نهاية طيبة لأزمة المهندسين

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الجمعة 9 يونيو 2023 - 9:00 م بتوقيت القاهرة

مساء يوم الخميس الماضى، عاد الحق لأصحابه فى نقابة المهندسين بصورة نسبية، وتم تصحيح الخطأ الفادح بعد اقتحام مجموعة من البلطجية للجمعية العمومية غير العادية لنقابة المهندسين فى أرض المعارض بمدينة نصر، فى ٣٠ مايو الماضى، ويتبقى فقط أن ينال البلطجية عقابهم، حتى لا يكرر غيرهم ما فعلوه.
نعرف أن مجموعة من البلطجية غير الأعضاء فى النقابة اقتحموا الجمعية العمومية غير العادية الثلاثاء قبل الماضى، حينما أدركوا أن غالبية المهندسين يرفضون سحب الثقة من نقيب المهندسين طارق النبراوى، وقاموا بتكسير صناديق الاقتراع ومزقوا بطاقات التصويت ما جعل اللجنة القضائية والإدارية المشرفة على الانتخابات تغادر المكان خوفا على حياتها. ونعرف أنه لم يتم إعلان نتيجة الجمعية العمومية غير العادية.
ونعرف أيضا أن نقيب المهندسين اتهم جهات بعينها بالوقوف خلف الأحداث وهو ما نفته هذه الجهات، وحرر كل طرف بلاغات ضد الطرف الآخر.
تكهرب الجو وكان المشهد بأكمله خسارة لكل الأطراف وإساءة للمشهد السياسى بأكمله بل ولصورة مصر نفسها.
لكن تحرك الحكومة مساء الخميس الماضى كان شديد الإيجابية. حينما حضر وزير النقل كامل الوزير ووزير الرى د. هانى سويلم مؤتمرا لنقابة المهندسين، عنوانه «العبور من الأزمة» واجتمعا مع النقيب وأعضاء المجلس الأعلى للنقابة، والعديد من رموز النقابة، وتم حل الأزمة بصورة معقولة جوهرها أن طارق النبراوى هو نقيب المهندسين واعتبار ما حدث فى الجمعية العمومية هو تأكيد الثقة فى النقيب.
وأظن أن أهم ما حدث يوم الخميس الماضى هو البيان الذى أصدره وزير الرى د. هانى سويلم وجاء فيه أن جموع المهندسين تؤكد ثقتها فى طارق النبراوى نقيبا وتشجب ما حدث من قلة لا تقدر دور ومكانة نقابة المهندسين ودور المهندسين فى بناء مصر الحديثة وتؤكد اصطفاف الجمعية العمومية ووحدتها خلف السيد النقيب لإعلان شأن المهنة ومراعاة مصالح المهندسين. وهو ما يعنى إقرارا واضحا برفض الدولة لما حدث من اقتحامات وبلطجة.
نعرف أن الدكتور هانى سويلم مهندس، ونعرف أيضا أن الفريق كامل الوزير مهندس فهو خريج فنية عسكرية، لكن المؤكد أن توجههما يوم الخميس للنقابة، لم يكن فقط بصفتهما مهندسين، ولكن بالأساس باعتبارهما وزيرين فى حكومة، وذهبا إلى النقابة بتكليف من الحكومة لحل الأزمة بهذه الطريقة الواضحة، وكان واضحا أن بيان سويلم وجه الشكر لكل من ساهم فى حل الأزمة، خصوصا لرئيس الوزراء مصطفى مدبولى وكامل الوزير. وكان واضحا أن التدخل الحكومى الحاسم أقنع الفريق المعارض للنبراوى بتقديم استقالاتهم الجماعية من عضوية هيئة مكتب المجلس.
لكن هل صحيح أن الحل الودى تضمن تنازل النقيب عن البلاغات ضد البلطجية الذين اقتحموا النقابة؟. الإجابة هى لا حسبما جاء فى كلام النبراوى لشريف عامر فى برنامجه «يحدث فى مصر» على قناة «إم بى سى مصر» مساء الخميس الماضى.
النبروى قال إن زيارة كامل الوزير وسويلم بادرة طيبة وإيجابية لكن البلاغ مستمر ضد البلطجية لأنهم أهانوا المهندسين ومصر كلها، وأطالب اللجنة القضائية بسرعة إعلان النتيجة التى خرجت مؤشراتها بنسبة ٩٠٪ حفاظا على حق وإرادة المهندسين. وكان ملفتا للنظر أيضا أن كامل الوزير قال إن الدولة تقف على مسافة واحدة من كل الأطياف وليس المهندسين فقط، ونقل تحيات الرئيس عبدالفتاح السيسى لكل مهندسى مصر واعتزازه بهم جميعا، وكذلك تحيات مصطفى مدبولى باعتباره واحدا منكم، لكن الوزير وجه الشكر لطارق النبراوى لحرصه على خدمة زملائه.
ما سبق خلاصة ما حدث يوم الخميس، وفى تقديرى هو تحرك حكومى جيد، وينهى أزمة كانت مرشحة كى تتحول إلى جرح لا يندمل كما حدث مع قضايا أخرى مماثلة. هذا التحرك الإيجابى نسبيا يسحب أوراقا كثيرة من أيدى المتربصين والمشككين ويقطع عليهم الطريق وهو تحرك مختلف مقارنة بقضايا وأزمات أخرى لم يتم فيها التحرك من الأساس أو جاء متأخرا جدا. لكن من المهم أن ينال البلطجية عقابهم والأهم ألا يتكرر ما حدث فى المشهد السياسى مرة أخرى.
يستحق الشكر كل من اقترح وفكر وخطط لهذه النهاية السعيدة، لكن الأهم نتمنى ألا نتفاجأ بأزمات أخرى مماثلة فى المستقبل خصوصا القريب أو البعيد.
ما حدث يوم 30 مايو يخاصم كل ما له صلة بالدولة المدنية الحديثة، وما حدث يوم الخميس الماضى يمكن أن يشكل بداية لهذه الدولة المدنية شرط الاستمرار فى هذا الطريق حتى نهايته.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved