المعضلات الأمنية في أفريقيا.. ما سبب انتشار الصراعات؟

قضايا إفريقية
قضايا إفريقية

آخر تحديث: الإثنين 9 أغسطس 2021 - 8:00 م بتوقيت القاهرة

نشر موقع AllAfrica مقالا للكاتب Adeoye O. Akinola، تحدث فيه عن تصاعد وتيرة العنف فى العديد من الدول فى القارة السمراء، محاولا الإجابة فى نهاية المقال عن سبب انتشار الصراعات المسلحة بالرغم من الجهود الكثيرة لإسكات البنادق!... نعرض منه ما يلى.
فى 29 يوليو الماضى، كانت عاصمة تشاد، نجامينا، مسرحًا للاحتجاج الجماهيرى ضد المجلس العسكرى، الذى سيطر على البلاد بعد وفاة الرئيس إدريس ديبى إيتنو، فى أبريل الماضى. الجيش، بقيادة نجل إدريس، محمد إدريس ديبى، تولى السلطة على الفور. قام حزب المعارضة الرئيسى والجهات الفاعلة فى المجتمع المدنى بتعبئة الناس ضد «مصادرة السلطة» من قبل المجلس العسكرى الانتقالى بقيادة محمد إدريس ديبى. كما قام محمد إدريس ديبى بشخصنة السلطة منذ أبريل وشرع فى توطيد النظام، مع 14 جنرالا موالين لوالده.
التقى الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، الذى حضر مراسم دفن الرئيس إدريس ديبى، بالحكام العسكريين. لم تكن أهداف ونتائج هذا الاجتماع واضحة، ولكن بناءً على قرار محمد إدريس ديبى بحل البرلمان وإلغاء العمل بالدستور وتحديد فترة انتقالية مدتها 18 شهرًا، فإن المجلس العسكرى الحاكم الآن يسيطر بالقوة. دافع وزير الخارجية الفرنسى، جان إيف لودريان، عن النظام العسكرى، مشيرًا إلى وجود «ظروف استثنائية» كسبب لحل البرلمان. لكن هل كان هذا سيكون رده لو حدث هذا فى فرنسا؟ على كل حال، إلى جانب تشاد، أحدث الجيش المالى انقلابا فى أغسطس 2020 ومايو 2021. فهل أصبح هذا نمطا طبيعيا؟، وما الذى تقوم القوات الأجنبية بتأمينه فى منطقة الساحل؟
حاول الجيش التشادى كسب تحالفات محلية ودولية، لكن استنادًا إلى طبيعتهم الاستبدادية، هناك مخاوف متزايدة بشأن مستقبل الديمقراطية فى البلاد. وفى حين تعهدت فرنسا فى البداية بدعم النظام العسكرى، إلا أنها قامت بعدها بتحول دراماتيكى ودعت إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية مدنية. وتشاد الآن، حليف الغرب الرئيسى فى مكافحة الإرهابيين فى منطقة الساحل، تتقاتل مع جماعة مسلحة هى جبهة التغيير والوفاق فى تشاد!. وبحسب ما ورد قُتل نحو تسعة أشخاص خلال احتجاجات يوليو الماضى. كما لا تزال الاشتباكات والفيضانات، الناجمة عن تغير المناخ، تحصد الأرواح وتشرد الناس.
كذلك، ووفقًا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، يعيش 237 ألف لاجئ ولاجئة وقرابة 300 ألف نازح ونازحة فى النيجر. وفى يونيو الماضى، شن مسلحون محليون أعمال عنف فى قرية فى شمال شرق بوركينا فاسو بالقرب من الحدود مع النيجر.
•••
تعرضت دول أفريقية أخرى لتهديدات مستمرة. فى نيجيريا مثلا، كشف تقرير لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى مؤخرًا أن الهجمات التى شنتها جماعة بوكوحرام قد أسفرت عن 2.7 مليون نازح و350 ألف حالة وفاة. وإلى جانب تسلل إرهاب بوكوحرام إلى تشاد، أدت الآثار غير المباشرة للصراعات فى البلدان المجاورة لها ــ الكاميرون وليبيا والسودان والنيجر ــ إلى مضاعفة سعيها لتحقيق الاستقرار.
فى الشهر الماضى، راقب المجتمع الدولى فى رعب انتشار الفوضى والعنف فى جنوب أفريقيا، وهو أمر غير مسبوق فى التاريخ الديمقراطى للبلاد. بدأ الأمر باحتجاجات مؤيدة للرئيس السابق جاكوب زوما، بعد سجنه بتهمة ازدراء المحكمة، وتحولت الاحتجاجات إلى موجة نهب وإجرام غير خاضعة للسيطرة، حرقت فيها المصانع والمستودعات ما تسبب فى أضرار تقدر بنحو 50 مليار راند (العملة المحلية لجنوب أفريقيا). تم تدمير أكثر من 40 ألف شركة و300 بنك ومكتب بريد، وأسفرت الاحتجاجات عن مقتل 300 شخص فى مقاطعتى كوازولو ناتال وجوتنج. وتمكنت الحكومة التى يقودها سيريل رامافوزا من الاستجابة بسرعة، وأعادت النظام إلى المناطق المتحاربة بسبب مرونة المؤسسات الاجتماعية والسياسية فى جنوب أفريقيا. ومع ذلك، لا تزال بعض مناطق الصراع غير مستقرة.
فى ليبيا، لا تزال تداعيات مقتل معمر القذافى مستمرة فى ليبيا، مما يجعلها غير آمنة حتى الآن. وفى السودان، على الرغم من توقف الحديث عن الصراع فى عناوين الأخبار ــ إلا أن العديد من المناطق لا تزال تحت سيطرة المتمردين المحليين والصراع مستمر فى دارفور. فى الآونة الأخيرة، فى يناير الماضى، قُتل مئات المواطنين السودانيين ونزح حوالى 150 ألفًا عندما هاجمت مجموعة متمردة معسكر الجنينة فى غرب دارفور.
فى عام 2016، الاحتجاج الذى بدأ من قبل المنطقتين الناطقتين بالإنجليزية فى الكاميرون ضد التهميش من قبل الحكومة ذات الأغلبية الناطقة بالفرنسية، تحول إلى حرب. كما أدى الصراع العنيف بين الحكومة المركزية والأقليات الانفصالية إلى مقتل أكثر من 4 آلاف شخص وتشريد أكثر من مليون، من بينهم 66899 لاجئًا فروا إلى نيجيريا.
•••
بعد كل ما ذكر، نتوصل إلى نتيجة مفادها أنه على الرغم من جهود إسكات العنف والبنادق فى أفريقيا، إلا أن الدماء مازالت تراق وتسيل. ولكن ما الذى يفسر اتساع انتشار الصراعات؟ هل هو الإرث الاستعمارى؟، فى حين أن هذا احتمال قوى. لكن أيضا أدت عملية التحول الديمقراطى فى أفريقيا، والتى يُنظر إليها على أنها الترياق لكل من الانتفاضات الداخلية والاعتداءات الخارجية، إلى تعميق الفقر والعنف الهيكلى وتسييس الجماعات العرقية. ولا يزال الفقر مرتبطا ارتباطا وثيقا بالصراع.
ختاما، من بين 157 دولة مصنفة فى مؤشر رأس المال البشرى العالمى لعام 2019، احتلت تشاد المركز الأخير، حيث يعيش 6.3 مليون تشادى فى فقر مدقع. والتدخل العسكرى الحالى فى تشاد سيعمق من الأزمة بشكل كبير. بشكل عام، يجب على النخب الحاكمة فى أفريقيا تطبيق نظام حكم فعال ومعالجة الأسباب الجذرية للصراع. يجب على الجهات الفاعلة الوطنية والإقليمية التركيز على «إسكات الفقر المتفشى» فى أفريقيا، قبل مراجعة مشروع الاتحاد الأفريقى الطموح «إسكات البنادق».

إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى:

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved