فن التعذيب للمبتدئين

حسام السكرى
حسام السكرى

آخر تحديث: السبت 9 سبتمبر 2017 - 9:20 م بتوقيت القاهرة

ــ شفت تقرير هيومان رايتس ووتش عن التعذيب؟
ــ سمعت عنه بس ما شفتوش لأن موقع المنظمة اتحجب. انت شفته؟
ــ هاشوفه إزاى؟ مش بتقول الموقع اتحجب؟ وبعدين أشوفه ليه؟ دى ناس كل هدفهم تشويه سمعة مصر. التعذيب موجود فى العالم كله. حتى فى أمريكا.
ــ ارتكاب الغير لجرائم إنسانية لا يبرر ارتكابنا لها. فيه تجاوزات بتحصل فى بلاد زى أمريكا بس مرفوضة ومش ممنهجة، وفيه آليات بتجيب للناس حقوقها.
ــ طب ما احنا عندنا آليات. وده واضح فى بيان الخارجية اللى بيرد على المنظمة المشبوهة. أكيد قريته. والا هاتقول إنه اتمنع هو كمان؟!
ــ يتمنع ليه؟ المنظومة اللى خرج منها الرد على «ادعاءات التعذيب» وبتقول إن فيه آليات للتحقيق والشكوى، هى اللى حجبت التقرير اللى بترد عليه! مش غريبة شوية؟!
ــ انت مش عارف التقارير دى بتتكتب إزاى؟! دى مش أكتر من ادعاءات من مجرمين إنهم اتعذبوا؟ واحد بيفهم فى الإعلام زيك لازم يبقى شايف إنها ادعاءات من طرف واحد. مفيش مستندات ولا أدلة.
ــ لو متخيل إن زبانية التعذيب هيكتبوا تقرير مفصل كل ما يعذبوا واحد، وبعدين يمضوا عليه مع الضحية يبقى فعلا مفيش مستندات.
ــ يا سلام! وهل ده معناه إننا نصدق أى حد يقول أى ادعاء، ونجرى نردد ادعاءاته ونساعد منظمة مشبوهة زى هيومان رايتس واتش تشوه سمعة بلدنا؟!
ــ مش دى المنظمة الوحيدة. عندك مركز النديم لدعم ضحايا التعذيب، وزود كمان لجنة مناهضة التعذيب فى الأمم المتحدة اللى تعتبر أعلى هيئة دولية أممية تعمل على مناهضة التعذيب فى العالم، الاتنين أصدروا تقارير بتأكد وقائع التعذيب وتحوله لمشكلة كبيرة فى مصر.
ــ انت صحفى وفاهم إن لو تلات جهات رددوا كلام لمصدر واحد ده مش معناه تأكيد من تلات جهات مختلفة. سيظل شخص واحد ومصدر واحد لا يوجد ما يؤكد ادعاءاته.
ــ مظبوط. لكن احنا معندناش شخص واحد، فيه أعداد أكبر بكتير.
ــ من مصلحة كل مجرم يدعى إنه اتعذب علشان ينتقم من الدولة اللى عاقبته على إجرامه. أهو كله كلام وخلاص.
ــ الضحايا مش «مجرمين» ومش كلهم تمت إدانتهم والحكم عليهم فى جرائم. عدد مش قليل منهم أشخاص ثبتت براءتهم لاحقا وقالوا انهم اتعرضوا للتعذيب. كمان المسألة مش مجرد أقوال. هناك تطابق فى عناصر فى الروايات.
ــ انت بتتفلسف علشان تحول ادعاءات فردية لاتهام له أساس.
ــ إطلاقا. التعذيب بيتم بأدوات وفى أماكن بعينها وبكيفية معينة، وبيقوم بيه أشخاص محددين. لما تقابل عدد ضخم من ناس ما يعرفوش بعض ويبقى فيه اتفاق على أسماء الزبانية، وعلى تفاصيل الأماكن وأدوات وطرق التعذيب، ما تقدرش تقول إن الموضوع عبارة عن اتهامات عشوائية بدون أصل.
ــ يعنى تاخد روايات الناس دى بدون وثائق أو شهود.
ــ فيه وثائق بتدعم الروايات دى فى شكل تقارير طبية بعضها بيكون ضمن أوراق القضايا الخاصة بالضحايا، أو بيتم إثباتها بعد خروج الضحية من قبضة سلطات الاحتجاز مباشرة. كلها بتسجل الأضرار البدنية وأحيانا النفسية اللى بيعانى منها ضحايا التعذیب.
ــ لكن مفيش شهود
ــ صعب توفر شهود على واقعة تعذيب داخل مكان تابع لسلطات الأمن. لكن هتستغرب لو قلت لك إن فيه حالات كتيرة بيتحول فيها ضحية إلى شاهد على مأساة ضحية آخر لا يعرفه. سمع اسمه وشافه بيتعذب. لما بيدلى بشهادته المنظمات الحقوقية بتلاقى إن الروايات والوقائع والأحداث والأسماء وآليات التعذيب متطابقة.
ــ الكلام ده ما يتقالش كده. لازم يكون فيه تحقيق مع الحالات الكاذبة دى حالة حالة. وفى النهاية هى حالات فردية ما نقدرش نقول إنها ممنهجة أو إن النظام مسئول عنها. اللى يغلط يتحاسب.
ــ بالضبط كده. هو ده اللى بنقوله. لازم يكون فيه تحقيقات عادلة من جهات محايدة وعملها مستقل ويكون فيه شفافية ومتابعة أمام الرأى العام. ودى أهمية دعم منظمات محلية زى مركز النديم لإنها بتقدم خدمة للدولة سواء بدعم الضحايا أو بمساعدة الحكومة فى الكشف عن الزبانية والمجرمين اللى بيسيئوا لها وللبلد. لكن الواقع مختلف. مركز النديم تم التضييق عليه وإغلاقه، الحقوقيين اللى اشتغلوا على مقترح قانون لمناهضة التعذيب اتوجهت لهم اتهامات وأصبحوا طرف فى قضية ما زالت وقائعها مستمرة، موقع هيومان رايتس ووتش اتحجب. كل دى دلائل تشير إن مفيش استعداد لعلاج المشكلة وممكن تفهم باعتبارها إقرار وموافقة على ممارسته. ده خطر على اللى عندهم سلطة وقف الانتهاكات، وممكن يعرضهم لمحاكمات فى المستقبل بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
ــ ….
ــ ….
ــ بس انت عارف إن هيومان رايتس ووتش ألعوبة فى إيد أمريكا وقطر وتركيا
ــ أنا كنت عارف إنى باضيع وقتى!
ــ شفت بقى انت بتهرب من المناقشة إزاى!!

 

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved