كيف نعدل نظرة المجتمع للممرضات؟

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الأربعاء 10 يوليه 2019 - 10:19 ص بتوقيت القاهرة

كنت أعتقد أن المطالبة بالتوسع فى معاهد وكليات التمريض قاصرة على الداخل المصرى فقط، لكنى فوجئت أنه كان أحد البنود الرئيسية التى تحدث فيها أعضاء مجلس الأمناء بالجامعة البريطانية خلال اجتماعهم السنوى صباح يوم الجمعة الماضى فى العاصمة البريطانية لندن برئاسة محمد فريد خميس.
هذا الاجتماع ضم عددا كبيرا من خيرة العقول المصرية، إضافة إلى خبراء بريطانيين مرموقين فى قطاع التعليم، ودار الحديث بالانجليزية.

الطبيب العالمى مجدى يعقوب كان حاضرا، وقال: «أتمنى أن يدرك المجتمع مدى أهمية ونبل هذه المهنة وأن يتمكن من تغيير الثقافة الشائعة عنها، وأن يكرس وقتا وجهدا كبيرا لعمل حملات إعلامية للتوعية بأهمية الممرضين والممرضات أو حسب تعبيره «المخلوقات العظيمة والنبيلة فى حياتنا».

السياسى الكبير عمرو موسى ناقش الفكرة أيضا، بعد أن تحدث مطولا عن أهمية تطوير التعليم، وتحدث عن أهمية تغيير القناعات الخاطئة الموجودة فى المجتمع بشأن هذا الامر.

الكاتب والدبلوماسى والسياسى الكبير د. مصطفى الفقى ــ والذى كان أول رئيس للجامعة البريطانية ــ قال إن محمد فريد خميس اقترح عليه إنشاء كلية للتمريض فى بداية التأسيس، وكان ذا نظرة ثاقبة، خلافا لمعظم الجامعات الخاصة التى ركزت على التخصصات التقليدية.

الفقى قال: لدينا أفضل الأطباء، لكن كان لدينا نقص دائم فى عدد الممرضات المؤهلات، وعلينا أن نستفيد من تجربة القوات المسلحة فى هذا الصدد، خصوصا فى التدريب والتأهيل، وأن نفكر فى عمل «جسر أو كوبرى» يربط بين تأسيس الكليات وما يحتاجه المجتمع من تخصصات.

الحاضرون تحدثوا مطولا فى هذه النقطة. لكن الخبر الجيد هو أن الواقع بدأ يتغير، والناس العادية سبقت النخبة، بل وأحيانا الحكومة، فى إدراك أهمية مهنة التمريض ليس فقط لأنها مهمة ونبيلة، ولكن لأنها توفر فرص عمل مضمونة وفورية للخريجين.

وبالصدفة فقد كتبت مقالا فى هذا المكان يوم السبت الماضى عنوانه «معهد التمريض والثانوية العامة.. ونظام التعليم»، قلت فيه إن معهد التمريض ببنى سويف يشترط لمن يريد أن يلتحق به أن يكون حاصلا على حد أدنى ٨٩٪ فى الشهادة الإعدادية، مقارنة بأن الحدد الأدنى للالتحاق بالثانوية العامة هو ٧٣٪.
هذا الأمر يتكرر فى العديد من المعاهد والجامعات والمدارس المتخصصة منذ سنوات طويلة، لكن لم نكن ندركه بصورة صحيحة، وكنا نتهم المجتمع والطلاب ظلما، بأنهم يفضلون فقط الالتحاق بكليات نظرية لا توفر لهم عملا.

فى المقابل فإن بعض الأطباء لا يزالون ينظرون بصورة دونية للممرضين والممرضات، وهناك أوهام شائعة فى هذا المجال ما أنزل الله بها من سلطان!، ومهنة الممرضة أو مساعدة الطبيب، صارت لا تقل عن مهنة الطبيب.
على سبيل المثال صارت هذه المهنة أحد أهم مصادر الدخل القومى للفلبين، التى قدمت للعالم جيوشا جرارة من الممرضات المحترفات، ينتشرن فى معظم بلدان العالم خصوصا أوروبا والخليج.

نعود للسؤال الذى بدأت به؛ حيث سألت محمد فريد خميس عن السبب الذى يمنع جامعته من زيادة عدد المقبولين فى بعض الكليات طالما أن هناك إقبالا عليها؟!.

خميس ــ الذى عاد من رحلة علاجية ناجحة فى الولايات المتحدة قبل أسبوعين ــ قال لى إنهم يتمنون أن تعيد الحكومة ووزارة التعليم العالى النظر فى قرار تخفيض أعداد المقبولين ببعض الكليات مثل الصيدلة وطب الإسنان، هو يقول إن الجامعة البريطانية وغيرها لديهم القدرة والاستعداد لزيادة الأعداد، وتلبية حاجة السوق.
الدكتور أحمد حمد، رئيس الجامعة، أضاف تفاصيل أكثر، ومنها أن الجامعة لا تستطيع زيادة عدد المقبولين بها، عن النسبة التى تحددها وزارة التعليم العالى إلا فى ظرف استثنائى، مشيرا إلى صعوبات أخرى أهمها إجادة الإنجليزية لكل من يحاول الالتحاق بكلية التمريض، باعتبار أنها صارت ضرورة لكل العاملين فى المجال، وكذلك ضرورة توافر هيئة تدريس مؤهلة.

يقول د. حمد ان الوزارة خفضت أعداد المقبولين فى الجامعات الخاصة فى كليتى الصيدلة وطب الأسنان بنسبة ٥٠٪ تقريبا، رغم أن الطلب عليهما كبير، وأن الجامعة البريطانية تقدم كل الحوافز للطلاب للالتحاق بكلية التمريض، مثل تقسيط الرسوم وتقديم المنح والشهادة الأجنبية.

خلاصة الكلام نتمنى أن تبحث وزارة التعليم العالى مع الجامعات العامة والخاصة، عن أفضل السبل لتوفير ما يحتاجه المجتمع من تخصصات حقيقية، حتى لا نظل نردد شكلا مقولة ربط التخصصات بحاجة المجتمع، دون أن نبذل جهدا لتحقيقها على أرض الواقع!!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved