المندهشون

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الخميس 9 يونيو 2011 - 8:32 ص بتوقيت القاهرة

 ما يستحق الاندهاش هذه الأيام هو أولئك المندهشون من وقائع الفساد التى نسمع ونقرأ عنها كثيرا الآن.. هؤلاء يفتحون أفواههم إلى آخرها ويرسمون علامة الدهشة على وجوههم ويقولون: لم نكن نتصور أن الفساد قد وصل إلى هذه الدرجة.

نذكر هؤلاء المندهشين ونسألهم: ألم تمتلئ الصحف المستقلة والمعارضة منذ سنوات طويلة بملفات ضخمة من الفساد.. ألم تنشر هذه الصحف معظم ما ينشر هذه الأيام.. أم أنكم كنتم تعيشون خارج مصر؟!.

ما هو الجديد فى أن أحمد عز كان يمارس تجارة الاحتكار فى الحديد؟.
هناك ملايين التقارير التى تتحدث عن هذا الامر، بل هناك «مضابط» لمجلس الشعب، تؤكد ذلك أثناء مناقشة قانون منع الاحتكار.. وهناك استجوابات وطلبات إحاطة وأسئلة فجرها الكثيرون خصوصا نائب الإسكندرية السابق أبوالعز الحريرى.
وقائع الاستيلاء على الأراضى فى طريق الإسكندرية الصحراوى خصوصا السليمانية نشرتها «الشروق» وصحف أخرى قبل الثورة ولم يتحرك أحد.

القصة الكاملة لملف محمد إبراهيم سليمان نشرها زميلنا صابر مشهور هنا فى «الشروق» قبل أكثر من عام.. ونشرها غيرنا بوقائع مختلفة عقب خروجه من الوزارة، وكان الجميع يعرف كل التفاصيل.. إذن ما الجديد؟!.

ألم تتحدث هذه الصحف عن الدور المريب لكل اركان النظام فيما يتعلق بقصة «مدينتى»؟!.
انحرافات رجال الأعمال خصوصا الذين دخلوا الوزارة كانت معروفة للجميع، وصحف كثيرة تحدثت عنها بوقائع محددة.. ألم تحذر هذه الصحف من زواج رأس المال بالحكم.. ألم تنشر تفصيليا عن قضية أرض التحرير وجزيرة آمون المملوكتين لاحمد لمغربى، ألم تنشر عن دور زهير جرانة فى السياحة ومحمد منصور فى النقل.. ألم تتحدث الصحف عن البلاغات المتعددة ضد محمد أبوالعينين فى العديد من القضايا؟.

الصحف نفسها تحدثت عن الأراضى الصخمة التى استولى عليها صهرا الرئيس مجدى راسخ ومحمود الجمال، بل إن صحفا جريئة ومواقع إلكترونية تحدثت عن معظم النشاط المشبوه لجمال وعلاء مبارك. هذه الصحف تحدثت ايضا عن ابراهيم كامل وارض سهل حشيش ومحاولاته الدءوبة لمنع وعرقلة المشروع النووى فى الضبعة كى لا تؤثر على استثماراته.. الصحف تحدثت عن كل رموز المرحلة الماضية شخصا شخصا.

«التابو الوحيد» الذى لم تقترب منه هذه الصحف هو الفساد المباشر لحسنى مبارك نفسه.. كثيرون لمحوا، والبعض غمز ولمز، لكن النشر المباشر، كان يعنى السجن الفورى وربما التصفية.
إذن ما هو الجديد حتى نصاب جميعا بالاندهاش ويبرر البعض تواطؤه أو سكوته أو صمته أثناء العهد الماضى بأنه لم يكن يعلم؟!.

الجديد فقط أن هناك ثورة، استطاعت أن تحيل هذه القضايا إلى التحقيق، قبل الثورة كان اللصوص يتسترون خلف مناصبهم، بعد الثورة صار بعضهم فى مزرعة طرة. إذن السؤال الذى يستحق أن نطرحه على السادة المندهشين هو: لماذا أنتم مندهشون هكذا؟!.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved