قانون الإعلام الموحد.. وداعـًا

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الإثنين 8 فبراير 2016 - 10:25 م بتوقيت القاهرة

قبل أيام قليلة قابلت أحد الأعضاء البارزين فى مجلس النواب، على هامش افتتاح الرئيس عبدالفتاح السيسى لمشروعات الهيئة الهندسية للقوات المسلحة.

النائب قال لى إنه واثق أن مجلس النواب سوف يفاجئ الجميع، ولن يصدر قانون الإعلام الموحد، الذى أعده الإعلاميون بصورة نموذجية، وبديل ذلك، سيقوم المجلس بإنشاء المجالس الثلاثة التى نص عليها الدستور، لكن بصورة منفصلة وليست فى إطار القانون الموحد. والمجالس الثلاثة هى: «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» و«الهيئة الوطنية للصحافة» و«الهيئة الوطنية للإعلام»، إضافة إلى جزء مهم فى القانون يتعلق بإلغاء العقوبات السالبة للحرية.

وقال النائب إن القانون الموحد الذى قدمته لجنة الخمسين، لن يتم إقراره بالصورة التى انتهى إليها، وتم تقديمها إلى المهندس إبراهيم محلب قبل أيام قليلة من خروجه من رئاسة الحكومة، وأغلب الظن طبقا لنفس المصدر، فإن هناك صيغة توافقية من المشروع أو الصيغة التى انتهت إليها اللجنة السباعية التى شكلها محلب، وبين مشروع القانون الذى قدمته لجنة الخمسين والمشكلة من جميع أطياف الجماعة الصحفية والإعلامية.

وطبقا لفلسفة الصيغة الجديدة، فإن أنصار هذا التيار يقولون إنهم يعملون طبقا للدستور بإنشاء المجالس الثلاثة أولا، لكى يتم أخذ رأيها فى القانون البديل الموحد، الذى قد يتم إصداره خلال شهرين أو ثلاثة أشهر من إنشاء المجالس الثلاثة.
وفى المعلومات التى حصلت عليها أيضا، فإن حق تعيين معظم أعضاء المجالس الثلاثة سيكون لرئيس الجمهورية، وليس عبر ترشيح العديد من الجهات، كما اقترح مشروع القانون الموحد للإعلام.

مصدر إعلامى آخر قابلته لاحقا قال لى، إن هذه الصيغة المعدلة تقف وراءها وزارة العدل وبعض الإعلاميين داخل مجلس النواب، ومعظم الحكومة.

وتوقع المصدر أن يكون هناك صراع شرس على رئاسة المجلس الوطنى، وأن هناك قوى اقترحت أسماء لصحفيين كبار، مثل مكرم محمد أحمد وصلاح منتصر، فى حين يرى البعض ضرورة وجود رئيس صغير السن نسبيا لرئاسة المجلس المرشح، ليلعب دورا بارزا فى صياغة المشهد الإعلامى فى المرحلة المقبلة.

لو تم تنفيذ هذه الصيغة، فالمؤكد أن معركة حامية الوطيس سوف تنشب فورا بين غالبية الإعلاميين من جهة، وبين الحكومة والرئاسة ومجلس النواب من جهة أخرى.

الإعلاميون من كل الأطياف جلسوا معا فى جلسات مطولة، وتناقشوا، وفى النهاية أنجزوا القانون الموحد، وعندما قدموه اعتقدوا أنهم قاب قوسين أو أدنى من إنجاز حلمهم، بقانون عصرى يوازن بين حرية الإعلام والأمن القومى حتى بمفهومه الحكومى.
فى المقابل، كانت هناك قوى داخل معسكر أهل الحكم لها رأى آخر، وهى أن قانون الإعلام الموحد به طموحات أكثر مما ينبغى أن يحصل عليه الإعلاميون الآن، وبالتالى ينبغى أن تتم «قصقصة ريش القانون، وتهذيبه وإصلاحه».

حين أرسل الإعلاميون قانونهم الموحد، تم ركنه جانبا، وجرى إخراج القانون الذى أعدته «مجموعة محلب»، لكن كان هناك رأى يحذر من مغبة الدخول فى صدام مكشوف مع الصحفيين والإعلاميين، وجرى تغيير الخطة فى اللحظة الأخيرة، بحيث يتم المزج بين القانونين لتسويق قصة خلاصتها أنه تم إرضاء الجميع.

الإعلاميون لم يكونوا متصلبين، وكانوا منفتحين تماما على أى تعديلات، لكنهم لم يتوقعوا بالمرة هذه الخطة الجهنمية القاضية بتفكيك القانون الموحد، بصورة تعنى نسفه عمليا.

حقيقة لا أعلم من هو صاحب هذا الاقتراح الكارثى، الذى ربما يعيد سيناريو القانون ٩٣عام ١٩٩٥، حينما اعتقدت الحكومة أنها يمكنها أن تقوم بتفصيل قانون على مقاس أحلامها ومصالحها لتكميم أفواه الصحفيين الذين تصدوا بصورة موحدة للقانون الظالم، وتمكنوا من إسقاطه وأنجزوا فى العام التالى القانون رقم ٩٦ ، وأثبتوا أنهم قوة مؤثرة.

السؤال: هل تريد الحكومة أن تدخل فى معركة مع الإعلام،؟ وهل فى مصلحة الطرفين أن يدخلا فى هذا الصراع العبثى؟، أم أننا سائرون جميعا إلى المعركة العبثية الأكبر؟!!.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved