بيت أغنى رجل فى العالم!
صحافة عربية
آخر تحديث:
الثلاثاء 9 ديسمبر 2025 - 6:30 م
بتوقيت القاهرة
نشرت جريدة القبس الكويتية مقالًا للكاتب طالب الرفاعى، تناول فيه فلسفة البساطة والزهد فى المظاهر التى يتبناها إيلون ماسك فى نمط حياته وسكنه المتواضع، مع اعتبار هذه الفلسفة نموذجًا يُحتذى به للشباب، حيث تُبرهن على أن القيمة الحقيقية للإنسان تُستمد من الإنجاز العلمى والعملى وليس من التباهى بالمسكن الفاخر أو الاستهلاك المفرط.. نعرض من المقال ما يلى:
نشرت منصة مونى ترى «Money Tree» تقريرًا موسّعًا عن بيت ما يمكن أن يُقال عنه «أغنى رجل على كوكب الأرض»، الأمريكى إيلون ماسك المولود فى منطقة بريتوريا فى جنوب أفريقيا، وهو كندى حاصل على الجنسية الأمريكية، ويحمل درجة البكالوريوس فى الاقتصاد والفيزياء. وبعيدًا عن ثروة الرجل وأفكاره بالخيال العلمى ونفوذه حول العالم، فإن نظرة فاحصة لفلسفته فى سكنه تُفسّر الكثير من عقليته، وتكون مصدرًا مُلهمًا للكثير من الناس، وعلى الأخص الشباب الذى يُفكّر ببناء نفسه.
منزل ماسك يتكوّن من غرفتى نوم، وقد حوّل المرآب إلى غرفة نوم ثالثة لراحته. وهو يستعمل سرير مورفى القابل للطى. ومنزله مُجهز بأجهزة المطبخ الضرورية مثل: الميكروويف والثلاجة والفرن. لكن المهم فى الأمر هو أن هذا البيت المتواضع وباعتراف الملياردير، يوفّر له ملاذًا للراحة ويشعره بالرقى! وهذا ما يُظهر الفارق بين الثروة ونمط العيش وطريقة الحياة، ويؤكّد وعى ماسك بأن منزله يشير بشكل واضح الى «إنسان يفكر فى القيمة، والهدف، والأداء» بعيدًا عن المظاهر والفخفخة والغلو فى التباهى. وأنه يمكن لأى إنسان أن يصل إلى ثراء فاحش لكن دون أن يتحول هذا الثراء إلى هوية يحملها فوق كتفيه، ويسير بها مُتفاخرًا بين البشر!
سلوك الثقة الذى بدا عليه إيلون ماسك، وهو يقدّم للبشرية شكل سكنه، إنما يعكس ما يُسمى فى علم النفس الفردى «تحرير الذات من وهم التعويض»، فالرجل مكتفٍ بذاته وعلمه وعمله وإنجازاته العلمية التى لا تعرف حدودًا ولا تقف عند سقف. وبالتالى قناعته بالعيش فى بيت يُلبّى كامل مُتطلّباته، وبما يُدلل على وعى ينطق بأن الإنسان يستمد قيمته من الانجاز لا التباهى بالمسكن والسيارة والساعة والحقيبة والحذاء! وأن أى سعى نحو التفوّق يأتى بالدرجة الأولى من اقتناع الإنسان بفكره وقدرته على أن يكون متميّزًا بنفسه وسلوكه وسمعته وأعماله. وأن الإنسان الذى يسعى لإثبات ذاته عبر المظاهر، يصبح عاجزًا عن توجيه طاقته نحو الإبداع والعطاء، ويبقى عالقًا فى دائرة المقارنة النارية للاستهلاك دون أن ينتج أثرًا حقيقيًا.
الكثير من القصور حول العالم، توفّر بالإضافة إلى عمارتها الآسرة عمالة منزلية وسوّاقًا وزرّاعين، لكنها أعجز من أن توفّر لساكنيها راحتهم النفسية وسَكِينَتهم، وأعجز من أن تُرضى قناعتهم، وأعجز من أن تكون سكنًا يُطمئن أرواحهم.
وقفتُ كثيرًا أمام صور إيلون ماسك فى بيته وطريقة عيشه، ودار ببالى كم يبدو الرجل منسجمًا فى طريقة تفكيره ونمط عيشه، مُقتنعًا بنفسه لا بالمظاهر البائسة!