تراجع قوة الولايات المتحدة هو السبب وراء الضم

من الصحافة الإسرائيلية
من الصحافة الإسرائيلية

آخر تحديث: الخميس 9 يوليه 2020 - 8:10 م بتوقيت القاهرة

نشرت جريدة Times of Israel مقالا للكاتب Haviv Rettig Gur تناولت ما رآه الأسباب الحقيقة لقرار نتنياهو ضم أراضى الضفة الغربية وغور الأردن الآن والذى أرجعها فى الأساس إلى تراجع قوة الولايات المتحدة وانسحابها من الشرق الأوسط.
لماذا يحرص رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على الضم مع ارتفاع تكاليف هذه الخطوة.. لماذا الآن؟ لماذا يتبع سياسة يعارضها بشدة العديد من الديمقراطيين وترتبط بإدارة جمهورية من غير المرجح أن تنجو فى سباق نوفمبر؟
عندما يتحدث مخططو الدفاع الإسرائيليون الداعمون لخطوة الضم عن «نافذة أمل» فى واشنطن، فهم بذلك يعنون شيئًا أكبر من النهاية المتوقعة لرئاسة ترامب. فالخوف أن الولايات المتحدة نفسها تتراجع ومعها نظام عالمى كان يعتمد عليه لحفظ استقرار وأمن إسرائيل.
يصعب الآن المبالغة فى مدى تأثير تراجع الولايات المتحدة على الفكر الإسرائيلى. وحتى لو كانت شائعات التراجع الأمريكى مبالغا فيها أو سابقة لأوانها، فإن تراجع الولايات المتحدة من الشرق الأوسط يمكن الشعور به بقوة فى ظل توجه الولايات المتحدة نحو آسيا لمواجهة الصعود الصينى. التراجع هنا اختيار استراتيجى متعمد، ومن غير المحتمل أن تعيد أى إدارة جمهورية أو ديموقراطية الأولوية للشرق الأوسط فى المستقبل القريب.
***
من إحد سلبياتى الضم هو التداعيات المحتملة على المنظمات الدبلوماسية والقانونية العالمية، مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى والمحكمة الجنائية الدولية.. أحد الانقسامات الرئيسية داخل إسرائيل حول الضم مرتبط بالجدل حول أهمية تلك المؤسسات بدون الولايات المتحدة. فهذه النظرة مبنية على أن النظام العالمى يتشكل بالقوة الصارمة مضاف عليها قشرة رقيقة من الأخلاق القانونية. هكذا تدير الولايات المتحدة سياساتها الخارجية، إضافة قشرة أخلاقية إلى كل ما تفعله فى العالم. العالم الذى ظهر بعد الحرب العالمية الثانية هو ثمرة للقوة الصلبة الأمريكية. ومع تراجع القوة الأمريكية، تتراجع فكرة الاعتماد على المعايير الدولية لتحقيق الأمن.
على العكس، قوة الاتحاد الأوروبى الناعمة لم تفده فى شيء، فثبت أن الاتحاد الأوروبى فشل فى التأثير على الحرب السورية على الرغم من مصالحه فيها وما نتج عنها من أزمة لاجئين.. لا بديل عن القوة الصلبة لضمان الأمن.. ربما حديث الاتحاد الأوروبى عن القوة الناعمة هو محاولة لإخفاء حقيقة أن الاتحاد قضى النصف الثانى من القرن العشرين تحت مظلة الدفاع الأمريكية.. فما كان يحمى الاتحاد الأوروبى هو القوة الأمريكية الصلبة وليس قوة الاتحاد الناعمة.
تتزايد المخاطر، وخاصة فى الشرق الأوسط، حيث يترك الانسحاب الأمريكى فقط الأخطار. تركيا تتجه إلى سوريا وتزعم أن لديها حقوقا فى البحر المتوسط. إزالة العقوبات على إيران سيطلق العنان لبناء نظامها الشيعى من لبنان إلى إيران، روسيا موجودة فى المنطقة والصين لديها قاعدة فى جيبوتى. ما يعارض الضم فى إسرائيل يركز على أهمية بناء تحالفات مع الأنظمة السنية فى المنطقة والتى ستعرقله عملية الضم.. ولكن، من نفس المنطلق، يصبح انسحاب إسرائيل من غور الأردن غير مبرر، فالانسحاب سيخلق فراغا يمكن استغلاله من قبل الأعداء، من تركيا إلى إيران، لتهديد قلب إسرائيل.
من يؤيد الضم له إجابات على ما وجه لهذه الخطوة من انتقادات، فالضم لن يقوض التحالفات الإقليمية، أو على الأقل من لها أهمية مثل الأردن والإمارات. الانسحاب الإسرائيلى من غور الأردن يترك فجوة واضحة فى المحيط الأردنى، وهو محيط يشمل بالفعل حدودا طويلة مع العراق المنقسم وسوريا الممزقة. ومنذ عام 1970، عندما حلق الطيران الحربى الإسرائيلى لوقف غزو سورى متجه نحو الأردن وأجبره على التراجع، أصبح الأردن فى نواح كثيرة تحت الحماية العسكرية الإسرائيلية.
الضم يوفر ميزة استراتيجية أخرى، فتطبيق القانون الإسرائيلى فى الضفة الغربية يضع خطة ترامب على الطريق، ويحول خطة نظرية إلى عملية.. الخطة جعلت الفلسطينيين يعودون إلى طاولة المفاوضات ووحدت الصفوف داخل إسرائيل.. خطة ترامب غامضة وجه إليها الكثير من الانتقادات، حتى من داخل إسرائيل، ولكنها توفر عددا من الاحتياجات الأساسية الإسرائيلية التى أصبحت حقائق حيوية لمعظم الإسرائيليين، بما فى ذلك السيطرة على الكتل الاستيطانية الكبيرة وغور الأردن. فى ظل ما يحمله العالم الجديد من أخطار لم يعد الجدل حول ما إذا يجب ضم الأراض أم لا، بل الوقت المناسب لتحقيق ذلك.
***
جواب نتنياهو أن القوة الأمريكية تتراجع، لأن الأعداء تتزايد، لأن حلفاء إسرائيل لن يتركوهم فهم بحاجة إلى إسرائيل مثلما تحتاجهم إسرائيل، ولأنه إذا لم توضع خطة ترامب على الطريق الآن فلن يقوم بتلك الخطوة أى شخص آخر.

إعداد: ابتهال أحمد عبدالغني
النص الأصلى

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved