الإخوان.. وقوى الثورة

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الأربعاء 8 يونيو 2011 - 8:36 ص بتوقيت القاهرة

 لو صدقنا البيانات والتصريحات الرسمية فإن القواسم المشتركة بين جماعة الإخوان المسلمين وبقية القوى السياسية خصوصا الجديدة التى أنجزت الثورة أكبر بكثير من الاختلافات بينهما ولذلك يبدو غريبا الغمز واللمز بينها والذى ينذر بما هو أسوأ.

يجمع الفريقان أنهما تعرضا للظلم والتنكيل والمطاردة من النظام السابق، وبالتالى فلا يحق لفريق أن يمارس نفس السياسة ضد الآخر حتى لو كان عنفا لفظيا.

يجمع الفريقان إيمانهما بالحريات طبقا لما نسمعه منهما ليل نهار وبالتالى فلا يحق لأحدهما أن يدعو لمصادرة حرية الآخر لمجرد أنه اختلف معه فى أى قضية.

يقول الطرفان إنهما يؤمنان بالتعددية وبالتالى ينبغى على كل منهما أن يدافع عن حق الآخر فى الوجود والتعبير عن نفسه حتى لو اختلف معه فى كل أطروحاته.
يعلن الطرفان أنهما متمسكان بالديمقراطية وأبسط مبادئ ذلك أن يقبلا بالآخر، ويكون الحكم بينهما هو رأى الناس وصندوق الانتخابات.

قبل إسقاط مبارك كان الفريقان لا يتوقفان ليل نهار عن المطالبة بدستور عصرى يعزز الديمقراطية ويصون الحريات ويساوى بين الناس فى كل شىء. والآن صار الطرفان على المحك، وترجمة ذلك أن نجعل الدستور عنوانا للمستقبل ومتفقا عليه بين الجميع مسلمين ومسيحيين ..إخوان وشيوعيين ..ناصريين ووفديين،.. ليبراليين وسلفيين.

عانى الطرفان خصوصا الإخوان من تزوير الانتخابات التشريعية واستخدام البلطجة على نطاق واسع، وبالتالى فالمفترض أن يقاتل الفريقان بكل ما يملكان من عزيمة للمطالبة بقواعد وإجراءات وقوانين صارمة ضد تزوير الانتخابات، وإلا فإن كل الذى سيتغير هو الشكل وليس المضمون.

عانى الطرفان كثيرا من انفراد الحزب الوطنى «المنحل» بالحياة السياسية واحتلال غالبية مقاعد البرلمان منذ بدء تجربة التعددية الحزبية عام 1977. وبالتالى يفترض أن يحرصا على ضمان وجود أكبر تمثيل سياسى ممكن فى البرلمان المقبل على الأقل كى نرسى دعائم تجربة تعددية حقيقية.

تلك هى بعض القواسم المشتركة بين الطرفين وربما هناك ما هو أكثر، وبالطبع هناك خلافات منطقية، وبالتالى فإن أمام الفريقين خيارين:

الأول: أن يستمرا فى التلاسن والتنابز والتربص والتصيد الذى بدأ قبل أسابيع قليلة ليصلا إلى خصومة كاملة يقوم كل طرف فيها بـ«الشرشحة» للطرف الآخر.
وعلى الفريقين أن يدركا أن هذا الخيار يعنى أنهما يقدمان خدمة العمر لنظام حسنى مبارك الذى لم ينهار بالكامل حتى الآن وينتظر أى فرصة للانقضاض على الثورة وأصحابها.

الخيار الثانى: أن يفكر العقلاء فى المعسكرين بالمنطق وبالمصلحة وأن يتعاونا معا ــ على الأقل فى الفترة الانتقالية ــ من أجل العبور بأمان إلى المرحلة الدائمة وإنجاز الدستور الجديد والتأسيس لحياة سياسية ترتكز على أسس صحيحة.
إذا نجح الفريقان فى ذلك وتمكنا ــ بالتعاون مع القوات المسلحة ــ من وضع قواعد النظام الدائم يمكنهما أن يختلفا كما يشاءان بعد ذلك طالما كان ذلك طبقا للقانون.

العمل معا طبقا للقواسم المشتركة يعنى تقصير المرحلة الانتقالية وبدء الإنتاج والتقدم، أما مواصلة «اللعبة العبثية» التى تدور رحاها هذه الأيام فلا معنى لها إلا أن «أنصار حسنى مبارك» فى كلا المعسكرين قد تمكنا من إشغالنا بقضايا فرعية وهامشية.

فى السياسة يمكنك أن تتعاون مع كل منافسيك وحتى خصومك ــ وأحيانا حتى مع الشيطان ــ فما المانع من تعاون فريقين عاشا معا فى ميدان التحرير وأسقطا حسنى مبارك؟!.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved