3أفگار و3 رسائل فى التعامل مع أزمة حوض النيل

مجدى حفنى
مجدى حفنى

آخر تحديث: السبت 9 يونيو 2012 - 8:35 ص بتوقيت القاهرة

أين نحن الآن وإلى أين نسير؟ أو بمعنى آخر ما هو مسار التعاون الإقليمى ومصيره بين دول حوض النيل؟

 

وكيف يمكن تجاوز هذه الأزمة؟ هذا بالإضافة إلى عدد من التساؤلات الأخرى المتفرعة عن ذلك، والتى أردنا أن تكون فى صورة أفكار ورسائل من أجل التبادل المثمر والحر فى مجتمع للمعرفة بين جميع المهتمين والمعنيين بهذا الأمر حكوميين وغير حكوميين.

 

الفكرة الأولى: فى التشخيص العام والتوصيف للأزمة:

 

يدعونى لهذا العرض  وعلى هذا النحو  ما لمسته من خشية البعض من الباحثين والمهتمين بهذا الموضوع وتصويره على أن «مصر فى مأزق»، وكأن الأزمة هى أزمة مصر وحدها فى حوض النيل. ففى تقديرى أن دول حوض النيل جميعها أصبحت فى مأزق، وهى أزمة تتمثل فى:

 

● الفشل فى التعاون الإقليمى وفى التعامل معها. فالمتتبع لمسيرة التعاون الإقليمى فى حوض النيل حاليا يلاحظ أن هناك أزمة فى الوصول بهذا التعاون بين دول حوض النيل إلى غايتة المنشودة والمتمثلة فى وحدة الحوض.

 

● بل أصبحنا نرى تكريسا للانقسام بين مجموعة تمثل دول المنابع (أصبحت تعرف بمجموعة عنتيبى) ودولتى المصب (مصر والسودان)، وأصبح التكامل الإقليمى بين دوله (اقتصاديا واجتماعيا) من قبيل الوهم بالرغم من الخطاب السياسى فى أروقة الاتحاد الإفريقى الداعية وبشدة إلى التكامل الإقليمى فى القارة.

 

● وأصبحت مبادرة حوض النيل Nile Basin Initiative التى تعد مثالا ناجحا للتعاون الإقليمى فى مجال الأنهار المشتركة فى مهب الريح تنتظر توافق الرأى ووحدة الحوض، فقد تم وضع دراسات جدوى بدعم فنى ومالى من جانب الدول المانحة والبنك الدولى، وبلغ عدد هذه المشروعات المشتركة المتضمنة فيها (منذ إقرارها فى عام 1999 فى القاهرة) أكثر من ثلاثين مشروعا على مدى أكثر من عشر سنوات وأمكن عمل دراسات جدوى للعديد منها وتنتظر التنفيذ، وفى نفس الوقت ينتهى العمل بالمبادرة هذا العام (2012).

 

● أن الأزمة ليست بسبب الاختلافات فى الرؤى والمواقف بين أطراف الأزمة فقط، ولكن ترجع الأزمة فى جذورها  أيضا  إلى سوء فهم بين الأطراف، وشكوك، بل واستخدام نظرية المؤامرة فى بعض الأحيان كنتيجة لرواسب قديمة أوجدت درجة عالية من عدم الثقة.

 

الفكرة الثانية: لماذا الأزمة؟.. التساؤل الرئيسى والتساؤلات الفرعية

 

المياه هى مورد عام اقتصادى واجتماعى ومياه النيل هى إرث مشترك، وهى هبة من الله عز وجل. وبالتالى تثار أسئلة رئيسية عديدة فى إطار ما يعرف بمأساة المورد العام والإرث المشترك tragedy of the common وما يترتب عليهما من قضايا خلافية أخرى بسبب حقوق الملكية والتوزيع والحصحصة: بين القطاعات المتنافسة وعلى مستوى الأنهار الدولية والمشتركة وكذلك المياه الجوفية المشتركة، وقضية إنشاء السدود التى تعد من قضايا أخلاقيات المياه، بالإضافة إلى قضايا تتعلق بحقوق الإنسان والكرامة الإنسانية: الحق فى المياه والحق فى الطعام، كذلك قضايا تسعير المياه والخصخصة للمشروعات المائية: بل تطرح السؤال: هل تصبح المياه سلعة فى هذا القرن؟

 

وفى هذا الإطار يصبح من الضرورى توافر المنظور الأخلاقى فى التعامل مع الأزمة، فى ضوء تعريف الأخلاقيات بأنها محاولة لتقويم اختيارات من منظور إنسانى»، ومن هذا المنظور وجهت السيدة فيجديس فينبوجادوتير (Mrs. Vigdis Finnbogadottir) رئيس جمهورية أيسلاندة السابقة ومدير اللجنة الدولية لأخلاقيات العلوم والتكنولوجيا التابعة لمنظمة اليونسكو (Oslo، Norway، April 1999)، إلى ضرورة مراعاة التوازن فى الإجابة على سؤالين رئيسيين:

 

● كيف يمكن إيجاد توازن بين الحق فى المياه كشرط أساسى للحياة وكإرث مشترك للجميع مع الاعتراف بحق الملكية.

 

● وكيف يمكن منع التدخل والاستغلال الأنانى للعبث بالموارد المائية المشتركة.

 

يتفرع عن السؤال الرئيسى (كمتغير رئيسى) عدد من التساؤلات الفرعية (كمتغيرات تابعة)، تساعد فى التشخيص والتوصيف لأزمة التعاون الإقليمى فى حوض النيل وتحديدها، والمساعدة على حلها، ويمكن طرحها كما يلى:

 

● أزمة بسبب عوامل الطبيعة والجغرافيا: وكيف يمكن معالجة الأزمة بفعل عوامل الطبيعة التى فرضتها علينا جغرافيا الحوض والحاجة للتمييز والتفرقة differentiation element بين دول يغلب عليها الجفاف وشبه الجفاف والتصحر وهى دول تقع فى المصب (مصر والسودان) ولم تحابيها الطبيعة بأمطار (مياه زرقاء)، ودول فى المنابع تسقط عليها كميات وفيرة من الأمطار دون استغلال وبالتالى تتمتع بمياه زرقاء ومياه خضراء تستغل فى الزراعة والرعى المعتمدة على الأمطار.

 

● أزمة فى التفاوض وكيف يمكن الانتهاء من الاتفاقية الإطارية للتعاون الإقليمى على نحو يحقق التوازن بين موادها لمصلحة جميع دول الحوض فى المنابع وفى المصب.

 

● أزمة فى إمكانية قيام تعاون إقليمى حقيقى: كيف يمكن قيام تعاون إقليمى حقيقى يكون فيه المكسب للجميع win – win دون الانفراد لأى دولة بالاستغلال الأحادى الجانب (دون إخطار مسبق)، الذى قد يضر بالغير ويعبر عن خسارة للجميع zero sum game فى النهاية. وهل تذهب مبادرة حوض النيل أدراج الرياح ويتجمد أو ينتهى العمل بها مع نهاية هذا العام (موعد انتهاء صلاحيتها)؟، وكيف يمكن الخروج من الأزمة؟ مع المحافظة على قوة الدفع لإنشاء مفوضية حوض النيل وخلق كيان مؤسسى لأول مرة فى التاريخ يضم جميع دول الحوض. ويرتبط بذلك أزمة مبادرة حوض النيل nile basin initiative والخاصة بمساعدات المجتمع الدولى وكيف يمكن الحفاظ عليها.

 

● أزمة العمل الانفرادى فى بناء سد النهضة الإثيوبى على النيل الأزرق، والخطوات الإيجابية لإنشاء اللجنة الثلاثية والمتخذة لمعالجة ذلك،

 

● ثم الأزمة المتمثلة فى توقف العمل بقناة جونجلى فى محاولة لزيادة إيراد النيل، وكيف يمكن تجاوزها؟، وما هو الموقف بالنسبة لهذا المشروع والكفيل بزيادة إيراد مياه النيل لصالح مصر والسودان وخاصة بعد ولادة دولة جنوب السودان؟

 

الفكرة الثالثة:

 

تجيب على التساؤل كيف يمكن مواجهة هذا التحدى؟ «لإيجاد التوازن» وإيجاد مخرج leverage لأفضل الحلول الممكنة، وتتضمن هذه الفكرة التأكيد على الرسائل التالية:

 

الرسالة الأولى: الحاجة لتبنى مدخل استراتيجى وأخلاقى وإنسانى فى التعامل مع الأزمة، وأهمية إعمال فكر جديد واستحداث أدوات مبتكرة للحوار الهادف والتواصل الاجتماعى بين دول الحوض، ففى التقدير:

 

● أن الأزمة فى التعاون الإقليمى فى حوض النيل هى أزمة حالة actual، وتفرض علينا سرعة التحرك لتلافى ما تفرضه من آثار سلبية عديدة على مسيرة هذا التعاون، كما تبدو الحاجة ماسة عند هذا المنعطف إلى إعمال فكر جديد للإنقاذ، والمناداة بل دعوة دول حوض النيل جميعها بتبنى مدخل استراتيجى وأخلاقى وإنسانى فى التعامل مع الأزمة وباستخدام أدوات مبتكرة لإيجاد حل  فى أقرب وقت  للتغلب عليها والخروج بحلول مشتركة مناسبة لها.

 

أن أى حل لهذه الأزمة سوف يعتمد بالدرجة الأولى على تغيير طريقة تفكيرنا فى حلها من خلال إتباع نهج انسانى human approach واستراتيجى للتعامل مع حوض النيل كوحدة متكاملة وأهمية سيادة المبادئ الأخلاقية فى التعامل مع مشكلات التعاون الإقليمى وإدارة المياه، وذلك من خلال تكوين الرؤية المشتركة فى محاربة الفقر وإحداث التنمية فى حوض النيل.

 

الرسالة الثانية: الدعوة للتمسك بالإكثار من التفكير المشترك thinking together فى لقاءات مشتركة فى مجتمع حوض النيل

 

وأن يتم ذلك على كافة المستويات (حكومى وغير حكومى) ومع كافة الأطراف، وبصفة خاصة فى حوض النيل الشرقى الذى يجمعنا بالسودان وإثيوبيا فى مصالح ومواريث ثقافية مشتركة، وفى إطار استراتيجية لبناء الثقة. ويتفق ذلك مع ما ذهب إليه آرثر براين Arthur Brain W. عالم الاقتصاد الأمريكى اللامع من «أن ما يعطينا القوة كبشر ليس عقولنا، ولكن ما لدينا من القدرة على مشاركة عقولنا». وآرثر براين معروف بنظريته «العائد المتزايد والتغذية المرتدة الإيجابية positive feedback أو ما يعرف فى علم الاقتصاد بالعائد المتزايد increasing returns، وهو ما يدخل فى مجال الأخذ بتطبيقات علم التشابك أوالتعقيدات المتداخلة complexity theory،

 

ومما لا شك فيه فإن التبادل المكثف للزيارات الرسمية التى تمت، وعلى أعلى مستوى لرؤساء الوزراء فى البلدين وكذلك على مختلف المستويات (الحكومية وغير حكومية) سيحقق المردود الإيجابى الذى أشار إليه أرثر براين من عائد متزايد من شأنه تصحيح المفاهيم، ويحقق مزيدا من التفاهم والتقدير كل لظروف الآخر، وفى هذا الإطار يمكن معالجة الرواسب التى خلفها الإرث الاستعمارى التاريخى للعلاقات بين دول الحوض، وكيف يمكن تداركه وخلق روح جديدة تعتمد على الاحترام المتبادل وبناء الثقة بعيدا عن عوامل الشك وانعدام الثقة.

 

وقد لمسنا هذا المردود الإيجابى فى الاهتمام الإثيوبى بزيارة الوفد الشعبى الممثل للمجتمع المدنى فى مصر العام الماضى، بما تضمنه من أحزاب وقوى ثورة 25 يناير، فقد استقبل بحفاوة فى أديس أبابا والخرطوم وكمبالا وغيرها من دول حوض النيل.

 

الرسالة الثالثة من أديس أبابا: كمثال حى وناجح هو ما تحقق مؤخرا فى اللقاء المشترك بين وفد المجلس المصرى والمعهد الإثيوبى الدولى للسلام والتنمية فى أديس أبابا (2629 فبرلير الماضى) كمراكز فكر مرموقة think tanks.

 

وفى هذا السياق تأتى المبادرة المهمة التى تمت مؤخرا بين مراكز الفكر فى مصر وفى إثيوبيا على مستوى استراتيجى وفكرى بين المجلس المصرى للشئون الخارجية مع المعهد الإثيوبى للسلام والتنمية فى أديس أبابا، يما قد يسهم ولا شك فى تكوين الرؤى المشتركة فى محاربة الفقر وإحداث التنمية فى حوض النيل. ويأتى ذلك فى إطار أوسع للدعوة للتمسك بالإكثار من التفكير المشترك thinking together فى لقاءات مشتركة فى مجتمع حوض النيل بمختلف طوائفه.

 

تم اللقاء بين وفد من المجلس المصرى للشئون الخارجية مع المعهد الإثيوبى للسلام والتنمية فى أديس أبابا (على مدى يومين) فى إطار استراتيجية أوسع للتصدى لقضايا التنمية والمياه بشكل موضوعى ومستقل ومن منظور أوسع لتحقيق أكبر لهدف «محاربة الفقر وتحقيق التنمية المستدامة مع الحفاظ على البيئة»، وخلق المصالح المشتركة لكلا البلدين: مصر واثيوبيا، وذلك تنفيذا لمذكرة التفاهم الموقعة بين المؤسستين التى أكدت على أهمية تبادل الدراسات، وعقد ورش العمل فى ضوء هذه الدراسات، وعلى أن تكون هذه الدراسات أساسا لعقد حوار بناء وموضوعى فى الموضوعات المتوقع تأثيرها على تحقيق الإدارة المتكاملة للموارد المائية لحوض النيل، وكذلك باستخدام الأدوات الدبلوماسية، لبناء الثقة وفى السياق الأوسع لإعمال دبلوماسية المياه والتى تؤدى فى النهاية إلى حل أى صراع على المياه فى المستقبل.

 

وقد اتفقت الرؤى فى اللقاء مع التوجه العام لوصف الوضع فى العلاقات بين مصر واثيوبيا بأنها تعانى من وجود الشك وسوء الفهم، وبالتالى انعدام الثقة، وفى بعض الحالات باستخدام نظرية المؤامرة. وقد أدى ذلك إلى تعثر المفاوضات حول مياه النيل، بل وحتى إلى الفشل مؤخرا وبالتالى تولد التصور المشترك وهو «أننا بحاجة إلى اتخاذ تدابير محددة لبناء الثقة»، وتتضمن:

 

● الإكثار من عقد ورش العمل لتبادل الآراء وعلى أساس من دراسات وبحوث يقوم بها متخصصون لأى مشكلة، ويمكن أن يسهم ذلك فى إيجاد مسلمات جديدة لتطوير التفكير وبما يتفق مع التغيير الثورى خاصة فى مصر كنتيجة لثورة ال25 من يناير 2011 للاهتمام بدول حوض النيل وخاصة بإثيوبيا ووضعها فى الاتجاه السليم.

 

 ● تفعيل الحوار وتكثيفه فى محاولة لتغيير المسلمات القديمة التى تنظر إلى إدارة المياه على أنها مجرد توزيع للحصص بين الدول المتشاطئة إلى خلق قناعات ومسلمات جديدة بحيث تقضى بالتعامل مع المياه على أنها عامل رئيسى مساعد فى إحداث التنمية الشاملة لدول حوض النيل وعلى أساس مستدام.

 

● إن مياه النيل هى إرث مشترك لجميع دول الحوض ولكل الحق فى استخدامها وعلى أسس من تبادل المنافع والتقاسم المشترك لها..

 

تحقيق درجة أعلى من التضامن الهيدرولوجى والوصول إلى درجة كبيرة من تحقيق التوازن بين مبدأى الاستخدام المنصف والمعقول للمياه ومبدأ عدم إلحاق الضرر، مع الاهتمام بالجانب التنفيذى على مستوى المشروع أو المفاوضات ككل.

 

● الأخذ بعين الاعتبار الحقوق المكتسبة والتاريخية كنتيجة للاستخدام التاريخى وخاصة الاستخدام غىر المتقطع ولمدة طويلة من الزمن، وبصفة خاصة أن مصر تعتمد اعتمادا كاملا على مياه النيل بدرجة 97% كدولة مصب.

 

● إزالة الشكوك وانعدام الثقة، فى الأجل الطويل، من خلال إعمال سياسة الحوار الموضوعى والبناء من أجل تحقيق المصالح المشتركة ومن أجل التنسيق المشترك على المستوى الثنائى والإقليمى والدولى. وسوف يؤدى الحوار الناجح القائم على المكسب للجميع وتقاسم المنافع إلى اتخاذ إجراءات محددة لبناء الثقة على أساس شعبى بين الشعوب بعضها مع بعض وعلى كل المستويات فى الحوض بحيث يشمل المرأة والشباب والجامعات والمدارس.

 

● تعبئة وتبادل الخبرات المشتركة فى الإدارة وتنمية المياه والتدريب المشترك وبصفة خاصة فى موضوعات التفاوض، ودبلوماسية المياه والتحليل المنظومى فى التعامل مع المعضلة المائية المعقدة فى إدارة الأحواض المشتركة، والتى تحتاج لقرارات موحدة على المستوى الإقليمى (فى شرق أفريقيا) ولمصلحة جميع الدول باعتبار أن حوض النيل وحدة واحدة.

 

● تحقيق التوازن فى اتخاذ القرارات على مستوى حوض النيل الشرقى وبخاصة إثيوبيا والسودان، ومع الأخذ فى الاعتبار العلاقة المتبادلة بين القطاعات المختلفة للتعاون الإقليمى، فعلى سبيل المثال يمكن تبادل المياه فى مقابل الكهرباء حيث تحتاج إثيوبيا إلى الطاقة الكهرومائية ومصر تحتاج للمياه فيمكن تبادل الاثنين mutual trade off وبما يحقق مصلحة الطرفين. هذا مع أهمية مراعاة تحقيق التوازن عند اتخاذ القرارات بين اعتبارات الكفاءة والعدالة الاجتماعية والاعتبارات البيئية.

 

● تنمية وزيادة التجارة البينية وخاصة فى المنتجات الغذائية واللحوم باستيرادها من إثيوبيا والسودان وهو ما تم مؤخرا بحيث يوفر كثيرا من المياه لمصر فى صورة مياه افتراضية (أى مياه مستخدمة فى إنتاج اللحوم والمواد الزراعية والأرز والقمح على سبيل المثال. والمياه الافتراضية هى فكرة جديدة تقوم على أساس العلاقة بين المياه والتجارة استيرادا وتصديرا. ومثال ذلك أن إنتاج كيلو من اللحم البقرى يحتاج إلى 15000 لتر مياه، وإنتاج كيلو أرز يحتاج 3400 لتر مياه، ونحتاج 3300 لتر مياه لإنتاج كيلو بيض، بينما نحتاج 1300 لتر مياه لإنتاج كيلو قمح، و4100 لتر لإنتاج فانلة قطن T Shirt. ولقد تم مؤخرا بالفعل وفى أعقاب ثورة الخامس والعشرين من يناير باستيراد اللحوم من إثيوبيا والسودان بدلا من الأرجنتين وأستراليا بما يعد تجاوبا من مصر مع زيادة التجارة البينية.

 

● تفعيل وتشجيع التبادل والتعاون الثقافى وإقامة علاقات على مستوى شعبى بين مصر وإثيوبيا بالإضافة إلى تعزيز دور وسائل الإعلام لتصحيح الصورة الذهنية وبناء الثقة فى ضوء الروح الجديدة لخلق مصالح مشتركة وشراكة حقيقية بين البلدين.

 

وقد أسهم السيد أيمن عيسى رئيس مجلس الأعمال المصرى الإثيوبى فى وضع الصورة بالنسبة لمجالات التجارة والاستثمار بين البلدين، وأشار إلى أن النجاحات التى تمت حتى الآن وفى فترة وجيزة لزيادة الاستثمار المصرى والتجارة البينية تعود بالفائدة على إثيوبيا ليس فقط فى زيادة القيمة المضافة للسلع المنتجة فى إثيوبيا بل أيضا فى مجال التدريب للعمالة الإثيوبية، ومن هنا تأتى أهمية خلق مناخ سياسى موائم وتعزيز الثقة المتبادلة من أجل تنمية الاستثمارات والتجارة البينية على أساس مستدام.

 

لا يفوتنا هنا التنويه للدور الكبير الذى قام به السيد السفير محمد إدريس والسادة أعضاء السفارة فى إثيوبيا من أجل نجاح اللقاء فى تحقيق أهدافه وبحيث تمت فى وقت وجيز تغطية واسعة ولقاءات على مستوى رسمى ومع المؤسسات الإثيوبية ومجلس السفراء العرب فى أديس أبابا ومع الصحف الإثيوبية. وفى التقدير أن مثل هذه اللقاءات مع مراكز الفكر سيكون لها مردود إيجابى قوى وتأكيد للرغبة المصرية فى فتح صفحة جديدة من بناء الثقة وخاصة مع مولد الروح الجديدة التى يتمتع بها شعب مصر حاليا فى أعقاب ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، والتى تعطى أولوية للعلاقات مع إثيوبيا وتضع العلاقات المصرية الإفريقية فى إطارها الصحيح لاستعادة الأخوة والتضامن مع الدول والشعوب الأفريقية كافة. 

 

ويعد ذلك بداية طيبة حققت الغرض منها وهو توحيد الرؤى للقيام بأنشطة مشتركة ووفق خطة محددة من أجل بناء الثقة بين مراكز الفكر، وتم اعتبار الورقة المقدمة من الجانب المصرى أساسا للمناقشة وتم تبنيها فى الاجتماع لتكون أساس التعاون بين المؤسستين فى الفترة المقبلة وذلك بعد تعديلها إضافة البند 3.6 ليتضمن أهمية تعزيز التجارة والاستثمار المتبادل بين مصر وإثيوبيا. وإضافة بند جديد رقم 3.8 حول الدور الحيوى الذى تلعبه مجالات الثقافة والإعلام والتعليم والعلوم والتكنولوجيا فى بناء علاقات وطيدة بين شعبى البلدين على أسس سليمة.

 

 

وهنا تكمن ديناميكية التعامل مع الأزمة فى حوض النيل فى بعدها الاستراتيجى strategy dynamics فى مثل هذه اللقاءات، وأهمية الدعوة هنا لمراكز الفكر والجامعات كافة فى مصر أن ترتب للقاءات مشتركة مع المراكز المناظرة لها فى دول الحوض، وذلك من أجل طى صفحات من الإهمال لعلاقات مصر مع دول حوض النيل، مع إعطاء أولوية لدول الجوار: دولة شمال السودان ودولة جنوب السودان، وإثيوبيا (حوض النيل الشرقى) من أجل تكوين الرؤى المشتركة فى مواجهة أزمات التعاون الإفليمى،

 

ويمكن تحقيق ذلك باستخدام التكنولوجيا المتطورة وأدواتها فى التواصل الاجتماعى ويمكن تسخير تكنولوجيا الاتصالات للتقارب والتفاهم المصرى الإفريقى المشترك، ويساعد على ذلك استخدام أدوات مبتكرة فى الاتصال والتواصل الاجتماعى تمتد لاستخدام فضاءات الإنترنت التى لا تعترف بحدود لا فى المكان أو الزمان مع إعمال سياسة الحوار والاستماع الجيد للأطراف الأخرى فى حوض النيل فى كافة اللقاءات الحقيقية physical والافتراضية nonphysical، وباستخدام علم التفكير المنظومى الذى يرى حوض النيل نظاما متكاملا ووحدة واحدة يتكون من نظامين (الهضبة الاستوائية، والهضبة الإثيوبية) system with two subsystems، وبالتالى ستتم التغذية المرتدة ويتحقق العائد المتزايد فى صورة تفاهمات مشتركة متزايدة نابعة من إحساس وتقدير كل طرف لمشكلة الطرف الآخر ومصالحه وسعيه لكى يكون جزءا من الحل.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved