رسالة شيخ الأزهر لفرنسا

طلعت إسماعيل
طلعت إسماعيل

آخر تحديث: الإثنين 9 نوفمبر 2020 - 9:30 م بتوقيت القاهرة

هل كانت فرنسا فى حاجة إلى تظاهرات غاضبة، ودعوات لمقاطعة منتجاتها فى أكثر من دولة عربية وإسلامية لتعى أن الإساءة للنبى صلى الله عليه وسلم لا تدخل تحت مظلة حرية الرأى والتعبير، بل هى استفزاز وجرح لمشاعر أكثر من مليارى مسلم حول العالم؟!
الأمر يبدو أن فرنسا خصوصا، والغرب عموما، يحتاج من وقت لآخر إلى التذكير بأن المسلمين فى عمومهم، باستثناء الشوارد والمتفلتين من دعاة التطرف والغلو فى الدين، يكنون الاحترام للأديان السماوية جميعها، وصلب عقيدتهم الإيمان بجميع الأنبياء والرسول من لدن آدم وحتى خاتم المرسلين محمد بن عبدالله صل الله عليه وسلم.
نعم هناك من يسىء للدين الإسلامى، وهناك من بين ظهرانينا من يلجأ للعنف والإرهاب لأغراض دنيوية وإن غلفت برسالة دينية، غير أن الخلط بين ما تقوم به فئة ضالة مضللة، ومحاولة إلصاق الإرهاب بالإسلام ذاته، واتهامه بأنه «يعيش أزمة» غير مقبول، خاصة عندما يصدر الأمر عن بعض كبار القادة والمسئولين الغربيين.
هذه الرسالة التى يجب أن يعيها الغرب عموما، وفرنسا خصوصا، التى تضم واحدة من أكبر الجاليات الإسلامية فى أوروبا، هى نفسها الرسالة القوية التى وجهها فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، وحملها لوزير الخارجية الفرنسى جان إيف لودريان، الذى جاء إلى القاهرة للملمة ما صدر عن رئيسه إيمانويل ماكرون، من تصريحات بحق الإسلام والمسلمين، قال الوزير الفرنسى إنه تم استغلالها بسبب «الترجمة الخاطئة»، مؤكدا أن «المسلمين جزء من فرنسا».
كلمات الإمام الأكبر كانت واضحة، وحديثا بعيدا عن المجاملات الدبلوماسية، ليعلم القاصى والدانى أن «الإساءة للنبى محمد صلى الله عليه وسلم مرفوضة تماما، «وأن الأزهر سيتابع» من يُسىء لنبينا الأكرم فى المحاكم الدولية، حتى لو قضينا عمرنا كله نفعل ذلك الأمر فقط» كما قال فضيلته.
الدكتور الطيب لم يكتفِ بذلك وأكد لوزير الخارجية الفرنسى أنه يرفض وصف مصطلح «الإرهاب الإسلامى»، مضيفا أنه «ليس لدينا وقت ولا رفاهية الدخول فى مصطلحات لا شأن لنا بها، وعلى الجميع وقف هذا المصطلح فورا لأنه يجرح مشاعر المسلمين فى العالم، وهو مصطلح ينافى الحقيقة التى يعلمها الجميع».
شيخ الأزهر شدد أيضا على أن المسلمين حول العالم «حكاما ومحكومين يرفضون الإرهاب الذى يتصرف باسم الدين، ويؤكدون على براءة الإسلام ونبيه من أى إرهاب»، وبأن «الإرهابيين لا يمثلوننا، ولسنا مسئولين عن أفعالهم».
لودريان الذى كان الرئيس السيسى قد استقبله قبل زيارته لمشيخة الأزهر، حاول التأكيد على «احترام فرنسا لحرية العقيدة وللإسلام والمسلمين»، لكنه وهذا بيت القصيد قال فى مؤتمر صحفى مع وزير الخارجية السفير سامح شكرى إن بلاده تخوض معركتين، «معركة من أجل احترام حرية المعتقدات ومنها حرية الإسلام والثقافة الإسلامية وفى نفس الوقت نخوض معركة ضد العنف والإرهاب والمعركة لم تنته وسوف تستمر».
لا أحد يقف فى صف العنف والإرهاب، وهى معركة تحتاج إلى جهود مشتركة من الشرق والغرب، وأن يكون الأخير صادقا فى التعامل معها وليس انتقائيا، لأننا نرى فى محيطنا الإقليمى وعلى المسرح الدولى قيام البعض باستضافة ودعم منظمات وحركات إرهابية طالما كانت تحقق أعمالها الجبانة مصالحه على أرض الواقع.
الغرب يحتاج إلى الصدق مع الذات، وأن يعلم قادته أن الإرهاب فى بعض جوانبه بضاعة ردت لأصحابها، وعليهم الكف عن أذى الشعوب المسالمة التى اكتوت بنيران التطرف، و فى تلك الحالة ستتفكك منظمات وتموت حركات تقتات على حطب العنف والإرهاب الأسود.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved