهم كانوا يبحثون دوما عن نصوص متشابهة ويقومون بإعادة إخراجها على مر الزمن اكثر من مرة. على رأس هذه القائمة، حلمى رفلة وحسن الإمام وبركات وحسن الصيفى، وهو أضعفهم من الناحية الفنية وأكثرهم خفة فى التعامل مع النصوص، ولا أكاد أذكر له فيلما واحدا منذ بدايته فى أوائل الخمسينيات وحتى رحيله ولا أجد أى تفسير لهذا الأمر، وبالنسبة لفيلم قاضى الغرام الذى قدمه عام 1962 فرغم عدم نجاح الفيلم تجاريا إلا أنه أعاد إخراج نفس الفكرة فى فيلم البنات عايزة إيه بعد خمسة عشر عاما حيث تدور القصة حول محرر الشئون العاطفية فى احدى المجلات الأسبوعية الذى تلجأ اليه المراهقات والبنات اللائى يعانين من اضطرابات عاطفية ويجدن فيه حلال المشكلات أو ما اسماه بالفيلم بقاضى الغرام، فيقعن فى هواه ويرينه البديل الأمثل للخروج من الازمات العاطفية أو المشكلات الشبابية وهنا فإن قاضى الغرام أو عبدالسلام النابلسى يقع فى حب احدى البنات اللائى يرسلن له الخطابات وهو الموضوع الرئيسى فى الفيلم الثانى.

نتكلم اولا عن عبدالسلام النابلسى فى سنواته الاخيرة فى السينما المصرية وهى فترة تعبر عن حيرته الشديدة ورغبته فى التخلص من شخصية الممثل الذى لا يتحرك بعيدا عن الدور المساعد وظل يبحث عن البطولة لأكثر من عشرين عاما دون ان تحقق له، فاضطر إلى انتاج مجموعة من الافلام تتيح له القيام بالشخصية الرئيسية فى افلام منها: «حبيب حياتى»، «حلاق السيدات»، «عاشور قلب الأسد» ثم «قاضى الغرام».

ومن الواضح ان التجربة لم تسفر عن نتيجة ملموسة فقبل القيام بدرو ثانوى فى فيلم «السبع بنات» لعاطف سالم ثم غادر مصر هربا من مطاردات الضرائب وتحول إلى ممثل مساعد فى أفلام لبنانية عديدة دون أن يعود إلى القاهرة مرة أخرى.

كان النابلسى يدرك تماما أن المتفرج لن يأتى لمشاهدته إلا إذا كان بصحبته نجوم كبار مثل صباح واحمد رمزى فى حبيب حياتى ومثل اسماعيل يس فى حلاق السيدات ومثل نادية لطفى وحسن يوسف فى قاضى الغرام، أما فيلم عاشور قلب الأسد من انتاج رشدى اباظة فقد كان هو البطل المطلق للفيلم ولا اعرف لماذا يستمر فى مثل هذه الأدوار يعنى هذا ان الانتاج وحده لم ينقذ الممثل من مصيره الذى عرفناه والغريب ان الامر تكرر مع ممثل اخر من جيل اخر هو عبدالمنعم ابراهيم فى فيلم سر طاقية الاخفاء.

اما عبدالسلام النابلسى فى تلك الفترة فقد كان اكثر لياقة وهو يقوم بالدور المساعد مع عبدالحليم حافظ فى فيلم يوم من عمرى. وعلى كل فهو فى فيلم قاضى الغرام ممثل مفتعل افتقد إلى الطبيعية يبدو حريصا على البطولة دون أن يكون مهتما بتقديم شخصية تغير من مسيرته فهو الصحفى الذى يقدم الحلول للشابات الواقعات فى ازمات عاطفية.

وهناك قصة موازية يجسدها حسن يوسف مع لبلبة كأنه يشعر ان موضوع قاضى الغرام غير كاف لصناعة فيلم يقبل عليه الناس.

وهذا يعكس ازمة الكثير من الممثلين الذين أنتجوا باموالهم لحساب غيرهم وذلك عكس ما فعلته نبيلة عبيد فى فيلم «ولا زال التحقيق مستمرا» اذ يجب ان يكون الممثل هو الشخصية الرئيسية ويفضل الا يكون تقليديا فالصحفى هنا يعانى من رفض والد حبيبته له وبالتالى فان هناك مقالب ومواقف مفروض أنها مضحكة وتؤدى إلى نتيجة عكسية.

أنا لا أكتب هنا نقدا سينمائيا بقدر ما احاول قراءة بعض الاشياء فى الفيلم فلم ينتبه احد إلى دور الممثلة زيزى البدراوى كضيفة شرف فى هذا الفيلم قبل نزول العناوين حيث تؤدى دور فتاة واقعة فى حب المطرب عبدالحليم حافظ وتضع صورته الكبيرة على الحائط وتتحدث إلى والديها والى المشاهدين انها تحبه كثيرا، قد لا يعرف احد ان هذا مشهد مصطنع لا علاقة له بقاضى الغرام ولكن يقال ان حالة من الكراهية احاطت بالممثلة بعد ان جسدت دور الحبيبة التى ترفض حب وعواطف جارها محمد «عبدالحليم حافظ» فى فيلم البنات والصيف فارادت ان تقدم هذا المشهد لتعبر انها متيمة بالمطرب الذى كان دائما فاتنا للبنات فى كل الاجيال، ومن هنا فان مشاهدة مثل هذه الافلام الساذجة قد يفسر فى بعض الاحيان مشاهد أو مواقف أو علاقات تربط بين اهل الفن وبعضهم.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved