أفضل الأوقات.. للحب

صحافة عربية
صحافة عربية

آخر تحديث: الثلاثاء 8 ديسمبر 2020 - 8:20 م بتوقيت القاهرة

نشرت صحيفة الاتحاد الإماراتية مقالا للكاتبة السعد المنهالى ترى فيه أن فصل الشتاء هو الفصل الذى تتأجج فيه مشاعر الإنسان، وخاصة مشاعر الحب، أكثر من أى فصل آخر... نعرض منه ما يلى:
بالتأكيد ليس للحب فصل بعينه، لكن إحساسى يقول إنه يكون أجمل فى الشتاء. لى علاقة خاصة بهذا الفصل، وحبى له مختلف، أسطورة أكرر تمجيدها مع كل شتاء كانت تعلن أمى دخوله، عندما تضع دخونها فى تلك المبخرة الكبيرة وسط منزلنا، لقناعتها بأن صغارها بحاجة إلى دفء آخر بجانب دفئها، ومع خيوط ذلك الدخان تتصاعد أسطورة الشتاء، ومهما كان نوع بخورها كنت أقرأ سطورها على غيومه الغامضة الداكنة، وأستلذ بتفاصيلها مع كل لمسة دفء فيه. وها أنا الآن أبحث عن مبخرة تشبه مبخرة أمى لأضعها لصغارى، لعلهم يلمحون تلك الأدخنة ويقرأون أسطورته.
فى الشتاء ترتفع الحاسة الشعرية للإنسان بشكل كبير، على عكس حالة جسده الذى يركن إلى الخمول، ولعل ليالى الشتاء الطويلة التى عادة ما تكون أكثر سكونا، تدفع الإنسان إلى التقوقع على ذاته وتأمل تفاصيلها. فيما تحرك نسائم لياليه الطبقة الرقيقة للستائر التى تحجب الذكريات القديمة والأمانى الدفينة فى دواخلنا. ومن عمق ذلك السكون تبزغ الروعة، ويتفجر السحر من متاهات غموضه فينا.
فى الشتاء تنتعش الروائح ويتركز أريجها، لدرجة تشعر معها أن للأشياء روائحَ خاصة بهذا الفصل فقط ترفض أن تكون حيادية، فهى إما تتمسك بتلابيبك، أو تنفر منك بعيدا، لا وسطية. كما أن له أصواته الخاصة التى لا يمكن استيعاب مخمليتها عند سماعها فى فصل آخر، فلا أستوعب سحر فيروز وشجى نجاة الصغيرة من دون رعشة هذا الفصل البارد، حتى «القهوة» يكون لدخانها المتصاعد لذة تفوق لذة رشفتها الأولى، ذلك الدخان الذى قد لا تراه أو تشعر به فى أى فصل آخر.
فى الشتاء للحزن أيضا شكل آخر، يأتى مضاعفا محرضا على الانغماس فيه، ولكنه لا يأتى مدعاة للشفقة، بل ببهاء وفخر، يأتى كفارس نبيل، مسح بتاريخه البهى خسارته الأخيرة.
فى فصل بهذه اللذة.. تتغير فيه الألوان والأصوات والروائح، وتتحول فيه حواسنا إلى مساحات التقاط جمال مختلف، بالتأكيد سيكون للحب فيه مذاق آخر.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved