نجاح ساحق ماحق

أشرف البربرى
أشرف البربرى

آخر تحديث: الأربعاء 8 نوفمبر 2017 - 10:30 م بتوقيت القاهرة

قدم منتدى شباب العالم الذى يختتم أعماله فى شرم الشيخ اليوم صورة رائعة لمجموعة من شباب مصر الذى ظهر على «سنجة عشرة». هذه الصورة أبهرت العالم وأعجزت ألسنته وأقلامه عن التعبير عنه بما تستحقه من ثناء، فغابت فاعليات المنتدى عن وسائل الإعلام العالمية لأسباب غير مجهولة.
ورغم روعة الصورة وعظمة الإنجاز الذى شيده شباب مصر والعالم على أرض شرم الشيخ الغالية، لم يخل الأمر من مجموعة «السخفاء» الذين لا يكفيهم النجاح الساحق الماحق الذى حققه المنتدى، فيتحدثون عن أملهم فى استغلال حالة «الانفتاح على الحوار» التى خلقها المؤتمر من أجل النظر بعين العدل وليس الرحمة، وعين الواجب وليس الرجاء إلى آلاف الشباب والكهول والشيوخ المحبوسين فى مصر منذ سنوات دون محاكمة ولا حتى قرارات اتهام نهائية. 
وما دام هذا المنتدى العالمى الذى وقف العالم أمام نجاحه مبهورا اختار لنفسه شعار «we need to talk»، يتحدث هؤلاء «السخفاء» الذين لا يرون إلا ربع الكوب الفارغ عن مئات الشباب من الصحفيين والإعلاميين الذين فقدوا مورد رزقهم ومساحة التعبير عن رأيهم بعد قرارات حجب عشرات المواقع الإخبارية الصادرة من مصر والحاصلة على كل التراخيص والموافقات الرسمية وبالتالى لا يمكن وصفها بأنها تروج للإرهاب أو للعنف لأنها ببساطة إما مواقع ليبرالية أو يسارية، من «مدى مصر» إلى «البديل»، مرورا بـ«مصر العربية» و«المصريون» و«البورصة» و«كورابيا» المتخصص فى الرياضة.
وفى حين لا يمكن لمنصف إنكار وصول نجاح منتدى الشباب العالمى إلى كل شاب فى ريف مصر وحضرها، فإن البعض يتحدث عن حرمان طلبة الجامعات من حقهم فى اختيار ممثليهم فى ظل استمرار تجميد انتخابات اتحادات الطلبة، بل وإلغاء كيان «اتحاد طلاب جامعات مصر» ليكون الزعيم الطلابى المقيم الآن فى أمريكا وملهم حزب «مستقبل وطن» و«ضيف شرف» حفل افتتاح قناة السويس الجديدة محمد بدران هو آخر رئيس لاتحاد طلاب مصر.
وإذا كان وصول مصر إلى كأس العالم لكرة القدم فى روسيا 2018 يجب ألا ينسى الشعب الهدف اليتيم الذى أحرزه مجدى عبدالغنى فى هولندا أثناء آخر مشاركة لمصر فى كأس العالم سنة 1990، فإن نجاح «منتدى شباب العالم» الساحق الماحق، يجب ألا ينسينا حقيقة أنه ليس بالمنتديات وحدها، حتى لو كانت عالمية، تتقدم الأمم، وإنما تتقدم عندما يكون حق الاختلاف والتعبير عن الرأى حقيقة، فلا نسجن المئات لمجرد أنهم تظاهروا للمطالبة بالحفاظ على جزء عزيز من أرض الوطن وهو جزيرتا تيران وصنافير، أو لأنهم عبروا عن أفكار وآراء معارضة على صفحات التواصل الاجتماعى، وتتقدم الأمم عندما تكون الأولوية لتوفير مخصصات التعليم والصحة باعتبارها الاستثمار الحقيقى فى الشباب وليس مخصصات مؤسسات السلطة فى ميزانيتها. 
أخيرا، وبعيدا عن سخافة السخفاء وسخرية الساخرين ومدح المادحين، هل يمكن البناء على ما قاله المسئولون طوال أيام المنتدى لكى نترجم الكلام الجميل إلى أفعال تقلل حجم القبح الذى يحاصر الشباب المصرى أينما حل؟

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved