يسقط الأزهر.. ويحيا الأمن القومى

أشرف البربرى
أشرف البربرى

آخر تحديث: الأربعاء 8 فبراير 2017 - 9:05 م بتوقيت القاهرة

فجأة انتفضت المليشيات الإعلامية الموالية للسلطة ضد الأزهر وهيئة كبار العلماء لمجرد أنها رأت ما لم تره رئاسة الجمهورية فى قضية حجية الطلاق الشفهى، فالرئيس دعا خلال احتفالات عيد الشرطة إلى إيجاد إطار شرعى وقانونى يضمن عدم وقوع الطلاق إلا إذا تم أمام المأذون أو القاضى وتم توثيقه، ولكن هيئة كبار العلماء وهى أعلى مرجعية علمية فى مجال الفقه والشريعة رأت خلاف ذلك.

الطريف واللافت للنظر مجددا أن كتابات وأقوال أفراد هذه المليشيات، على اختلاف مستوياتهم وأعمارهم، استخدمت تقريبا المفردات والعبارات نفسها فى الهجوم على الأزهر و«كبار العلماء»، وانطلقوا جميعا من عبارة واحدة وردت فى بيان هيئة كبار العلماء تقول: «فليس الناس الآن فى حاجةٍ إلى تغيير أحكام الطلاق، بقدر ما هم فى حاجةٍ إلى البحث عن وسائل تُيسِّرُ سُبُلَ العيش الكريم» لمهاجمة الأزهر والتحريض عليه، بدعوى أن «كبار العلماء» بهذه العبارة ارتكبوا خطيئة لا تغتفر وخلطوا الدين بالسياسة، وهى الكلمات التى يبدو أنه تم توزيعها على أفراد المليشيا الإعلامية فتكررت فى كل كتاباتهم تقريبا، يتساوى فى ذلك «مندوبو وزارة الداخلية فى الصحف» و«رئيس التحرير السابق».

كما اتفق أفراد هذه المليشيا باختلاف لغتهم، على أكذوبة أن الأزهر الشريف تجاوز دوره عندما تحدث عما يعانيه الناس من نتائج السياسات الاقتصادية التى رفعت معدلات الفقر وهوت بقيمة الجنيه إلى أسفل سافلين، وقالوا إن هذا ليس دور الأزهر وأنه يسعى إلى لعب دور سياسى، مع أن النظام الحاكم الحالى هو الذى استدعى الأزهر ومعه الكنيسة وأقحمهما فى قلب المشهد السياسى عندما حرص على وجود الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب والبابا تواضروس فى الصورة التذكارية المرافقة لإعلان عزل الرئيس الأسبق محمد مرسى، فهل كانا موجودين لكى تحل البركة على المؤتمر الصحفى بعيدا عن السياسة؟.

بيان هيئة كبار العلماء لم يحمل أى تجاوز ولا خروج عن دور الأزهر، ولا عن حدود النقاش الجاد للمشكلة التى طرحها الرئيس عبدالفتاح السيسى المتعلقة بارتفاع معدلات الطلاق.

من يقل إنه ليس من حق الأزهر أو رجل الدين أن يدلى بدلوه فى قضايا المجتمع بعيدا عن المنظور الدينى هو شخص أفاك لأنه لا يقول ذلك إلا عندما يأتى الكلام على خلاف ما تهوى السلطة.

ومن استباحة الأزهر وكبار علمائه لمجرد أنهم رأوا غير ما ترى السلطة، إلى أحدث محاولات فرض السرية على استباحة المال العام وإهداره تحت شعار «الأمن القومى»، حيث اعتبر الدكتور على عبدالعال رئيس مجلس النواب أن الكشف عن ميزانية المجلس وما ينفقه أو يحصل عليه «النواب الموقرون» تهديدا للأمن القومى، هذه التصريحات ليست إلا حلقة جديدة من مسلسل محاولات كل مؤسسة من مؤسسات السلطة إضفاء السرية على ميزانياتها ومخصصات رجالها تحت شعار «الأمن القومى»، فالسادة القضاة يرون أن الحديث عن رواتبهم ومخصصاتهم «أمن قومى» والأجهزة الأمنية وما فوق الأمنية بالطبع ترى الأمر كذلك.

الحقيقة أن ابتذال مفهوم الأمن القومى بهذه الصورة، ومحاولة استغلاله لحرمان الشعب من معرفة كيفية إنفاق أمواله القليلة، خطيئة كبرى ضد «الأمن القومى» بمفهومه الحقيقى الذى يجب أن ينطلق من ثقة الشعب فى كل مؤسساته واحترام هذه المؤسسات لمعاناة الشعب وفقره، وحرصها على الشفافية التى ستحد بالتأكيد من كل أشكال الإهدار أو التبديد لآن الحكمة الشعبية الراسخة تقول إن «المال السايب يعلم السرقة»، وفى أفضل الأحوال فإن «المال السايب يعلم الإهدار».

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved