معهد جديد للسرطان

ليلى إبراهيم شلبي
ليلى إبراهيم شلبي

آخر تحديث: الإثنين 8 فبراير 2010 - 9:31 ص بتوقيت القاهرة

 حملت الصحف إلينا نبأ هدم مبنى معهد الأورام بعد أن تصدعت جدرانه وأصبح آيلا للسقوط ككل المبانى التى يشيدها الفساد. أضاف الخبر أن الأرض ستتحول إلى حديقة وجراج وأنه قد تقرر مبدئيا الشروع فى بناء معهد جديد فى السادس من أكتوبر. رددت كل الصحف التى نشرت الخبر أن هذا مشروع قومى يحتاج استنفار المواطنين للتبرع فالحكومة وحدها ليست قادرة على تدبير نفقات هذا المشروع الضخم.

حضرتنى صور عديدة للإعلانات التى يعلو مدها خاصة فى شهر رمضان وملامح الأطفال التى امتزجت فيها البراءة بالخوف والألم وما تحدثه فى النفوس من مرارة تقضى على البقية الباقية من أى أمل فى لحظة بهجة إنسانية عادية. إعلانات تسدد بالملايين من حصيلة ملايين كثيرة يدفعها الإنسان المصرى العادى محدود ومتوسط الدخل مما قد يحتاجه البيت فيحرم على الجامع، لكنه أبدا لا يبخل به على مريض السرطان.

قضية السرطان فى مصر ليست قضية. مبنى آيل للسقوط نستبدله بآخر من حصيلة تبرعات المواطنين إنما هى قضية معقدة تتشابك فيها خيوط كثيرة تجر وراءها عددا من المشكلات المصرية المحلية التى تترك بصماتها على طبيعة المرض. أسئلة كثيرة يجب الإجابة عنها فى آن واحد ونحن نبنى المستشفى الجديد.

لماذا انتشر السرطان فى مصر إلى هذا الحد وعرفنا مؤخرا أنواعا لم نعرفها من قبل؟ لماذا لم يسلم منه الأطفال؟ أيهما أكثر خطورة التلوث أم السرطان؟ هل لأمراض سوء التغذية علاقة بانتشار السرطان خصوصا عند الأطفال؟ هل هناك دراسات مصرية علمية ترصد تطور وانتشار السرطان فى مصر؟ هل من سبيل للتعاون بيننا وبين بعض دول العالم التى أثبتت تفوقا باهرا فى علاج السرطان مثل فرنسا والولايات المتحدة وكندا؟

لماذا لا يقبل الطبيب المصرى على التخصص فى علم السرطان (Oncology) بفروعه الطبية والجراحية والمعاونة مثل التشخيص المبكر؟ هل سرطان الثدى هو الاهتمام الأوحد لبرامج الوقاية أم أن هناك ما هو أخطر ويستحق الدراسة، ويوجب الجهد الأكبر فى التوعية؟ معهد جديد يجب أن يضم مركزا متكاملا للبحث والدراسة وتدريب الأطباء والمعاونين والتمريض له أثر فى المجتمع قادر على شرح قضية السرطان، الذى تشكلت له ملامح مصرية. إلى جانب مستشفى يتبنى بروتوكولات علاج عالمية مدروسة وخطة لمتابعة المريض صحيا ونفسيا، وأدوات حديثة للتشخيص متاحة، ومبنى مستقل للجراحة وآخر لاستقبال وضيافة أهل المريض لمساندته خصوصا الأطفال. مبنى جديد له ملامح إنسانية وإن غابت عنه الأناقة وحضر العلم. وللحديث بقية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved