الانتحاريون أنواع

سامح فوزي
سامح فوزي

آخر تحديث: الأربعاء 8 يوليه 2015 - 11:58 ص بتوقيت القاهرة

هناك «التكفيرى الانتحارى» الذى يفجر نفسه، وهناك «السياسى الانتحارى» الذى يقصى نفسه، كلاهما خارج المسار، ويستجلبان الغضب، والكراهية والرفض.

التيار الإسلامى، وهو يعج بالاختلافات بين فرقه، بات يقدم الاثنين معا.

«التكفيرى الانتحارى» هى ممارسة التنظيمات الجهادية شديدة التطرف، معروفة بوحشيتها، وتدفع بانتحاريين لتفجير أنفسهم لإيقاع أكبر خسائر بالطرف الآخر.

«السياسى الانتحارى» هو من يعلن أنه طرف فى العملية السياسية، يخوض فيها بحلوها ومرها، يشارك، ويعارض، ثم يذهب إلى تفخيخ العملية السياسية بهدف تفجيرها.

أزمة الإخوان المسلمين بأنهم بين «التكفير الانتحارى» وبين «السياسة الانتحارية».

المعلن هو مشاعر الفرح، والشماتة، والتبشير بالهزيمة فى كل المواقع التى تشهد مواجهات بين الدولة المصرية و«التكفير الانتحارى»، أيا كان اسمه بيت المقدس أو داعش، وجدنا ذلك فى حادثة اغتيال النائب العام، ثم فى مجريات الأول من يوليو فى سيناء، التى أودت بحياة سبعة عشر من أبناء الجيش المصرى، وهى مسألة غريبة يمكن أن تفسر بأنه تنسيق بين الإخوان وجماعات التكفير، وهو التفسير الرائج إعلاميا، ويمكن لبعض الذين مازالوا يرون ألوانا مختلفة فى جسد الإسلام السياسى أن يفسروا ذلك بضيق أفق ونكاية سياسية، وعدم قدرة على التفريق بين معارضة النظام والسعى لإسقاط الدولة من ناحية أو عدم التفريق بين معارضة النظام، وربما السعى لتغييره، وبين الانخراط فى عباءة تنظيمات لديها فائض تطرف. الغريب أن «داعش» ملء السمع والبصر، معروفة بممارساتها الوحشية، ودمويتها غير المسبوقة، وبالتالى فإن الاصطفاف معها، أو تبرير أفعالها والتهليل لها حتى من منطق النكاية السياسية هو الانتحار السياسى.

أخطأ الإخوان المسلمون – خلال عام حكمهم ــ فى بناء تحالف سياسى غير متجانس، ضم فرقا إسلامية مغلقة، متعصبة، ومد خطوط الاتصال والتواصل بالسلفية الجهادية، مما جعلهم فى النهاية غير قادرين على تحقيق صيغة حكم متجانسة، عصرية، تدفع المجتمع للأمام، ودفعوا ثمن تصرفات حلفائهم، الذين ربما تصوروا إمكانية استخدامهم فى تهديد الخصوم، والغرب، فى الوقت الذى يظهرون فيه بمظهر الطرف المعتدل، الذى يمسك بأهدابه الجميع. لم تنجح هذه الصيغة، وسقطت، وكان بإمكان الإخوان المسلمين أن يمدوا جسور حوار وتواصل وتحالف مع قوى مدنية، يمكن من خلالها بناء قاعدة تأييد للنظام على أسس دولة القانون، والعدالة، والاعتدال.

دفع الإخوان المسلمون ثمنا باهظا، والآن يكررون الخطأ ذاته، دون تعلم، ويقطعون أى إمكانية لتواصل مستقبلى، حتى لو كان حظوظه باهتة اليوم، ما زالوا يمدون جسور التواصل مع «التكفيرى الانتحارى»، يهللون له، وينتظرون أفعاله، كما لو أنه يحارب بالوكالة عنهم، أو هو نصير الديمقراطية، وهو ما يجعلهم يظهرون بمظهر «السياسى الانتحارى» الذى يقطع بعناد كل جسور التواصل مع المجتمع، ويريد تفخيخ العملية السياسية، أملا فى عودة إلى المشهد السياسى على قاعدة «التفاوض» و«عقد الصفقات»، وهو أمر يزداد صعوبة، وتباعدا مع مرور الزمن، وتعقد المشهد السياسى.

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved