ضربة معلم «فشنك»

محمد سعد عبدالحفيظ
محمد سعد عبدالحفيظ

آخر تحديث: الأحد 10 مايو 2015 - 9:05 ص بتوقيت القاهرة

قبل اغتياله بأسابيع، أصدر الرئيس الراحل محمد أنور السادات قرارا باعتقال ما يزيد على 1500 من رموز المعارضة المصرية، القائمة ضمت سياسيين وصحفيين ورجال دين عارضوا اتفاقية كامب ديفيد، وفى اليوم التالى وصفت إحدى الصحف القرار بـ«ضربة المعلم».

لم تكن تلك الضربة هى الأولى للسادات فـ«المعلم» الراحل كان مغرما بـمانشتيات الصحف، التى وصفته بـ«مُفجر ثورة التصحيح»، و«بطل الحرب والسلام»، حتى انتهى المشهد باغتيال «الرئيس المؤمن»، الذى غدر به عدد من «أولاده» فى طابور عرض عسكرى صبيحة الاحتفال بذكرى نصر أكتوبر عام 1981.

بالرغم من حضوره مشهد اغتيال سلفه، فإن الرئيس المخلوع حسنى مبارك لم يتمكن من كبح جماح فرعونه، فسمح لحملة المباخر بمغازلته ونفخ أبواق تمجيده، فتحولت قراراته بغض النظر عن قيمتها إلى «ضربات معلم».. تعديل المادة 76 من الدستور «ضربة معلم».. فتح معبر رفح «ضربة معلم»، إغلاق نفس المعبر «ضربة معلم»، وبعد عقود من الحكم وصل النفاق إلى أقصاه فقالت جريدة الأهرام فى افتتاحيتها عن يوم مولد مبارك 4 مايو 2008 «يوم أن ولدت مصر‏..‏ من جديد»، وذيلت العنوان بشوارح من عينة «صراحته ترياق أفقنا به من وهم طويل‏»، ‏و«واقعيته صمام أمان لحلول الأزمات».. لم تشفع «ضربات المعلم الفشنك» لمبارك عند شعبه فثار عليه فى النهاية حالما بدولة جديدة بلا نفاق أساسها الحرية والعدالة الاجتماعية والمصارحة.
فى 30 أبريل الماضى نقلت وسائل إعلام ليبية عن وليد العرفى الناطق باسم قسم الهجرة غير الشرعية التابع لوزارة العمل الليبية، قوله إنهم نقلوا 31 مهاجرا غير شرعى إثيوبيًا إلى مدينة البيضاء تمهيدا لترحيلهم، وأن هؤلاء المهاجرين نقلوا من وحدة تجميع سجن الكويفية فى بنغازى لترحيلهم عن طريق مطار الأبرق الدولى.

منتصف نهار الخميس الماضى 7 مايو نقل التليفزيون الرسمى المصرى وقائع استقبال الرئيس عبدالفتاح السيسى لعدد من الإثيوبيين«العائدين» من ليبيا، ونقل السفير علاء يوسف، المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية عن الرئيس قوله: إن مصر قامت ــ بالتنسيق مع الأشقاء فى ليبيا وإثيوبيا ــ بتحرير المواطنين الإثيوبيين الذين كانوا يعانون ظروفا شديدة الصعوبة فى ليبيا.

أبرزت صحف القاهرة الصادرة صباح الجمعة الخبر، ووصف بعضها استقبال الرئيس للإثيوبيين«المحررين» بـ«ضربة المعلم»، وبالغت إحداها وروت عن مصدر لم تسمه ما قالت إنه «أسرار أخطر مهمة مصرية لتحرير الإثيوبيين المختطفين فى ليبيا»، مؤكدة على تنفيذ الأجهزة المصرية مهمة نوعية لتخليص الرهائن الثلاثاء 5 مايو.

وكيل أول وزارة العمل والشئون الاجتماعية الليبية، محمد عطية العبيدى أكد فى نفس اليوم «الجمعة» أنّ الافراج عن المهاجرين غير الشرعيين الإثيوبيين كان بواسطة مبادرة من السفارة الليبية بالعاصمة الإثيوبية أديس ابابا، نافيا أن يكون للأجهزة المصرية أى دور فى تحريرهم.

وشدد المسئول الليبى فى بيان رسمى أنه تم إطلاق سراح الإثيوبيين وترحيلهم من قبل جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية من سجن الكويفية، وتم إيداعهم بمدينة البيضاء بسجن خاص بالهجرة غير الشرعية، مضيفا: «حضرت أنا شخصيا مراسم إنهاء إجراءاتهم وتم نقلهم إلى مطار الأبرق وتسفيرهم إلى مصر».

إذن لم تكن «ضربة معلم»، ولم تكن عملية تحرير، كانت عملية إجلاء ونقل لأشقاء على خطوط طيران مصرية، ربما ساعدت القاهرة أو تدخلت من خلال روافدها الدبلوماسية لكنها لم تقم بعملية خطيرة لتحرير مخطوفين.

محاولات صناعة الفرعون الجديد بدأت منذ شهور، فالرئيس السيسى يخضع حاليا لنفس الظروف التى صنعت من سابقيه فراعنة، حملة المباخر يمجدون أفعاله مهما صغرت ويتعامون عن أخطائه مهما عظمت، لكن عليه أن ينظر للنهايات.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved