خلى بالك من كلامك فى التليفون!!

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الإثنين 9 سبتمبر 2019 - 11:00 م بتوقيت القاهرة

هل صار مطلوبا تنظيم دورات متخصصة للناس عموما، وبعض المسئولين خصوصا فى كيفية الحديث فى وسائل التواصل الاجتماعى عموما، والتليفونات خصوصا، حتى لا يجد أحدهم نفسه مفضوحا، لأنه تبسط وتكلم على راحته؟! يبدو أن الإجابة هى نعم، والسبب أن «زمن الرحرحة والتلقائية والخصوصية والأمان قد ولى إلى غير رجعة»!.

قبل ثورة الاتصالات بشكلها الحالى، كانت أجهزة الأمن المختلفة فى غالبية بلدان العالم، تحتكر التنصت على هواتف الناس لأسباب مختلفة، منها أسباب قانونية، أو تتعلق بالأمن القومى، أو لصراعات على السلطة، أو لتفلت بعض عناصر الأمنية. الآن لم تعد عملية التنصت حكرا على أجهزة الأمن فى غالبية بلدان العالم، بل حصلت اختراقات عديدة جعلت بعض القراصنة أو «الهاكرز» يتمكنون من الدخول إلى أنظمة أعتى الأجهزة الدولية، وليس فقط مجرد هاتف لشخص عادى!!.

ومع الانفجار الهائل فى تكنولوجيا الاتصالات صارت الزوجة قادرة على متابعة جهاز هاتف زوجها فى كل لحظة لتعرف من اتصل به ومتى ولأى مدة من الوقت، بل وتحصل على نسخة كاملة من المحادثة!. وفى الأجهزة الحديثة يمكن للزوج أو الزوجة وعبر الضغط فقط على تفعيل «اللوكيشن» متابعة تحركات الأبناء ليس شكا فيهم، ولكن للاطمئنان على وجودهم فى الأماكن الآمنة، ومعرفة آخر مكان ذهبوا إليه.

لكن إذا قامت الزوجة بتفعيل هذه الخاصية فى تليفون زوجها فقط، فربما تعجل «بخراب البيت»، إذا كان الزوج بصباصا.

بعض «الأزواج الذين يلعبون بديلهم»، يتخذون أقصى الاحتياطات، حتى لا يقعوا فى المحظور، والبعض الآخر «جاهلون تكنولوجيا»، ويقعون من أول ضغطة زر!.

هذه النوعية تقول دائما أنها لا تخشى الأجهزة الأمنية «لأنها ماشية جنب الحيط وربما داخله»، لكن خشيتهم الكبرى من زوجاتهم!!.

«من يلعب بديله» سياسيا أو زوجيا، بدأ يبحث عن الثغرات التى تمكنه من عدم الوقوع فى المصيدة!!.
وهذا الأمر لم يعد مقصورا على فئة دون أخرى. على سبيل المثال العديد من المسئولين فى بلدان مختلفة، بدأ يبحث عن برامج تواصل واتصال مختلفة، اعتقادا أنها بعيدة عن متناول أجهزة الأمن والمعلومات، خصوصا «الفيس تايم» وهو متاح فقط على أجهزة الآيفون.

سمعنا وقرأنا عن أن أعضاء داعش وجماعات إرهابية أخرى، كان يستخدمون برامج اتصالات يعتقدون أنها مؤمنة، وبعيدة عن سيطرة أجهزة المخابرات الدولية. ويقال أيضا إن هذا الأمر انتقل إلى مواطنين عاديين فى بلاد مختلفة، ليس فقط، لأنها مجانية، ولا تتطلب إلا «باقة إنترنت» بمبالغ بسيطة، ولكن لأنها آمنة أو هكذا يعتقد البعض!. والبعض الآخر بدأ يعود إلى استخدام أجهزة محمول بدائية جدا ظنا أنها الأكثر أمنا.

لكن أحد خبراء التقنية يقول إنه لا يوجد جهاز آمن مائة فى المائة، وطالما أن شخصا اخترعه، فهناك شخص آخر أو جهاز آخر أو دولة أخرى قادرة على «ركوبه» أى قرصنته!

قبل هذا التطور المذهل، كانت الأمور والحياة أكثر بساطة وأمانا. الآن صار يمكن لأى شخص أن يضغط فقط على زر التسجيل إذا كان جالسا مع شخص أو مجموعة، أو يسجل لمن يتحدث معه، ثم يضع كل ذلك على وسائل التواصل الاجتماعى، وبعدها تقع المصيبة أو الفضيحة!!.

وإذا جاز أن يقع مواطن عادى فى هذه المصيدة، فالمفترض أن المسئولين أكثر ذكاء ودهاء وخبرة.

لكن يبدو أن ذلك ليس صحيحا على طول الخط. بعض المسئولين، ولأنه بشر، ولأنه «عديم الخبرة تماما وربما جائع أو محروم عاطفيا»، فقد يتعرض لفضيحة، ليس فقط على المستوى العام، ولكن ــ وهذا هو الأخطر ــ بين أسرته ومعارفه وأقاربه. البعض يتعامل مع هذه النوعية باعتباره «القديس الذى لا يخطئ» ثم يتبين أنه مراهق يقع من أول كلمة من الطرف الآخر، كما شاهدنا قبل أيام على اليوتيوب!!!.

ما هو الحل؟!. لا يوجد حل مثالى. والجميع معرض للوقوع فى هذه المصيدة. طبعا الحل الأصح أن يلتزم كل شخص الأدب والوقار والاحترام والحرص. وإلى أن يحدث ذلك فعلى الأقل يفترض بالمسئولين أن يكونوا على بينة كاملة من خطورة أجهزة التواصل الحديثة، وأن يفكروا فى كل كلمة تخرج من أفواههم، فربما تتحول إلى فضيحة لاحقة. سيقول البعض ولكن هذا عذاب شديد، ويتسبب فى أن يشك كل شخص فى أقرب المقربين منه! صحيح، لكن سيكون أفضل كثيرا من أن يجد مكالمته الشخصية مع صديق أو رفيقة أو حبيبة متاحة على اليوتيوب ليسمعها كل العالم.. «أيها الرجال البصباصون.. احترسوا!».

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved