مملكة الجبل الأصفر.. نكتة أم مؤامرة؟

محمد عصمت
محمد عصمت

آخر تحديث: الإثنين 9 سبتمبر 2019 - 11:00 م بتوقيت القاهرة


 تراوحت ردود الأفعال على تصريحات امرأة لبنانية تدعى نادرة ناصيف، يوم الخميس الماضى، بإقامة دولة علي الحدود السودانية تم الاعلان عن قيامها رسميا يوم الاحد الماضى تحت اسم «مملكة الجبل الأصفر» ما بين اعتبارها مجرد مزحة أو إحدى شطحات نشطاء الفيسبوك، وما بين التحذير من خطورة هذا الاعلان الذى يجب التعامل معه بمنتهى الجدية.
طبقا للقانون الدولى أراضى هذه «المملكة» لا تخصع لا لسيادة مصر ولا لسيادة السودان، فحدود مصر مع السودان يحدها خط العرض 22 طبقا لاتفاقية 1899 والذى يجعل أراضى هذه المملكة المزعومة خارج حدودها، فى حين لا تعترف السودان بهذه الحدود المصرية وتطالب بضم حلايب وشلاتين إليها طبقا لما تقول انه يستند إلى خريطة 1903 وهو ما يجعل اراضى الجبل الأصفر أيضا خارج حدودها، ومن هنا فإنه من حق أى فرد أو جماعة إعلان ملكيتها لهذه الاراضى، وهو ما فعله مواطن أمريكى منذ عامين عندما أعلن نفسه ملكا عليها، لكى يحقق فقط حلم طفلته الصغيرة أن تصبح أميرة حقيقية.
لكن الوضع أصبح مختلفا حينما أعلنت نادرة ناصيف عن تشكيل حكومة لهذه المملكة تولت هى رئاستها، وأن شخصا مجهولا يدعى عبدالإله ابن عبدالله آل أوهيم أصبح هو الملك، وانهم يخططون لاستقطاب ضحايا الحروب والمضطهدين من العالم العربى وتوفير وطن بديل للاجئين من فلسطين وسوريا والعراق، وهو ما يمكن أن يحل أزمات الهجرة من الدول العربية والإفريقية التى أصبحت كابوسا يطارد الحكومات الأوروبية.
ومع ذلك، فإن ما يؤخذ على هذه المملكة المزعومة أنها بلا شعب وهو ما يفقدها أحد أهم مقومات الدولة فى القانون الدولى، كما أن الطبيعة الصحراوية الجافة لها تجعل من الصعوبة إقامة مشاريع زراعية توفر الغذاء لسكانها المفترضين، أو استغلال مواردها الطبيعية بشكل اقتصادى يحقق عوائد تكفى لاستيعاب 20 مليون مواطن، كما تخطط نادرة وحكومتها!
على الجانب الآخر يبدى الكثيرون تخوفات خطيرة من مؤامرة تربط بين هذه الدولة وبين صفقة القرن، ويرون أن ملايين اللاجئين الفلسطينيين سيتم ترحيلهم إليها، لتنقطع أى صلة لهم بأرضهم، وتصبح إسرائيل دولة قومية صافية لليهود، وأن هذه المملكة ستكون قاعدة أمريكية ــ إسرائيلية، أو شوكة لهما فى خاصرة مصر والسودان تهدد أمنهما القومى.
بناء دولة حديثة على أراضٍ صحراوية يحتاج مليارات الدولارات، لا أحد يعرف من سيدفعها من أجل اقناع او إغراء ملايين المضطهدين واللاجئين بالهجرة إليها والحصول على جنسيتها، كما يحتاج إلى دعم سياسى دولى بجدوى انشاء هذه الدولة، وقدراتها الفعلية على حل مشاكل الهجرة الإفريقية لأوروبا أو توفير وطن بديل للفلسطينيين يرضون به، وحساب ردود الأفعال المصرية والسودانية تجاهها إذا تم اتخاذ اجراءات على أرض الواقع لإقامتها فعلا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved