المدافعون عن الأزهر

سامح فوزي
سامح فوزي

آخر تحديث: الثلاثاء 9 مايو 2017 - 10:00 م بتوقيت القاهرة

ظهر على السطح «تحالف دعم الأزهر»، إلى جواره ائتلاف قبائل الصعيد، هؤلاء وأولئك، وغيرهم من شخصيات عامة انتفضوا دفاعا عن الأزهر انطلاقا من اعتقاد بأن الأزهر الشريف، وشيخه الجليل تحت قصف حملة ممنهجة. وفى تصريحات إعلامية ذكر همام أحمد ــ المتحدث باسم التحالف وائتلاف القبائل ــ إلى أن هناك حالة غضب بين العلماء والطلاب ومريدى الأزهر وأئمة المساجد، تشاركهم قوى سياسية ووطنية غضبهم، ومخاوفهم، واعتبر أن الأزهر والكنيسة المصرية خط أحمر.
بداية لا أريد التأكيد على مواقف سابقة لى من رفض الحملة الضروس على الأزهر، مؤكدا أن الحوار مع الأزهر أفضل من الهجوم عليه، لأنه فى النهاية مؤسسة عريقة، ضاربة الجذور فى التاريخ، لها ثقلها وحضورها مصريا وعالميا، فضلا عن أن شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، الذى يهاجمه البعض الآن، هو ذاته الذى استضاف المثقفين وعلماء الأزهر ورموز مسيحية بهدف وضع وثائق أساسية للمجتمع من أهمهما وثيقة يونيو 2011 التى أقرت مبادئ المواطنة، ووقفت فى وجه محاولات بعض التيارات الإسلامية انتاج نموذج للدولة الدينية، وهو أيضا الذى تصدى للإخوان المسلمين خلال فترة حكمهم، وكان على قائمة الذين يسعون للتخلص منهم، هل نسينا حادثى تسمم الطلاب فى الأزهر، وحصار الأزهر، إلخ؟
اليوم يتغير المشهد بفعل الهجوم الإعلامى على الأزهر. وهناك تغير فى النظرة على المستوى الشعبى. ورغم عدم وجود استطلاعات رأى دقيقة، هناك شواهد تشير إلى أن قطاعا من المواطنين يرون أن الحملة الراهنة فى ظاهرها انتقاد للأزهر، وفى باطنها هجوم على الإسلام ذاته، وبعض من التيارات الإسلامية، التى خبا صوتها وبريقها فى السنوات الأخيرة، عادت مرة أخرى عالية الصوت تدافع عن الأزهر، وهى ذاتها التى طالما انتقدت الأزهر، وسعت إلى حصاره قبل 30 يونيو 2013، وأكثر من ذلك، تروج هذه التيارات خطابا سياسيا مضادا مبناه أن هناك حملة ممنهجة على الإسلام، وليس شيئا آخر، والدليل على أن الأزهر ذاته الذى كان حاضرا فى مشهد 3 يوليو، صار محاصرا بالانتقادات والاتهامات، وتحت طائلة القصف الإعلامى الكثيف.
من الخطأ أن يصل انطباع إلى الرأى العام، أيا كانت صحته أو حجم المؤمنين به، مفاده أن مؤسسة الأزهر مستهدفة، وهى مؤسسة الإسلام الرسمية فى مصر، فنجد ائتلافا يظهر لدعم الأزهر، يضم بين طياته تجمعا للقبائل العربية، وهكذا نعطى إلى المعركة مذاقا قبليا نحن بالتأكيد فى غنى عنه إذا كنا نسعى لبناء دولة حديثة، وتعود كذلك تيارات إسلامية إلى المشهد من باب الدفاع عن الأزهر، ونفسح المجال أمام صراعات سلطة فى محيط المؤسسات الإسلامية، بما لن يفيد الأزهر أو يسمح بتطويره أو تحقيق غايات الغيورين عليه ممن يريدون أن يكون خط الدفاع الأول عن الوسطية، والتجديد، ومواجهة التطرف والتكفير والعنف.
مرة أخرى نؤكد أن إصلاح، وتحديث، وتغيير المؤسسات الدينية الراسخة يحتاج إلى تدرج، وحوار، ورؤية، وبرنامج، وتحول طبيعى حتى يؤتى بثماره، أما التغيرات الفجائية، والعمل بنظام الهزات العنيفة، لن يتسبب إلا فى التفسخ، والبلبلة، وتقوية التيارات المحافظة، والقوى الرافضة للتغيير.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved