عين صديقة

خالد محمود
خالد محمود

آخر تحديث: الثلاثاء 9 يونيو 2009 - 8:43 م بتوقيت القاهرة

خيرا فعل الدكتور زاهى حواس حينما أقنع الرئيس الأمريكى أوباما خلال زيارته للأهرامات بعدم ركوب الجمل والتصوير معه، وخيرا فعل الرئيس الأمريكى عندما استسلم لنصيحة الدكتور حواس فى اللحظة، التى يتابع فيها الملايين من كل أنحاء العالم تلك الزيارة التاريخية، لأنه لو كان فعلها وركب الجمل لأكد الصورة النمطية السلبية الراسخة فى خيال السينمائيين الأجانب عن شعب مصر، تلك الصورة، التى لا تزال تصدرها الأفلام الأمريكية والأوروبية الحديثة لمشاهديها فى جميع أنحاء العالم، وهى لم تكتف بذلك.. بل غالبا ما تغلفها بإطار من الفقر والتشرد والتخلف ودائما ما تكون متورطة فى عمليات إرهابية، ولا أعرف إذا كان هذا التصرف من قبل حواس جاء بالفطرة أو أنه كان منتبها لخطورة ظهور باراك أوباما بالجمل على جميع شاشات الفضائيات، لكنه فى النهاية أنقذ شعبا عانى كثيرا من النظرة الأحادية لكثير من دول الغرب له.. هذا الغرب الذى لم يعد يقبل منا سوى نوعية الأفلام، التى تغوص فى التراث وتبرز ملامحه الأكثر سلبا وتشويها، وهى النوعية التى تمثل لهم الإثارة وترضى فضولهم عن مجتمع متخلف يعيش على عادات وتقاليد قديمة.. مجتمع ليس له علاقة بالمدنية والتطور.

أنا لا أبالغ فى ذلك، فكثيرا ما قابلت أعضاء لجان تحكيم أجانب فى مهرجانات سينمائية، ولم يبدوا انبهارهم سوى بهذه النوعية من الأفلام، التى لا تخجل من خدش حياء الواقع المصرى وتتغزل فى بيئته المشوهة.

وإذا كنا قد طرحنا على صفحات «الشروق» سؤالنا: هل تتغير صورة المسلم والعربى فى سينما هوليوود بعد خطاب أوباما الإيجابى فقد كان ذلك من أجل تحريك الفكر السينمائى المصرى وفتح آفاق جديدة لما نطرحه فى أفلامنا المحلية أولا من مفهوم للشخصية الإرهابية والعشوائية والعدائية باسم الدين.. كنا نريد أن يعيد صناع الأفلام نظرتهم لمجتمعهم وللشخصية المصرية قبل وقوفهم عند نظرة هوليوود المعادية سواء للمسلم أو للعربى بشكل عام.. والتى أرى أنها تحتاج لسنوات طويلة حتى يتم تغييرها، وحتى هذا التغيير سوف يخضع لمعطيات خاصة تتبلور حسب مفاهيم ثقافية وأيدلوجية وسياسية فيما يسمى صراع الحضارات من جانب، وفى حرب نفسية باردة لكبرى شركات الإنتاج الخاضعه لرأس مال يهودى من جانب آخر.

وربما تعيد «برنيطة» الخواجة حواس وملابسه الجينز، التى ظهرت للعالم كله فى جولته مع أوباما بمنطقة الأهرامات تشكيل الصورة وجدانيا لدى المواطن الغربى بحيث يرفض من تلقاء نفسه ما تحاول ترسيخه بعض الأفلام لصورة المصرى أبوجلابية وجمل وحمار أو المتورط فى عملية إرهابية أو القاطن تحت بئر السلم بملابسه الرثة.

إن رحلة التحرر من صورة ذهنية تاريخية مزيفة وجارحة أحيانا أو مبالغة أحيانا أخرى يتطلب تحررا آخر من التربص بأنفسنا وأن نحاول رؤيتها بعين أخرى... عين صديقة.  

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved