مبارك.. وفتنة إمبابة

محمد عصمت
محمد عصمت

آخر تحديث: الثلاثاء 10 مايو 2011 - 8:36 ص بتوقيت القاهرة

 كما لو أن مبارك مازال رئيسا للجمهورية وحبيب العادلى مازال وزيرا للداخلية.. جاءت أحداث العنف الطائفى فى إمبابة، وهى تحمل بصمات النظام القديم وطريقة تفكيره ونفس أساليب مؤامراته، من أجل أن نقتنع بمصداقية تصريح الرئيس السابق الشهير لصحيفة أمريكية محذرا إدارة أوباما من الاطاحة به: «أنا أو الفوضى».. والتى كان يقصد بها أن فساد نظامه وديكتاتوريته وقمعه لكل القوى السياسية وانتهاكه لحقوق الإنسان، هى الثمن الذى ينبغى أن ندفعه راضين حتى لا نغرق فى بحور من الفوضى والتطرف..!

ولا شك أن هناك ارتباطا وثيقا بين أحداث العنف الأخيرة سواء فى ماسبيرو أو إمبابة أو شارع عبدالعزيز وبين الاتصالات والاجتماعات السرية التى تعقدها قيادات سابقة بنظام مبارك ورموز بالحزب الوطنى المنحل، للبحث عن أى وسيلة تضمن عودتهم للحياة السياسية من جديد، وتحقق أهدافهم فى الحصول على نسبة كبيرة من مقاعد مجلسى الشعب والشورى فى الانتخابات القادمة، لاستعادة نفوذهم القديم الذى فقدوه بسقوط مبارك.

ولاشك ان هذه القيادات التى حققت ثروات ضخمة خلال حكم مبارك وحظيت بنفوذ سياسى كبير فى عهده، هى الطرف الوحيد المستفيد من إنهاك المجلس العسكرى وحكومة الدكتور عصام شرف بالفتن الطائفية، وزيادة نفوذ البلطجية، وانتشار الفوضى فى الشارع، وتعطل الإنتاج وتفاقم الأزمات الاقتصادية، لتثبت عجزهما عن إدارة شئون الحكم من جهة، ولكى تشيع من جهة أخرى مناخا من اليأس يفرض على الناس قبول رجال نظام مبارك فى ثوبهم المرقع الجديد، خاصة أنهم لن يتأخروا لحظة واحدة فى تقديم بعض الإصلاحات، والتنازل عن الكثير من امتيازاتهم التى سرقوها تحت رعاية نظام مبارك..!

وقد لا يكون من قبيل المصادفة أن اشتعال هذه المعارك الطائفية ــ وهى الورقة التى كان يلعب بها نظام مبارك لصرف الانتباه عن أزماته المتكررة ــ يرتبط بإصدار حكم بالسجن ضد حبيب العادلى، وحجز عدد من قضايا الفساد المتهم فيها وزراء العهد السابق للحكم، وتكثيف التحقيقات مع جمال وعلاء، وزيادة التوقعات بقرب نقل مبارك لسجن طرة. فالمؤكد ان اشتعال هذه الفتن الطائفية تقف وراءها أيادٍ خفية ترتبط مصالحها بالنظام القديم.

وقد تحمل الشهور المقبلة مزيدا من حوادث الاحتقان الاجتماعى والطائفى، لن نستطيع أن نواجهها فقط بالضرب من حديد على أيدى مشعليها كما قال مجلس الوزراء فى اجتماعه الأخير، فحسم هذه الفتن يحتاج فى المقام الأول إلى برنامج سياسى واقتصادى يستند إلى توجهات طبقية وثقافية محددة.. وهو أمر لم توله حكومة شرف الاهتمام الذى يستحقه حتى الآن..!!

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved