السيسى حل أم مشكلة؟

أشرف البربرى
أشرف البربرى

آخر تحديث: الخميس 9 يناير 2014 - 9:00 ص بتوقيت القاهرة

لا يمكن لعاقل التشكك فى الشعبية الهائلة لوزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسى بما يؤهله للفوز فى انزه الانتخابات بأقل مجهود. كما لا يمكن التشكك فى وطنية الرجل وجدارته بمنصب رئيس البلاد ولكن يبقى السؤال الأهم: هل تولى السيسى رئاسة مصر فى هذه المرحلة إيجابى أم سلبى؟. وجهة نظرى تقول إن رئاسة السيسى للبلاد فى هذه المرحلة تنطوى على أضرار تفوق ما يمكن أن يتحقق من فوائد.

فوصوله للرئاسة وهو أمر مؤكد إذا ما قرر خوض الانتخابات يعنى توفير مصدر دائم لشحن مشاعر الغضب والرغبة فى الثأر بل والتدمير لدى مؤيدى جماعة الإخوان المسلمين الذين يرون فى الرجل المسئول الأول عن كل ما حل بهم من دمار. كما أن الشعبية الهائلة لوزير الدفاع يمكن أن تتحول إلى عبء على رئاسته لأن الشعب يحلم به فارسا على حصان أبيض سيحل مشكلاته فى أيام معدودة وهو ما يمكن أن يفتح الباب أمام تحول هذه الشعبية إلى شعور بالإحباط والاستياء لأن مشكلات البلاد تستعصى على الحلول السريعة.

ليس هذا فحسب بل إن هذه الشعبية الطاغية للرئيس المنتظر يمكن أن تفتح الباب أمام عودة الاستبداد إذ لا تحتاج أنظمة الحكم خاصة فى أعقاب الثورات إلى أكثر من شخصية زعامية تمتلك الشعبية لكى تتلاشى آليات الديمقراطية الناشئة وضوابطها. رأينا ذلك مع الرئيس الفنزويلى الراحل هوجو شافيز الذى عدل الدستور لكى يستمر فى رئاسة البلاد إلى الأبد. ورأيناه مع الرئيس الزيمبابوى روبرت موجابى. لذلك فالدول فى مراحل البناء تحتاج إلى رئيس بمؤهلات الموظف الكفء وليس بمؤهلات زعيم. ورأينا ذلك مع دينج سياو بنج فى الصين وفلاديمير بوتين فى روسيا بل ومع بريطانيا عندما اسقط الشعب بطل النصر فى الحرب العالمية الثانية ونستون تشرشل فى أول انتخابات بعد الحرب عام 1945.

كما أن قدوم الفريق أول السيسى من رأس المؤسسة العسكرية إلى رأس الدولة مباشرة سيضيف المزيد من الالتباس حول العلاقة بين المؤسسة والدولة وقد يؤدى الخروج على الرئيس ومعارضته إذا دعت الضرورة لوضع الشعب مواجهة الجيش وهو ما لا يتمناه أحد.

أيضا ترشح السيسى للرئاسة بعد كلمته الرائعة «إن شرف حماية إرادة الشعب المصرى أعز من حكم مصر» قبل شهور يمكن أن يصيب قطاعا من الشباب النقى المحب للرجل وللمؤسسة العسكرية بفقدان الثقة فيه لأنه يراه أكبر من أن يتراجع عن تعهده وأهم من الرئاسة.

إن السيسى رقم مهم للغاية فى حاضر البلاد ومستقبلها ووجوده على رأس المؤسسة العسكرية خلال السنوات المقبلة أفضل ضمانة لاستمرار عملية التحول الديمقراطى فى البلاد التى تحتاج بالفعل إلى وجود قوة قادرة على ضبط إيقاع العملية السياسية كحكم بين الأطراف وليس كطرف فيها. ولكن وصول السيسى للرئاسة سيحرم البلاد من هذا التوازن حيث ستتجمع لديه كل السلطات كرئيس يملك الشرعية الدستورية والدعم الشعبى الكاسح وتأييد المؤسسة العسكرية. وهذه هى الوصفة السحرية لإعادة إنتاج الاستبداد حتى لو لم يرغب الرئيس فى ذلك ولم يسع إليه.

اتمنى أن يحمل القرار النهائى للفريق أول عبدالفتاح السيسى مفاجأة سارة للبلاد والابتعاد عن سباق الرئاسة هذه الدورة على الأقل ليأتى الرجل بعد ذلك فى ظروف أفضل تتيح له تحقيق كل ما يحلم به سواء لمصر أو حتى لنفسه.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved