مرض انعدام الكفاءة يقتل الأبرياء

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الثلاثاء 10 فبراير 2015 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

فى يوم 6 ديسمبر الماضى وقبل ساعات من بدء مباراة نهائى بطولة كأس الاتحاد الأفريقى لكرة القدم «الكونفيدرالية» بين الأهلى وسيوى سبور بطل كوت ديفوار، دخل حوالى ألفى مشجع من ألتراس أهلاوى ملعب الدفاع الجوى، وعلى عهدة بيان وزارة الداخلية وقتها فإن الجماهير اقتحموا الملعب بواسطة سيارة.

يومها كان يمكن ان تقع مذبحة كبرى، لولا تصرف حكيم من بعض المسئولين، على رأسهم وزير الشباب والرياضة المهندس خالد عبدالعزيز.

الوزير حكى القصة عندما زارنا فى «الشروق» مؤخرا. هو جاء بنفسه ودخل الملعب وتفاوض مع الجماهير، واقتنع انهم لا يريدون التخريب، وأقنعهم بالخروج من الملعب والعودة بـ«الدخلة».

كان هناك تخوف من حدوث كارثة بعد المباراة خصوصا إذا لم يفز الأهلى بالبطولة. هدف عماد متعب فى الدقيقة الأخيرة من الوقت بدل الضائع حل كل المشاكل.

فرح الجميع ورأينا صورة نادرة يومها هى انفعال ضباط وجنود الشرطة خلف مرمى الفريق الإيفوارى بسبب عدم احتساب الحكم لضربة جزاء لصالح الأهلى.

إذن التصرف الحكيم منع كارثة محققة يومها، بل إن الرئيس عبدالفتاح السيسى طلب من خالد عبدالعزيز دراسة كيفية الاستفادة من طاقة شباب الألتراس فى المناسبات القومية.

عادت الجماهير للمدرجات بعد انقطاع زاد على الألف يوم، منذ مأساة استاد بورسعيد التى راح ضحيتها 74 من مشجعى ألتراس الأهلى فى أول فبراير 2012.

الجريمة التى حدثت مساء الأحد الماضى أمام استاد الدفاع الجوى فى مباراة الزمالك وإنبى يتحمل مسئوليتها الأولى وزارة الداخلية.

حتى لو كانت الجماهير تدافعت أو فعلت أى شىء، كان فى امكان الشرطة ان تتخذ العديد من الإجراءات من دون هذا الاستخدام المكثف للغاز المسيل للدموع الذى تحول فى اللحظة إلى سلاح قاتل.

كان يمكن للأمن ان يسمح بدخول كل الجماهير إلى الملعب ثم يؤجل انطلاق المباراة حتى تخرج هذه الجماهير أو يفتشها، أو حتى يقبض عليهم جميعا، لكن لا يتسبب فى قتل 22 مشجعا ذهبوا بحثا عن متعة قليلة فعادوا فى نعوش إلى أهاليهم.

كان يمكن لأجهزة الأمن اغلاق كل الأبواب وتترك الجماهير أمام الاستاد، لكن لا تصطدم بهم.

كان يفترض على أجهزة الأمن ان تتأكد ان نادى الزمالك اتبع الإجراءات الصحيحة فى بيع تذاكر المباراة بطريقة عادلة وفى أكثر من مكان خصوصا أمام الملعب.

كان يفترض على وزارة الداخلية ان توفر موظفين اكثر وأبوابا متعددة للدخول، وحسب أحد المشجعين فإن طريقة التنظيم الكارثية والتفتيش البطىء لم تسمح إلا لألفى مشجع بالدخول حتى قبل ان تنطلق المباراة بنصف الساعة فقط.

من حق وزارة الداخلية ان تتخذ الإجراءات المشددة لكن ليس على حساب أرواح الشباب الأبرياء.

وإلى ان تتضح حقيقة ما حدث، وبافتراض حسن النوايا فإن عدم الكفاءة التام هو السبب فى هذه الكارثة الجديدة.

وعلى رأى الكابتن خالد الغندور من حق أجهزة الأمن ان تستخدم الرصاص الحى عندما يقتحم الجمهور وزارة الداخلية أو الدفاع.

من الواضح ان هناك مشكلة حقيقية فى تدريب وكفاءة جهاز الشرطة مثلما هو الحال فى كل الأجهزة والمؤسسات والوزارات الموجودة فى البلد.

لا يوجد أحد لديه الحد الأدنى من الكفاءة، أو حتى المعرفة البسيطة لإنجاز عمله، والنتيجة ان المواطن صار يموت بسهولة منقطعة النظير، ولأسباب تبدو تافهة جدا.

الجندى أو الضابط الذى اطلق الغاز المسيل للدموع فى هذا الحيز أو قفص الإعدام الضيق، اتخذ عمليا قرارا بإعدام هؤلاء الأبرياء حتى لو لم يكن يدرك ذلك، مثلما فعل ضابط الشرطة الذى ألقى الغاز على سيارة ترحيلات الإخوان فى يوليو 2013.

الخلاصة: لدينا قاتل طليق اسمه انعدام الكفاءة فى كافة المجالات وتلك هى الكارثة التى ينبغى ان تقلقنا جميعا.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved