سلامة ممر البحر الأحمر ليست أمرا مسلما به

العالم يفكر
العالم يفكر

آخر تحديث: الثلاثاء 8 أكتوبر 2019 - 10:20 م بتوقيت القاهرة

نشرت مؤسسة Institute for Security Studies مقالا للكاتب عمر محمود تناول فيه الاقتراحات التى من الممكن تبنيها لتحسين التعاون فى منطقة البحرالأحمر واستمرار حرية الحركة فيه.. ونعرض منه ما يلى:

تواجه حرية الحركة فى البحرالأحمر وخليج عدن العديد من التهديدات المحتملة والتى تتراوح بين وجود جماعات مسلحة من غير الدول (مثل الحوثيين فى اليمن) ومجموعات الجريمة المنظمة إلى النزاعات الإقليمية المستمرة والتهديدات البيئية. ورغم كل هذا فإن الحركة البحرية لم تتوقف بشكل كبير فى السنوات الأخيرة.
ولكن، لا ينبغى اعتبار حرية الحركة وأمن ممرات البحرالأحمر أمرا مسلما به حيث إن المنطقة لها أهمية جيوسياسية كبيرة. تم إطلاق مبادرات جديدة تؤكد على أن البحرالأحمر هو مساحة بحرية مشتركة ومن ضمن هذه المبادرات منتدى البحرالأحمر الذى تترأسه مصر والمملكة العربية السعودية... كما أن الاتحاد الإفريقى والهيئة الحكومية للتنمية (ايجاد) يوليان اهتمامًا كبيرا وتهدف جميع هذه الجهات الفاعلة إلى معالجة الفجوة الملحوظة فى إدارة مساحة البحرالأحمر.
وفى تقرير جديد لمؤسسة الدراسات الأمنية تناول دراسة التطورات والتهديدات والطبيعة الفريدة لمنطقة البحرالأحمر، كما أنه أوضح الاقترابات المستخدمة لدراسة الحركة البحرية فى بيئات أخرى معقدة لاستخلاص دروس يمكن تطبيقها فى دراسة البحرالأحمر.
من الدروس الأولى هو أنه يجب الحد من عدم الثقة والمنافسة لضمان نجاح أى ترتيبات إقليمية. فعدم استطاعة تجاوز التوترات من الممكن أن يؤدى إلى مضاعفة الجهود أو عدم مشاركة الدول المحورية. على سبيل المثال، اتفاقية التعاون الإقليمى لمواجهة القرصنة والسطو المسلح ضد السفن فى آسيا (اتفاقية آسيا) كانت مفيدة لتقليل عدد هذه الجرائم فى شرق آسيا، ولكن توسيع نطاق نجاحها تم عرقلته من جانب ماليزيا وإندونيسيا بسبب رفضهم الانضمام إلى الاتفاقية.
مثل هذه الحركات ترتبط فى الأغلب بمسائل السيادة الوطنية. على سبيل المثال فى اتفاقية آسيا إندونيسيا قالت إن القرصنة هى مشكلة داخلية أكثر من كونها مشكلة عالمية ومن ثم قلصت درجة مشاركتها.
إجراءات تعويض الاعتبارات السيادية تتضمن الأخذ بنظام الإجماع على القرارات ومستويات مرنة من الالتزام. مدونة جيبوتى للسلوك، وهى اتفاقية تمت سنة 2009 بين 20 دولة فى المحيط الهندى للتعامل مع القرصنة، التزمت بما سبق.. مؤكدة أن القرارات ليست ملزمة على الأعضاء. تعاون مراقبة بحر البلطيق (SUCBAS) يسمح للأعضاء بالمشاركة على ثلاثة مستويات بما يحقق راحتهم.
الدرس الثانى هو أن العديد من الترتيبات الناجحة الأخرى قد بدأت صغيرة وتوسعت مع مرور الوقت من حيث العضوية والنطاق.. حيث يتم تطوير الثقة وإبراز أهمية الأنشطة المتبعة. وقد اتبع كل من SUCBAS ومدونة جيبوتى للسلوك هذا النهج.
نشأت SUCBAS من اتفاق ثنائى مبدئى بين فنلندا والسويد. وتبنت مدونة جيبوتى للسلوك فى 2017 تعديل جدة والذى قام بتوسيع نطاق الجرائم البحرية التى تغطيها المدونة (على الرغم من أن ثلاثة من أصل العشرين دولة الموقعين على المدونة لم يوقعوا على تعديل جدة). عضوية اتفاق آسيا توسع لضم دول تبعد كثيرا عن منطقة شرق آسيا مثل الولايات المتحدة والدنمارك نظرا إلى مصالحهم فى مجال النقل البحرى والقيمة الاستراتيجية للطريق.
درسان آخران تم ذكرهما فى تقرير مؤسسة الدراسات الأمنية هما الحاجة إلى وضع مجموعة من المبادئ المشتركة وتحديد أطر التعاون لتجنب كثرة المبادرات والتنافس بينهم. يمكن أن يؤدى عدم وجود تعريف أو تقييم مشترك للتهديدات أيضًا إلى تباين المقترحات.
أثناء وضع مدونة قواعد سلوك ياوندى فى وسط وغرب إفريقيا، كان هناك اختلاف حول الأولويات حين عظمت بعض الدول الساحلية من خطر تدمير المصايد المحلية على تهديد القرصنة.
أى منظمة تتطلب درجة من وجود المصالح المشتركة لتعمل. تزيد درجة التعاون بين الأعضاء عندما تكون مستويات التهديد عالية.. ويتراجع الاهتمام مع تراجع درجة التهديد. ولكن يجب أن يستمر التعاون لتقليل التحديات.
مدونة جيبوتى للسلوك نجحت فى ذلك مع التحديث الذى ألحق بها فى تعديل جدة ــ وهى نتيجة رئيسية بالنظر إلى أنه فى حين انخفضت حوادث القرصنة فى المحيط الهندى، إلا أنها ــ إلى جانب التهديدات البحرية الأخرى ــ ما زالت موجودة. هذا مهم بالنسبة للبحرالأحمر، حيث إن الاهتمام كبير الآن ويرجع ذلك جزئيًا إلى الحرب الأهلية فى اليمن ــ إلا أن حل النزاع قد يضعف بدوره بعض الحماس العام للتعاون.
يساعد التنسيق أيضًا على منع المنافسات المحتملة أو الاشتباكات والتى عانت بعض المبادرات المهمة منها. النرويج على سبيل المثال لا تشارك فى SUCBAS، ولكنها أيدت مبادرة مماثلة فى مشروع BarentsWatch. ورفضت ماليزيا أيضًا الانضمام إلى اتفاقية آسيا حيث رأت أنها تكرار لاتجاه قائم بالفعل.
بالنظر إلى المناهج المتنوعة الخاصة بالبحرالأحمر وإشراك البلدان فى المبادرات الإقليمية التى يحتمل أن تكون متداخلة، سيكون التنسيق هو المفتاح. البحرالأحمر هو بيئة بحرية فريدة من نوعها والدروس من أماكن أخرى قد تساعد على تحسين طريقة إدارته.

إعداد: ابتهال أحمد عبدالغنى

النص الأصلى

http://bit.ly/31RcYFa

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved