قبل فوات الأوان فى قضية ريجينى

عماد الدين حسين
عماد الدين حسين

آخر تحديث: الأحد 10 أبريل 2016 - 10:00 م بتوقيت القاهرة

الموقف يتصاعد بسرعة مذهلة بين مصر وإيطاليا على خلفية مقتل باحث الدكتوراه الإيطالى جوليو ريجينى والعثور على جثته فى أول فبراير الماضى، من دون معرفة من الذى قتله حتى الآن.

إيطاليا استدعت سفيرها من القاهرة مساء الجمعة وغادر القاهرة فعلا بالأمس، وهددت بالتصعيد إلى أقصى درجة حتى تتضح حقيقة مقتل ريجينى.

قبلها أوقفت إيطاليا المباحثات مع الوفد القضائى المصرى الذى سافر إلى روما، وبعد ان عاد قال رئيسه المستشار مصطفى سليمان إننا قدمنا كل ما توصلنا إليه باستثناء مطالب تتعارض مع الدستور وتتعلق ببيانات ومحتوى الاتصالات الهاتفية لمليون مصرى فى المنطقة التى اختفى فيها ريجينى.

لا أحد يوافق أن نتخلى عن سيادتنا وكرامتنا تحت أى مبرر، لكن وفى نفس الوقت علينا أن نعرف ونفهم وأن نكون مستعدين للعواقب فى الفترة المقبلة إذا تركنا الأمور تتفاقم بالطريقة التى تسير إليها.

من الواضح أن الطرف الإيطالى لديه ما يشبه اليقين بأن هناك محاولات مصرية للتغطية على حقيقة ما حدث، وهو ما يفسر التصلب الإيطالى الرسمى الأخير، حتى من جانب رئيس الوزراء ماتيو رينزى الذى لعب دورا محوريا فى دعم مصر بعد ٣٠ يونيو ٢٠١٣ وله موقف غاية فى القوة لدعم المؤتمر الاقتصادى الدولى فى شرم الشيخ فى مارس ٢٠١٥.

هناك تسريبات مصرية غير رسمية تعتقد أن هناك جهة ما يرجح أنها جهاز جماعة محلية أو جهاز مخابرات أجنبى أو تعاون بينهما، يقف وراء الحادث حتى يورط مصر ويشوه علاقتها مع حليفها الأوروبى الأقوى، ومن ثم كل أوروبا، بعد أن بدأت العلاقات تتحسن.

هذا التصور الرسمى يشمل أيضا قصة إسقاط الطائرة الروسية فوق سيناء فى أكتوبر الماضى، والتى قادت إلى وقف السياحة والطيران الروسى والبريطانى، الأمر الذى وجه ضربة قاصمة للاقتصاد المصرى، وأشار إليها الرئيس عبدالفتاح السيسى بوضوح فى خطابه الشهير قبل أسابيع فى مسرح الجلاء بالقوات المسلحة.

وما بين التلميح الإيطالى بوجود تورط رسمى مصرى، والتلميح الرسمى المصرى بوجود تورط دولى لحصار مصر، تتوه الحقيقة، لكن ما نراه بوضوح أن علاقتنا بإيطاليا وكل أوروبا صارت على المحك فماذا عسانا فاعلين؟!.

أعتقد أن الملف ينبغى أن يعاد النظر فيه بصورة جذرية وأن يتدخل فيه الرئيس السيسى شخصيا، لأن تداعياته صارت تتجاوز حتى العلاقات الإيطالية بكل قوتها وزخمها وصولا إلى احتمال اصطفاف أوروبى خلف روما.

إيطاليا استدعت السفير، وأوقفت الطيران بحجة «إمكانيات التشغيل»، وتهدد بوقف كل مصالحها الاقتصادية حتى تظهر الحقيقة.

وإذا حدث ذلك ــ لا قدر الله ــ فإن هناك احتمالات أن تحذو بعض الدول الأوروبية نفس المنهج، ووقتها قد نجد أنفسنا عالقين فى نقطة صعبة للغاية.. وبعدها قد ندفع أثمانا مضاعفة ليس فقط فى قضية ريجينى، بل فى قضايا أخرى يرى الغرب أنها لم تغلق بعد.

إذا كنا نعرف من الفاعل، فعلينا أن نعلن الحقيقة الآن مهما كانت مؤلمة، لأن الثمن غدا سيكون أكثر فداحة.

إذا كنا أبرياء، ثم يتطور الأمر إلى هذه الصورة الكارثية، فمعنى ذلك أننا فشلنا فشلا ذريعا فى إثبات براءتنا أمام الجانب الإيطالى وأمام العالم الذى نشكو انه يتربص بنا.

مرة أخرى هناك خطأ كبير فى إدارتنا للملف منذ بدايته، جعلت كثيرين من دول العالم وبعض قطاعات الشعب المصرى تظن فعلا أن جهة رسمة مصرية تقف وراء الحادث. والخلاصة أن أجهزة الدولة يجب عليها أن تتحرك قبل فوات الأوان لأن الصورة الراهنة غير مطمئنة بالمرة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved