طريقة مختلفة للوفود الشعبية

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الإثنين 8 يونيو 2015 - 10:40 ص بتوقيت القاهرة

خلافا لموجة الانتقادات المتوالية ضد فكرة الوفود الشعبية المصاحبة لرئيس الجمهورية فى جولاته المتعددة، فتقديرى الشخصى أن الفكرة ليست سيئة، لكن الخلاف الرئيسى هو فى طريقة تنفيذها، واختيار المشاركين فيها، وما ينبغى عليهم أن يفعلوه، وعلاقتها بالدولة.

والآن لندخل فى التفاصيل:
أولا: على المتطوعين بتنظيم الوفود الشعبية أو الموافقين عليها أن يسألوا أنفسهم سؤالا بسيطا وهو: ما الهدف منها؟.

بالطريقة الحالية، اى سفر بعض الشخصيات العامة والفنانين، وتجمعهم فى الفندق الذى يقيم فيه الرئيس، أو تنظيم مظاهرة فى الطريق الذى يمر به، ورفع علم مصر ثم ترديد بعض الهتافات والأغانى الوطنية ثم الانصراف، كل ما سبق لا يحتاج إلى فنانين وسياسيين.

فإذا كان الهدف منها مواجهة مظاهرات محتملة للإخوان فهى مهمة يمكن ان يؤديها المصريون المؤيدون للرئيس المقيمين فى هذه الدولة وينتهى الأمر.

المجتمعات الغربية ووسائل اعلامها لن تتأثر بالطريقة التى تتم بها الزيارات الشعبية الآن، وهى أقرب إلى «التبشير فى المؤمنين» حيث يسافر مصريون من القاهرة ليخاطبوا مصريين فى برلين او نيويورك او باريس، ولا نستفيد شيئا غير بعض الجلبة والحماس فى اعلامنا المصرى وليس المجتمع المستهدف فى الخارج!.

ربما تكون هناك طريقة افضل وهى أن يتم التعامل مع كل دولة بطريقة مختلفة.

على سبيل المثال فى حالة ألمانيا مثلا كان يمكن تشكيل وفد شعبى حقيقى يتكون من كل من لديه علاقات حقيقية أو تأثير ما فى المجتمع الألمانى.

على رأس هؤلاء يأتى مثلا الدكتور أشرف منصور رئيس مجلس الأمناء الجامعة الألمانية، ورأيت بنفسى ومعى زملاء كثيرون تأثير هذا الرجل الهائل فى ألمانيا، خصوصا فى مجتمعها العلمى أو حتى السياسى، هو يعرفهم ويتكلم لغتهم بطلاقة والأهم يعرف طريقة تفكيرهم.

هناك أيضا هانى عازر، أو هانى رمزى، أو محمد العرابى، وغيرهم كثيرون. هذا الوفد لا تكون مهمته التظاهر فى برلين، بل مقابلة ممثلى القوى والأحزاب والمجتمع المدنى ووسائل الاعلام خصوصا المعارضة للحكومة المصرية فى ألمانيا ومناقشتها وشرح حقيقة الأوضاع بطريقة سهلة ومبسطة. رأيت بنفسى قبل شهرين أشرف منصور يفعل ذلك ومعه مجموعة من المثقفين والإعلاميين المصريين مع الدكتورة فرانشيسكا أشرس معارضة للحكومة المصرية فى البرلمان الألمانى وهى كادر مهم فى حزب الخضر وانتهى اللقاء بأن السيدة تفهمت الكثير من القضايا بعد ان كان لديها معلومات كثيرة مغلوطة.

المؤكد ان هناك مئات الأسماء المصرية المحترمة والمتخصصة التى تصلح لتمثيل مصر فى مثل هذه المناسبات.

فى المقابل لو أن الرئيس قرر أن يزور إحدى بلدان الخليج فيمكن أن يضم الوفد الشعبى إلهام شاهين ويسرا والمطربين ولاعبى الكرة، لأن تأثير هؤلاء سيكون كبيرا فى الخليج، سواء مع المواطنين العرب أو حكوماتهم أو حتى المصريين هناك، هكذا يمكن تعميم التجربة واختيار ممثلين يصلحون للحديث فى كل دولة على حدة.

مع كل التقدير وحسن النية للوفود الشعبية خصوصا التجربة الأخيرة فى ألمانيا، فإنها أعطت فرصة لكثيرين للهمز واللمز والسخرية والاصطياد فى الماء العكر.

أعرف أن الإخوان وأنصارهم «لن يعجبهم العجب او الصيام فى رجب»، لكن علينا ملاحظة أن هذه الانتقادات لم تكن قاصرة فقط على الإخوان بل تجاوزتهم إلى قطاعات أخرى بعضها كان مؤيدا للحكومة.

رأيت بنفسى وفدا إعلاميا مصريا زار الدانمارك وبولندا وألمانيا قبل نحو عامين، لتبادل الآراء حول الصحافة فى مصر وأوروبا والتقى اعلاميين وسياسيين، النقاشات كانت متحضرة ولم يكن كل المصريين من مؤيدى الحكومة، لكن فى النهاية فإن الأوروبيين فهموا وتفهموا الكثير من حقائق الأمور فى مصر.

نريد تحركات شعبية جادة وممثلة لقطاعات عديدة، وليس تحركات شعبوية لا تترك أثرا، بل تترك فقط الفرصة للمتربصين والناقمين والأفاقين للسخرية.

على الحكومة أن تعيد النظر فى أولئك الذين ينظمون ويمولون هذه الزيارات، وتسأل نفسها: هل الثمن الذى يدفعه هؤلاء لتنظيم الرحلة، يساوى الثمن الذى تخسره الحكومة والرئاسة بظهور هؤلاء بجانب الرئيس وكأنهم الحزب المساند له؟!!.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved