برشلونة.. وسام الكمال

حسن المستكاوي
حسن المستكاوي

آخر تحديث: الإثنين 8 يونيو 2015 - 10:15 ص بتوقيت القاهرة

•• أنعم الملك فاروق على سيدة الغناء العربى أم كلثوم بهذا الوسام حين أطربته بأغنية ليلة العيد فى زيارته المفاجأة للنادى للأهلى فى الأربعينيات من القرن الماضى. وأنعمت «صاحبة الجلالة» الصحافة العالمية على فريق برشلونة بهذا الوسام بعد فوزه على يوفنتوس وإحرازه لقبه الأوروبى الخامس، والجمع بين ثلاث كئوس هذا الموسم.. الدورى، وكأس إسبانيا، وأبطال أوروبا.

•• سجل برشلونة أحد أعظم الأهداف فى تاريخ كرة القدم، وهو الهدف الأول الذى سجله الكرواتى إيفان راكيتيتش. فالفريق كله شارك فى صناعة هذا الهدف. الفريق كله تبادل الكرة ومررها 16 تمريرة قبل أن يهز راكيتيتش شباك بوفون.. هذا هدف يجسد فلسفة كرة القدم، كلعبة جماعية، ويجسد أسلوب تيكى تاكا، ودروس مدرسة برشلونة لامايسا لكل ناشئ ينضم إلى صفوفها، وأهم الدروس هو: «استقبل الكرة، ثم مررها، ثم تحرك. وافعل ذلك فى جملة واحدة متتالية وسريعة».. وهذا بالإضافة إلى اللمسات الإبداعية من نيمار حين مرر إلى إنيستا، ومن إنيستا حين مرر إلى راكيتيتش، فالتمريرة كانت إلى حيث يجب أن يكون الزميل قبل أن يكون؟!

•• بالطبع هناك أهداف رائعة فى تاريخ اللعبة. فهدف مارادونا فى انجلترا أثناء كأس العالم بالمكسيك كان عبقرية لاعب فرد. أما هدف برشلونة فى مرمى يوفنتوس فهو عبقرية فريق.. وأنا مع الفريق قبل الفرد.

•• فى الهدفين الآخرين، قدم برشلونة درسا مميزا فى الهجوم المضاد، وكيفية تطبيق قاعدة: «+ 1».. أى زيادة لاعب واحد فى كل خط من خطوط الفريق على خطوط المنافس. إلا أن بطل أوروبا زاد بأكثر من لاعب فى هجماته المضادة لاسيما الثانى فكانوا خمسة لاعبين ضد ثلاثة مدافعين، والخمسة يجرون كأنهم فى سباق خمسين مترا. وكانوا ثلاثة لاعبين ضد لاعبين. هكذا تأتى الأهداف من الهجمات المضادة.

•• يحتكر برشلونة نسبة الاستحواذ فى كرة القدم العالمية منذ عام 2003.. وهو غير وطور من أسلوب تيكى تاكا بعد رحيل جوارديولا إلى بايرن ميونيخ، فلم يعد التحضير طويلا ومملا وعرضيا، وإنما بات تحضيرا قصيرا عرضيا، ثم سريعا أماميا، ثم عاصفا يبعثر دفاعات المنافس هنا وهناك أمام صندوقه، وداخل صندوقه.. وهذا ما فعله برشلونة فى دفاع يوفنتوس فى الهدف الأول.. دون الدخول فى تفاصيل تكتيكية كثيرة، مثل سوء تحرك بيرلو إلى الأمام وهو داخل منطقة الجزاء لحظة اللعبة الكتالونية السريعة والمركبة.

•• الجمال كان مركبا فى المشهد كله. عاشت برلين احتفالا بكرة القدم، كأنه يرد على فساد أعلى سلطة تدير كرة القدم وهو الفيفا.. والجمال كان فى التفاصيل المحيطة.. نشيد بطولة أوروبا فى البداية، ونشيد برشلونة فى النهاية:

«كل الملعب يهتف».. «هو صوت واحد».. «نحن شعب البلوجرانا».. «لا يهم من أين أتينا».. «من الشمال أو الجنوب».. «صرخة البلوجرانا طيرى إلى السماء»..

وفى المشهد لاعبو برشلونة يصطفون لتحية لاعبى يوفنتوس أثناء تسلم ميدالياتهم. الدموع فى عيون بيرلو. عناق وضحك بين تشافى وبيرلو غسل دموع الثانى.. بيكيه يقص شبكة المرمى ولا يخشى أن تكون عهدة فى عنق مدير الاستاد.. كاميرا فوق كاميرا، وكاميرا أعلى من الاستاد، تعانق سحاب برلين. والأعلى تصور الثانية.. والثانية تصور الأولى.. ونتلقى نحن الذين نشاهد الصورة أحلى وأجمل المشاهد والصور.

•• جميل الجمال.. والله يحب الجمال.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved