حديث صريح.. إعادة بناء البيت الفلسطينى

فيس بوك
فيس بوك

آخر تحديث: الأربعاء 9 يونيو 2021 - 8:15 م بتوقيت القاهرة

نشر الكاتب الأردنى لبيب قمحاوى مقالا على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعى فيسبوك، تحدث فيه عن الجهود العربية لتكريس الوحدة الوطنية الفلسطينية والعودة إلى حضن منظمة التحرير الفلسطينية مشددا على أن هذه الجهود يجب ألا يكون غرضها إنقاذ السلطة الفلسطينية.. جاء فيه ما يلى.
إن ما يجرى الآن من محاولات عربية ودولية لإجراء عمليات توفيقية وترقيعية لترميم العلاقات الفلسطينية ــ الفلسطينية يجب ألا تحمل فى ثناياها ونواياها هدف إنقاذ السلطة الفلسطينية وتمديد حياتها على حساب تحجيم انتصارات حركة حماس أو العمل على اختراقها والسيطرة على سلوكها. الهدف الحقيقى يجب أن يتمثل بالعمل على خلق جسم فلسطينى جديد قوى يمثل آمال وطموحات الشعب الفلسطينى ويعمل على تنفيذها.
إن خلق مسارب تهدف إلى تحويل التركيز من هدف مقاومة وإنهاء الاحتلال إلى هدف تقاسم السلطة هو أمر خطير ويجب العمل على تفاديه لأنه يصب مباشرة فى مصلحة الاحتلال. وهكذا، من الممكن الافتراض أن أى مكسب سياسى قد تحصل عليه حركة حماس من المجموعة العربية والدولية قد يكون عبارة عن تنازل مخطط له من أجل إعطاء السلطة الفلسطينية قبلة الحياة، وليس اعترافا بقيادة حركة حماس ودورها النضالى الطليعى.
طموح حركة حماس لنيل الاعتراف السياسى ولعب دورها الطبيعى فى قيادة الحياة السياسية والنضالية للشعب الفلسطينى أمر مشروع قد استحقته حركة حماس بالتخطيط والمثابرة والتضحيات ودماء الشهداء، ولكن المنزلقات الكامنة فى طريق الوصول إلى ذلك الهدف كثيرة ويجب الحرص على تفاديها خصوصا وأن أعداد المتآمرين ومؤامراتهم فى ازدياد كلما نجح الشعب الفلسطينى فى إثبات قدراته. فالنجاح الفلسطينى فى أى مجال هو أمر مرفوض إسرائيليا مما يعنى العمل على إفشاله أو إذابته فى بحر من المشاكل الداخلية والخارجية.
•••
السلطة الفلسطينية حالة سرطانية ميئوس منها ويجب استئصالها تماما من الحياة السياسية الفلسطينية وتشجيع حركة فتح على التخلص من تلك السلطة. المطلوب من شرفاء حركة فتح قيادة ثورة داخل الحركة تؤدى إلى طرد جميع رموز السلطة الفلسطينية من عضوية حركة فتح وإلى التخلص من السلطة الفلسطينية ومن فلسفة أوسلو وخضوعها المستمر للمطالب الإسرائيلية ولرغبات الاحتلال. إن فشل شرفاء فتح فى القيام بذلك سوف يؤدى إلى زجهم وزج حركة فتح فى أتون خطايا السلطة ومصائبها الوطنية واعتبارهم فريقا واحدا مع السلطة وفى ذلك إجحاف شديد بحق حركة فتح وتاريخها النضالى.
منظمة التحرير الفلسطينية هى تاريخيا الوعاء الجامع للشعب الفلسطينى والمظلة الحامية لحقوقه الوطنية والمعبرة عنها. المصالحة الفلسطينية ــ الفلسطينية والعودة إلى حضن منظمة التحرير هى توجه منطقى لإعادة توحيد الفصائل الفلسطينية على شرط ألا يكون ذلك مدخلا أو وسيلة لإنقاذ السلطة الفلسطينية وإبقاء دورها ونفوذها وفلسفتها قائمة فى الحياة السياسية الفلسطينية والقضية الفلسطينية.
إن إحياء دور منظمة التحرير الفلسطينية بعد سنوات من الجمود والتجميد الذى ألحقته بها السلطة الفلسطينية وما رافق ذلك من تدمير لمؤسسات المنظمة، قد جعلها بحاجة ماسة إلى التطوير والتحديث والتنشيط حتى تتمكن من القيام بدورها المنشود. وهذا يجب أن يتم بعيدا عن المصالح والنزاعات الفصائلية المنطلقة من نظام المحاصصة البغيض. ويمكن أن يتم ذلك من خلال العودة إلى أصول منظمة التحرير كما كانت فى حقبة ما قبل عام 1969 كنقطة بداية. وفى هذا السياق يجب تفادى اللجوء إلى منظمة التحرير كمخرج يهدف إلى إبقاء السلطة على قيد الحياة مقابل إعطاء حماس دورا فى الحياة السياسية الفلسطينية. فالموضوع لا ينطلق من أسس خلافية شخصية أو فصائلية بقدر ما ينطلق من خلاف فى الرؤيا بين سلطة مستسلمة للاحتلال وتمنع أى مقاومة له، وبين حركة مقاومة مناضلة. وإذا كان لا مفر من إبقاء السلطة الفلسطينية كشريك فالأجدى بحركة حماس أن تنسحب من المفاوضات. الشريك يجب أن يكون حركة فتح وليس السلطة الفلسطينية وضمن إطار شرعية منظمة التحرير الفلسطينية وليس شرعية أوسلو. ودخول حركة حماس فى مفاوضات الوحدة الوطنية الفلسطينية مع السلطة سيؤدى إلى زج حماس فى نفق أوسلو. فحركة فتح شىء والسلطة الفلسطينية شىء آخر.
إن قدرة منظمة التحرير على القيام بدورها مجددا كمرجعية وكوعاء حاضن للنضال والحقوق الفلسطينية يتطلب تطوير إمكاناتها المؤسسية وعدم الاكتفاء بالإطار الفكرى والعقائدى. وخروج المنظمة من المنطق الفصائلى واعتمادها التمثيل الديمقراطى من خلال الانتخاب قد يكون أهم متطلبات نجاح الحقبة الجديدة من النضال الفلسطينى. وعلى أية حال فإن المرحلة الحالية تتطلب إعطاء الأولوية لإعادة الحياة والفعالية لسياسية مقاومة الاحتلال بجميع السبل والتى تجعل كلفة الاحتلال عالية وعالية جدا وبشكل يضع الاحتلال فى صورته الحقيقية كحالة مؤقتة وإلى زوال.
•••
الجهود العربية، خصوصا جهود مصر، فى اتجاه تكريس الوحدة الوطنية الفلسطينية وإعادة دور منظمة التحرير هى جهود مشكورة ويجب أن تحظى بالتقدير والامتنان لمصر ولشعب مصر، ولكن مصلحة القضية الفلسطينية يحب أن تأتى أولا. إذا كان الهدف غير المعلن لمحادثات الوحدة الوطنية الفلسطينية هو إنقاذ السلطة الفلسطينية والمحافظة على دورها كواجهة للاحتلال وسد منيع أمام مقاومته فإن هذا فى غير مصلحة القضية الفلسطينية. الشكر الموصول لا يعنى ولا يجب أن يعنى الانصياع لما هو فى غير المصلحة الفلسطينية. الشعب الفلسطينى عانى بما فيه الكفاية وما زال. وحقه فى المحافظة على متطلبات ومصالح قضيته يجب أن يحظى بالأولوية وبالاحترام العربى الكامل ويجب ألا يُنظر إليه كنكران للجميل. ما هو جيد للسلطة الفلسطينية ليس بالضرورة جيدا للشعب الفلسطينى وقضيته. وكما أثبتت الأحداث، فإنه لمن الظلم إعطاء السلطة الفلسطينية أى مكاسب لا تستحقها فى معارك لم تخضها، بل على العكس، فإن غيابها عنها كان ملحوظا من قبل الجميع، وبقاءها سوف يشكل عقبة أمام النضال الفلسطينى وأمام العمل على استعادة الحقوق الفلسطينية. السلطة الفلسطينية هى فى نهاية الأمر نتاج اتفاقات أوسلو التى يرفضها الشعب الفلسطينى وتقبلها إسرائيل. وطرفا الحوار الرئيسيان فى محادثات الوحدة الوطنية الفلسطينية يجب أن يكونا حركة فتح وحركة حماس بالإضافة إلى باقى الفصائل الوطنية الفلسطينية وليس السلطة الفلسطينية. والانصياع العربى لمطالب أمريكا وإسرائيل يجب ألا يأتى على حساب الشعب الفلسطينى.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved