سيرة عالم عظيم: الدكتور أحمد رياض ترك

محمد زهران
محمد زهران

آخر تحديث: الأحد 9 يناير 2022 - 10:05 م بتوقيت القاهرة

بدأ كاتب هذه السطور مقالاته الأسبوعية فى جريدة الشروق منذ فبراير 2016 وكانت البداية ولمدة أسابيع عديدة عن العلامات المضيئة فى تاريخ العلماء المصريين فى المائة وخمسين سنة الماضية، ثم تنوعت المقالات بعد ذلك لتشمل العلوم والتكنولوجيا من ناحية والحياة الأكاديمية والعلمية من ناحية أخرى، أكتب فى هذه الموضوعات الثلاث دون ترتيب معين وتبعا للأحداث العالمية والمحلية وآراء القراء والأصدقاء والمعارف، اليوم عود على بدء، نتحدث اليوم عن عالم عظيم ونجم ساطع.
إذا تجولت فى حى مصر الجديدة ستجد شارعا بين شارعى الحجاز وعبدالرحمن الرفاعى يسمى شارع أحمد رياض ترك، أما إذا كنت من أهل الإسكندرية فستجد شارعا أطول من شارع القاهرة يسمى أيضا بشارع الدكتور أحمد رياض ترك، فمن هو أحمد رياض ترك؟ وما أوجه العظمة؟
أعتقد أن هناك مسئولية أكبر عندما تكون عالما فى دولة نامية تسعى للتقدم وبين أن تكون فى دولة متقدمة، مسئوليتك أكبر عندما تكون فى دولة نامية لأنك يجب أن تعمل فى نوع البحث العلمى الذى يفيد بلدك وتعطى علمك وخبرتك للطلبة وتنقل خبرتك للمؤسسة العلمية سواء عن طريق الإدارة أو الاستشارة والعمل على نشر العلم بين الشباب وقد رأينا فى مقالات سابقة ما فعله علماء أجلاء مثل على مصطفى مشرفة وأحمد زكى عاكف ومحمد كامل حسين والكثير غيرهم فى هذه الأمور، إذا كنت فى دولة متقدمة فقد تكتفى بالجلوس فى معملك تعمل مع فريقك البحثى وكفى، الحالة الأولى تشتمل على مجهود أكثر تنوعا، وهذا ما نجده فى عالِمنا.
ولد الدكتور أحمد رياض ترك بقرية ميت غزال بطنطا فى 17 مارس سنة 1902 وتلقى تعليمه حتى البكالوريا فى المدراس الحكومية ثم سافر للدراسة فى ألمانيا، للأسف لم أتمكن من معرفة سبب اختياره لألمانيا للدراسة بدلا من إنجلترا، حصل على الدكتوراه فى الكيمياء غير العضوية من جامعة ميونخ بألمانيا سنة 1928 وعند عودته عمل كمدرس للكيمياء بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة الآن)، وقد واجه بعض المضايقات من الأساتذة الإنجليز فى الجامعة عند عودته لاختلاف متطلبات الدكتوراه بين إنجلترا وألمانيا وللعداء بينها الذى امتد من الحرب العالمية الأولى وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية، كان يعتبر من الأقليات وقتها فى الجامعة المصرية الذين حصلوا على دكتوراه الفلسفة من ألمانيا حيث كان الأغلب الأعم قد حصلوا عليها من انجلترا، الدكتور ترك ثانى اثنين يعتبران من آباء الكيمياء فى مصر ومن العلماء الرواد فيها، الآخر هو الدكتور أحمد زكى عاكف الذى تكلمنا عنه فى مقال سابق منذ عدة سنوات، رقى العالم الجليل إلى درجة الأستاذ المساعد فى الكيمياء بجامعة القاهرة سنة 1943 ونلاحظ أن هذا يعتبر وقتا طويلا نسبيا من مدرس إلى أستاذ مساعد لكن هذا نتيجة للتعنت الذى واجهه فى الجامعة لانتمائه للمدرسة العلمية الألمانية، رقى هذا العالم الفذ رغم كل الظروف إلى أستاذ سنة 1948. هذا على الجانب العلمى وله فيه الباع الطويل من الأبحاث المتميزة التى فاق عددها السبعين بحثا (وهو عدد كبير بمقاييس وقتها) والتدريس الراقى، فماذا عن الإدارة؟
أصبح الدكتور ترك ثالث عميد مصرى لكلية العلوم سنة 1953 بعد على مصطفى مشرفة وحسن أفلاطون، ثم أصبح رئيسا للمعهد القومى للبحوث (كان يسمى عند إنشائه سنة 1939 مجلس فؤاد الأول الأهلى للبحوث) سنة 1953 (وقد تغير اسمه مرة أخرى سنة 1956 للمركز القومى للبحوث)، وجدير بالذكر أن رئيس المركز القومى للبحوث على درجة وزير. كما كان عضوا بالمجمع العلمى المصرى. يجب أن نذكر أيضا أنه قد عين وزيرا للبحث العلمى فى وزارة على صبرى الثانية سنة 1964 والتى كانت بها وزارتان إحداهما للبحث العلمى والأخرى للتعليم العالى واستمرت عاما واحدا ثم خلفتها وزارة زكريا محيى الدين والتى لم تشتمل على وزارة منفصلة للبحث العلمى، بل حل محلها المجلس الأعلى لدعم البحث العلمى والذى رأسه عالمنا الجليل من 1965 وحتى 1967 حين أحيل للمعاش.
كان عضوا فى الكثير من المؤسسات والجمعيات العلمية مثل المجمع العلمى المصرى وبهذا كان له باع طويل فى توجيه الثقافة العلمية والبحوث فى مصر.
حصل على جائزة فاروق الأول سنة 1948 وعلى وسام الجمهورية من الطبقة الأولى سنة 1964 وعلى الدكتوراه الفخرية من جامعة الجزائر سنة 1965.
رحم الله العالم الفذ الذى نشر علمه واستخدمه لخدمة بلده ورحل عن عالمنا سنة 1971.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved