اجتماع المجلس مع الأحزاب.. أين المشكلة؟

محمد أبوالغار
محمد أبوالغار

آخر تحديث: السبت 8 أكتوبر 2011 - 9:15 ص بتوقيت القاهرة

منذ أسبوعين تمت دعوة 47 حزبا مصريا إلى المجلس العسكرى للقاء الفريق عنان وأعضاء المجلس وكانت الدعوة لاستطلاع لآراء أعضاء الأحزاب حول الطريقة المثلى لإجراء الانتخابات وكانت الأغلبية العظمى من الأحزاب ترغب فى إجراء الانتخابات بالقائمة النسبية على جميع المقاعد، وفى النهاية صدر مرسوم عسكرى بتعديل نسبة 50% للفردى إلى الثلث فقط.

 

وفى يوم الجمعة الماضى وصلنى دعوة بصفتى رئيسا للحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعي لحضور اجتماع آخر مع الفريق عنان وأعضاء المجلس، وقد استطلعت رأى مجلس أمناء الحزب ولجنة العمل اليومى لإبداء آرائهم فى ما قد تتم مناقشته قبل الاجتماع. وحضر هذا الاجتماع 13 حزبا، ودار الحوار بطريقة ديمقراطية وتكلم الجميع وأبدوا رأيهم وتحفظاتهم، واستمر الاجتماع من الساعة 12 ظهرا حتى 6 مساء. وقد تم الاتفاق بطريقة واضحة على بعض النقاط، وهى أن اجتماع مجلسى الشعب والشورى سوف يتم فى الأسبوع الأخير من مارس ويتم اختيار اللجنة، التى سوف تضع الدستور بحد أقصى ستة أشهر ولكن ممكن أن يتم ذلك فى أقل من شهر، ثم تضع اللجنة الدستور بحد أقصى ستة أشهر ولكنها أيضا ممكن أن تنتهى منه فى شهرين، ويتم الاستفتاء وفى اليوم التالى لإعلان نتيجته يتم بدء إجراءات الترشيح لرئيس الجمهورية، ويعنى ذلك أن الانتخابات للرئيس سوف تجرى فى الفترة ما بين يوليو 2012 ومارس 2013 حسب سرعة إنجاز البرلمان ولجنة وضع الدستور ولا علاقة لها بالمجلس العسكرى. النقاط التى أثيرت فى الشارع السياسى ضد هذه الخريطة هى نقاط أثيرت عدة مرات من قبل ولم يوافق عليها المجلس، مثل إنشاء مجلس رئاسة أو إجراء انتخابات رئاسية أولا وهو أمر صعب لأننا لا نعرف هل سنكون دولة رئاسية أم برلمانية، وذلك سوف يحدده الدستور القادم.

 

وبالرغم من أن جميع الحضور طالبوا بعمل الانتخابات بالقائمة النسبية بالكامل فإن المجلس لم يوافق، ووافق فقط على السماح للأحزاب بالترشح على المقاعد الفردية.

 

وهناك أربع نقاط تم الاتفاق عليها بتفصيل كبير، إلا أنها نشرت فى البيان بطريقة قد تبدو غامضة، ويرجع ذلك إلى أن المجلس العسكرى عن طريق ممثله القانونى، قال إن هذه النقاط تحتاج إلى صياغات قانونية لمرسوم عسكرى سوف يصدر بها ويصعب صياغتها قانونيا خلال الاجتماع.

 

●●●

 

أولى هذه النقاط هي وقف العمل بقانون الطوارئ إلا فى حالات الإرهاب والسلاح والبلطجة والمخدرات، وثانى هذه النقاط هى عدم إحالة المدنيين إلى المحاكم العسكرية إلا فى حالة الاعتداء على الأفراد أو المنشآت العسكرية، وثالث نقطة هى العزل السياسى لمدة عامين للقيادات العليا للحزب الوطنى وأمناء المحافظات واعضاء مجلس الشعب لعام 2010. ورابع هذه النقاط هى تغليظ العقوبات على الجرائم الانتخابية بما فيها استخدام الشعارات الدينية أو دور العبادة فى الدعاية الانتخابية.

 

وإذا صدر كل مرسوم عسكرى بخصوص هذه النقاط بصورة واضحة وسريعة، كما اتفق عليه فسوف يُهَدِّئ ذلك الشارع المصرى الذى يشعر بالقلق من عدم الوضوح الكافى فى البيان فى هذه النقاط.

 

 وقد قال المجلس إنه يسمح لقوى المجتمع المدنى المصرية والأجنبية بمشاهدة ومتابعة الانتخابات وليس مراقبة الانتخابات طبقا لما تقرره اللجنة القضائية العليا.

 

 وأثير نقاش حول الفرق بين المتابعة والمشاهدة من ناحية والمراقبة من ناحية أخرى، وانتهى النقاش فى هذه النقطة وما زال الغموض يشوب الفرق بين المتابعة والمشاهدة وبين المراقبة. وأخيرا كانت نقطة مهمة وهى التوقيع على اتفاق وثيقة شرف بين جميع المجتمعين وكانت الوثيقة فى يد الفريق عنان وهى الوثيقة التى سبق الاتفاق عليها بين جميع القوى السياسية بمن فيها الإخوان المسلمون ولكن بدون توقيع، وكان من المفترض أن يتم التوقيع لاحقا على الوثيقة نفسها، ويتعهد الجميع الالتزام بها فى مجلس الشعب. وقد طالب د. مرسى رئيس حزب العدالة والحرية باعتبارها وثيقة استرشادية، ولكن تم الاتفاق بين الجميع على اعتبارها وثيقة شرف يلتزم بها الجميع. وقام الجميع لتلبية دعوة الفريق للغذاء الساعة السادسة مساء واعتذرت عن ذلك لارتباطى بموعد، على أن أحضر فى يوم لاحق للتوقيع على البيان.

 

وقد صدر البيان حسب ما اتفقنا عليه وأضيف في نهايته فقرة تقول إن رؤساء الأحزاب يعلنون تأييدهم الكامل للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، وقد أثارت هذه الفقرة غضب الكثيرين، واعتبروا أن ذلك تأييد غير مشروط للمجلس العسكرى. وقد قررت أن ألتزم بوعدى بالتوقيع على البيان مع الاعتراض على هذه الفقرة. وعقدت اللجنة العليا بالحزب اجتماعا راقيا حضاريا كانت فيه الآراء متباينة فى هذا الأمر، وانتهت بالتصويت على التوقيع مع الاعتراض على الفقرة. وسلمت المجلس العسكرى صورة من بيان الحزب بالنقاط التى اعترض عليها أعضاء اللجنة العليا.

 

هناك بالتأكيد احتقان سياسي في مصر وحساسية وخوف من استمرار المجلس العسكرى فى الحكم، وهو الذى أدى إلى كل هذا القلق والاعتراضات على بيان أراه فى مجمله إيجابى بعد أن تصدر المراسيم المُكمِّلة له فى موضوع الطوارئ ومحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية وتغليظ العقوبات على الجرائم الانتخابية.

 

المجلس العسكرى يؤكد دائما عزمه ترك السلطة والكثيرين لا يعتقدون ذلك، وفى نفس الوقت هناك شعور داخلى عند بعض الثوار بأن شعبيتهم وتأثيرهم قد تضاءل عند جميع فئات المجتمع، وبالتالى تضاءلت أهميتهم وذلك يؤدى إلى بعض التصرفات التى تشوبها العصبية.

 

●●●

 

مصر الآن فى مفترق الطرق، والطريق الوحيد هو اختيار الشعب لممثليه ورئيسه، ولابد أن يتم ذلك بطريقة ديمقراطية سليمة ليس فيها ضغط من الدولة أو من جماعات دينية أو رءوس أموال ضخمة دخلت مصر فى ظروف غامضة. هذا هو الحل الوحيد لنضع مصر على الطريق الصحيح.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved