الوزراء الستة وإنقاذ الفن

خالد محمود
خالد محمود

آخر تحديث: الخميس 10 أبريل 2014 - 8:00 ص بتوقيت القاهرة

إذا كان الاجتماع الذى دعا إليه هانى مهنى رئيس اتحاد النقابات الفنية، مع ستة وزراء السبت القادم هدفه الوحيد هو الوقوف على حال اعمالنا الفنية، ووضع خارطة طريق النهوض بمضمونها من اجل عودة ثلاثية «الريادة والمكانة والسمعة الطيبة»، فهو بحق أمر يثير الدهشة.

واتساءل ما علاقة وزراء الحكومة بالمضمون والمحتوى الذى تظهربه كثير من اعمالنا السينمائية والغنائية والمسرحية، ان قصة المحتوى شىء اخر يتحمله صناع الاعمال ومبدعيها انفسهم والذى استسلم عدد كبير منهم لمفردات ومقتضيات سوق تجارية ومناخ عشوائى.

إذا كان البعض يرى الهدف من الاجتماع بوزراء الثقافة والتربية والتعليم العالى والمالية والشباب والاعلام شىء نبيل، من باب الغيرة على ما وصل اليه حال اعمالنا، فإن الهدف الأنبل هو مناقشة أوضاع البنية الاساسية لصناعة العمل الفنى التى تصدعت وانهارت بحكم الاهمال، وتحول جزء كبير منها لما يشبه «الخرابات» مثل استديو مصر، واستديو الاهرام، وغيرها، تلك الصروح التى خرجت منها أعظم اعمالنا وكانت شاهدة على تاريخ، وايضا معامل الطبع والتحميض التى تخلفت عن مواكبة الزمن بحكم آلياتها القديمة التى تشوه العمل صوتا وصورة، أما مخازن الافلام فحدث عنها ولا حرج، اصبح حالها لا يرضى احد، وتكاد تبكى بالدموع وانت ترى جدرانها وارففها المتهالكة، ومواد حفظ غير صالحة بالمرة تسكن الشرائط، تشاهد تراثنا السينمائى يغرق فى مياه راكدة.. تشوهت الافلام وسط حالة من الصمت المريب للجميع، وقد شاهدت هذا المنظر المحزن بنفسى عندما قمت يوما بجولة سرية داخل هذه المخازن بعد ان ادخلنى احد المهندسين واغلق الباب على، وقال لى «ممكن تلقى نظرة على التاريخ»!، وجدت شرائط كنوز اعمالنا السينمائية مثل بداية ونهاية وزقاق المدق وجعلونى مجرما وافلام أنور وجدى وشادية وفاتن حمامة.. مررت بطرقات لأرى ملابس واكسسوارات أعمال نجومنا الكبار وقد اكلتها «العتة» تذكرت صراخ مخرجنا الراحل يوسف شاهين على حال الأفلام ومطالبته بضرورة بناء ارشيف قومى للسينما وفق مفردات حديثة، ولن يسمعه أحد.. اهملنا التاريخ فكيف سنفكر فى الحاضر، انهار الاساس فكيف سنطور المضمون.

ان التحديات كثيرة يجب ان تواجه بصراحة فى اجتماع رئيس اتحاد النقابات الفنية مع الوزراء الستة ومنها أيضا بناء دور عرض سينمائى ومسرحى على طراز حديث بدلا من التى تحولت إلى سوبر ماركات وابراج سكنية، انظروا لأحوال دور عرض ومسارح شارع عماد الدين وما حدث لها، وعمل تيسيرات لتصوير الاعمال الاجنبية فى مصر، بإزالة اى عوائق تجعل شركات الانتاج العالمية التى ترغب فى تصوير اعمالها هنا لا تهرب إلى دول اخرى مجاورة، والبحث عن آلية لتشجيع صغار المنتجين أو المنتج الفرد على تقديم مشاريعهم المتميزة إذا كنتم تبحثون عن سمعة طيبة، ودراسة مشروع بنك للسينما واخر للمسرح لتمويل العروض الجادة لشباب المبدعين، وتشكيل لجنة جادة لبحث عودة الحياة لسوق الفيلم المصرية بالخارج حتى لا يتسول صناع الافلام بأعمالهم بحثا عن فرصة عرض باتفاقات على طريقة تجار الشنطة.

إذا كنتم تبحثون عن نهضة فهذ هو مضمونها الحقيقى.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved