«الشيخ جراح».. واختبار إبراهام

محمد سعد عبدالحفيظ
محمد سعد عبدالحفيظ

آخر تحديث: الأحد 9 مايو 2021 - 6:40 م بتوقيت القاهرة

فى أقل من 48 ساعة أصيب أكثر من 200 فلسطينى فى مواجهات بين شرطة الاحتلال الصهيونى وقطعان المستوطنين من جهة، وبين أهالى مدينة القدس الفلسطينية المحتلة من جهة أخرى، إثر محاولات حكومة الاحتلال إجلاء سكان حى الشيخ جراح من سكانه المقدسيين لصالح الجمعيات الاستيطانية الإسرائيلية.
وفيما يواصل ائتلاف اليمين الحاكم فى إسرائيل بقيادة بنيامين نتنياهو تصعيد إجراءاته القمعية والتنكيلية بحق المواطنين المقدسيين، كجزء لا يتجزأ من الحرب الشاملة التى يشنها الاحتلال على الوجود الفلسطينى فى القدس الشرقية المحتلة، يتمسك أهالى المدينة بحقهم فى منازلهم التى يسكنون فيها منذ خمسينيات القرن الماضى.
سلطات الاحتلال بدأت منذ نحو أسبوع محاولة جديدة لتهجير السكان الفلسطينيين من حى الشيخ جراح، وكما طردت عامى 2008 و2009 عائلات حنون والغاوى والكرد من منازلهم، سلمت مطلع الشهر الجارى عائلة شماسنة إخطارا يلزمها بإخلاء المنزل الذى تسكن فيه منذ عام 1964 بموجب قرار صادر عن المحكمة العليا الإسرائيلية بحجة أن ملكية المنزل تعود لسكان يهود، علما بأن العائلة التزمت بدفع إيجار المنزل بانتظام حتى الشهر الماضى.
وتسعى حكومة الاحتلال إلى تهجير 500 فلسطينى وتسليم منازلهم إلى المستوطنين الصهاينة، كجزء من عمليات التطهير العراقى التى تمارسها بهدف تهويد الحى العربى، واستكمال مخططها فى تغيير التركيبة الديموغرافية للمدينة العربية.
الأمم المتحدة اعتبرت فى بيان صدر أول أمس الجمعة أن «قرار إسرائيل بإجلاء المواطنين الفلسطينيين، أصحاب البيوت الأصليين فى حى الشيخ جراح من منازلهم لصالح إحلال المستوطنين مكانهم، انتهاكا للقانون الدولى»، وأكدت أن القدس الشرقية لا تزال جزءا من الأراضى الفلسطينية المحتلة، وأن جميع الإجراءات الإسرائيلية التشريعية والإدارية ملغاة وباطلة وفقا للقانون الدولى، معبرة عن إدانتها لاعتداء الاحتلال على المحتجين فى حى الشيخ جراح بالضرب والاعتقال.
ورغم الصمت المطبق الذى أصاب المجتمع الدولى على الجرائم الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين خلال العقد الماضى، صدر عن وزراء خارجية فرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وإسبانيا، وبريطانيا، بيان ينتصر بشكل واضح للحقوق الفلسطينية.
البيان الخماسى طالب إسرائيل بالتوقف عن سياسة التوسع الاستيطانى فى الأراضى المحتلة، ودعاها إلى التراجع عن قرار بناء 540 وحدة استيطانية على أراضى جبل أبو غنيم جنوب شرق القدس المحتلة، وكذلك التوسع الاستيطانى فى مستوطنة جفعات هماتوس بالقدس الشرقية، وعمليات التهجير القسرية لسكان حى الشيخ جراح.
وفيما يقف المقدسيون بصدورهم العارية فى مواجهة آلة القمع الصهيونى للدفاع عن حقهم وشرفهم وكرامتهم ومنازلهم، اكتفت الحكومات العربية سواء من هرول منها إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل أو من ينتظر ببيانات شجب وإدانة لم ترق مفرداتها إلى ما جاء فى بيانات المنظمات الأممية والدول الغربية التى أعلنت بشكل قاطع رفضها للانتهاكات الإسرائيلية.
ما يجرى فى القدس المحتلة هذه الأيام، اختبار مباشر وسريع للدول التى أعلنت قبل أن توقع على اتفاقيات تطبيع مع العدو الصهيونى عن تمسكها ووقوفها إلى جانب الحقوق الفلسطينية، فبعضها اشترط أن توقف إسرائيل ضم أى أراض فلسطينية قبل أن يتم توقيع اتفاق سلام رسمى مع تل أبيب «نؤكد رفضنا القاطع لضم إسرائيل أراضى فلسطينية بصورة غير قانونية»، قال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولى عهد أبوظبى، قبل أيام من توقيع الإمارات ما يسمى اتفاق إبراهام مع إسرائيل فى أغسطس الماضى.
بعدها بأيام أعلن أنور قرقاش وزير الدولة الإماراتى للشئون الخارجية أن موقف بلاده من القضية الفلسطينية لن يتزحزح، مشيرا إلى أن «تطبيع الإمارات العلاقات مع إسرائيل كان ضروريا لمنع الإسرائيليين من فرض السيادة على أجزاء من الضفة الغربية المحتلة».
حينها حاولت أبو ظبى أن توحى للرأى العام العربى أن تطبيعها العلاقات مع تل أبيب كان يهدف إلى وقف خطة الضم التى أعلنت عنها إسرائيل، لكن الأخيرة قالت قبل وبعد التوقيع على الاتفاقية إنها لم توافق إلا على تأجيل خطتها، وليس وقفها نهائيا.
الآن وبعد أن ذهبت العلاقات بين تل أبيب وعدد من العواصم العربية ــ الخليجية تحديدا ــ بعيدا، وصارت أقرب إلى التحالف الاستراتيجى، ماذا ستفعل حكومات تلك العواصم بعد أن قررت إسرائيل المضى قدما فى خطتها لضم الأراضى العربية؟

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved