التنين الصيني في الشرق الأوسط.. المزيد من التعاون والشراكات الاستراتيجية

مواقع عالمية
مواقع عالمية

آخر تحديث: الثلاثاء 10 مايو 2022 - 8:25 م بتوقيت القاهرة

نشر موقع Eurasia Review مقالا بتاريخ 29 إبريل للكاتب محمد زريق، تحدث فيه عن أساس ودوافع الاستراتيجية الصينية فى منطقة الشرق الأوسط، كما تناول التحديات التى تواجهها الاستراتيجية... نعرض من المقال ما يلى:

فى عام 1956، أصبحت مصر أول دولة عربية تعترف بجمهورية الصين الشعبية بعد إقامة علاقات دبلوماسية معها. وفى عام 1958، أقام العراق علاقات دبلوماسية مع الصين. فى عام 1971، أقامت الصين علاقات دبلوماسية مع تركيا وإيران. وبين عامى 1990 و1992، أقامت الصين علاقات دبلوماسية مع عدد من الدول العربية الأخرى ودول الشرق الأوسط.

الصين تعد اليوم شريكا استراتيجيا للعديد من دول الشرق الأوسط. دور الصين توسع بشكل كبير مع إعلان الرئيس الصينى شى جين بينج فى عام 2013 عن مبادرة الحزام والطريق، والتى تعد حجر الزاوية للاستراتيجية الصينية الحديثة.

قدم الرئيس شى جين بينج تقريره مع انعقاد المؤتمر الوطنى التاسع عشر للحزب الشيوعى الصينى فى 18 أكتوبر 2017. والآن، العلاقات الدولية بحاجة إلى إعادة النظر فى رأيه من أجل تعزيز بيئة من الاحترام المتبادل والإنصاف والعدالة التى تعود بالفائدة على كل الأطراف، فضلا عن إنشاء مجتمع عالمى مكرس لبناء عالم مفتوح ومزدهر لجميع أعضائه. ويجب أخذ هذه الأفكار فى الاعتبار عند مناقشة السياسة الصينية فى الشرق الأوسط.

فى عام 2004، عقد منتدى التعاون الصينى العربى اجتماعا وزاريا. وفى عام 2010، خلال المؤتمر الوزارى الرابع لمنتدى التعاون الصينى العربى الذى عقد فى مدينة تيانجين، تم الاتفاق على زيادة التعاون الصينى العربى وتعزيز العلاقات الاستراتيجية. كانت هناك ثلاثة مواضيع خلال المؤتمر الوزارى السادس: الطاقة النووية والأقمار الصناعية الفضائية ومصادر الطاقة البديلة ذكرها الرئيس الصينى شى جين بينج باعتبارها الركائز الثلاث لنمط التعاون.

فى يوليو 2018، تم الاتفاق على الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية الموجهة نحو المستقبل للتعاون الشامل والتنمية المتبادلة من قبل الجانبين. وكانت الوثيقة الأكثر أهمية فى سياسة الصين فى الشرق الأوسط هى خطاب الرئيس شى أمام مقر جامعة الدول العربية فى 22 يناير 2016.

• • •

الصين تنظر إلى العلاقات العربية الصينية من الناحية الاستراتيجية. فلطالما كان المبدأ الدبلوماسى الصينى يتمثل فى تقوية وتعزيز الصداقة طويلة الأمد بين الصين والعالم العربى. وبدلا من تشكيل تحالف، تريد الصين إنشاء شبكة اتصالات عبر المنطقة. وبالفعل، تأسست «شراكة استراتيجية» بين الصين وتركيا فى أكتوبر 2010؛ كما تأسست «شراكة استراتيجية» بين الصين وإسرائيل فى مارس 2017.

بعد زيارة كازاخستان وإندونيسيا فى عام 2013، أطلق الرئيس شى جزءا من مبادرة الحزام والطريق للقرن الحادى والعشرين. كما حثت الصين الدول العربية على الانضمام إلى هذه المبادرة خلال منتدى التعاون الصينى العربى فى عام 2014. ولهذا السبب تنص ورقة السياسة العربية على أن «الصين مستعدة لتنسيق خطط التنمية مع الحكومات العربية، وإنشاء قدرة إنتاجية دولية، وتعزيز التعاون فى مختلف الصناعات».

تحقق أيضا النمو الاقتصادى فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس فى مصر، ومنطقة خليفة الصناعية فى أبو ظبى وكذلك جازان بالمملكة العربية السعودية. وبالنسبة للتعاون فى مجال الطاقة الشمسية فهو على طاولة المحادثات. وفى مايو 2017، تمت دعوة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان لحضور منتدى الحزام والطريق الأول للتعاون الدولى (BRF). وقد جمع منتدى الحزام والطريق الثانى فى بكين فى أبريل 2019 بين الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى ونائب رئيس الإمارات العربية المتحدة محمد بن راشد.

إن مبادرة الحزام والطريق هى أكثر من مجرد سلسلة من الروابط البرية والبحرية. إنها شبكة من الشراكات والمشاريع. فالشرق الأوسط يعتبر المصدر الرئيسى للنفط الخام للصين. فمن بين أكبر عشرة موردى نفط للصين السعودية والعراق وإيران وعمان والكويت. كما وقعت كل من الصين وقطر عقودا مدتها 25 عاما فى أبريل 2008 لشراء 3 ملايين طن من الغاز الطبيعى المسال سنويا. 

إن المشاركة الصينية فى الشرق الأوسط مدفوعة أيضا بالاقتصاد لأن المنطقة أصبحت الآن سوقا رئيسيا لتصدير السلع الصينية. كما زاد حجم عقود البناء الصينية فى العالم العربى ثمانى مرات من عام 2004 إلى ما مجموعه 3.28 مليار دولار أمريكى. وتعد طهران وتركيا من أهم الشركاء التجاريين للبلدين والمستوردين من الصين.

وبخصوص المصالح الصينية ومكافحة الإرهاب، كثفت الصين من مشاركتها مع دول الشرق الأوسط حيث وفرت قوات حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة؛ وفى عام 2006، أرسلت الصين كتيبة هندسية إلى جنوب لبنان فى خطوة هى الأولى من نوعها فى الشرق الأوسط.

• • •

لطالما انجذبت الصين إلى الشرق الأوسط بسبب تاريخ المنطقة الطويل وتراثها الثقافى المتنوع. والصين من أشد المدافعين عن التبادل الثقافى واحترام الآخر. ومن ثم، شكلت الصين والدول العربية منصة للحوار الحضارى فى إطار منتدى التعاون الصينى العربى. ومع ذلك، ونظرا للتحديات الجيوسياسية، تنظر الصين إلى الشرق الأوسط على أنه ملىء بالتحديات والفوضى. لذا، فإنها حذرة للغاية فى المنطقة، خاصة فى التعامل مع الدول غير المستقرة.

فى يناير 2016، زار الرئيس الصينى كلا من المملكة العربية السعودية وإيران. كما زار دولة الإمارات العربية المتحدة فى يوليو 2018، واجتمع وزير خارجيته مع الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان فى بكين فى 2 مايو 2018 وقررا تشكيل لجنة ثنائية حكومية دولية للتعاون.

كما شكلت الحكومة الصينية لجنة رفيعة المستوى فى يناير 2016 لتوجيه وتنسيق التعاون الثنائى مع المملكة العربية السعودية. والتقى وزير الخارجية الصينى والشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثانى للمرة الأولى فى 12 ديسمبر 2018، فى إطار الجولة الأولى من المشاورات الاستراتيجية بين البلدين. وخلال هذه القمة، أقامت الصين وقطر إطار حوار استراتيجى حكومى دولى.

يبدو أن سياسة الصين الخارجية فى الشرق الأوسط تقوم على نهج «الكل أصدقاء» أو نهج «صفر عداء». من خلال هذا النهج، تتطلع الصين إلى العمل مع القوى العالمية الكبرى فى الشرق الأوسط وفقا لمبادئها الخمسة للتعايش السلمى وتشمل؛ الاحترام المتبادل للسيادة ووحدة الأراضى، عدم الاعتداء المتبادل، عدم التدخل فى الشئون الداخلية بصورة متبادلة، المساواة والمنفعة المتبادلة، والتعايش السلمى.

هذه المبادئ شكلت ردة فعل الصين تجاه الأزمة السورية. فالصين تعتقد أن الحل السياسى هو الحل الوحيد لهذه الأزمة ولا توجد طريقة أخرى للخروج من هذا الوضع إلا من خلال العمل السياسى، وعندما يتعلق الأمر بإيجاد حل مقبول من جميع الأطراف السورية، ترى الصين أن على المجتمع الدولى مساعدة الأطراف السورية فى إعادة الانخراط فى المفاوضات بسرعة تحت وساطة الأمم المتحدة. كما استضافت الصين جماعات المعارضة السورية أربع مرات فى بكين بين عامى 2012 و2017، حيث تبرعت بـ680 مليون يوان صينى كمساعدات إنسانية لسوريا واللاجئات واللاجئين السوريين فى الخارج. باختصار شديد، وفقا للصين، ومن أجل تحقيق الاستقرار فى سوريا، من الضرورى وضع حد لإراقة الدماء ومكافحة الإرهاب والانخراط فى عملية سياسية شاملة وتقديم المساعدة الإنسانية وإعادة البناء.

• • •

منظمة شنغهاى للتعاون تعتبر الصين عضوا حيويا فيها. بعد قمة منظمة شنغهاى للتعاون فى يوليو 2005، سعت إيران للحصول على العضوية الكاملة فى مارس 2008، لتصبح بذلك عضوا مراقبا. كما رحبت منظمة شنغهاى للتعاون بتركيا فى عام 2012. وقد أبدت العديد من الدول، بما فى ذلك مصر وسوريا والعراق وقطر وإسرائيل، اهتماما بالمشاركة فى منظمة شنغهاى للتعاون كمراقبين أو شركاء فى الحوار. قد تستخدم الصين منظمة شنغهاى للتعاون كمنصة جديدة للتعاون مع دول الشرق الأوسط. سيقلل هذا التعاون من المنافسة بين مبادرة الحزام والطريق والاتحاد الاقتصادى الأوروبى الآسيوى ويزيد من التأثير الاستراتيجى لمنظمة شنغهاى للتعاون إذا تم توسيع منظمة شنغهاى للتعاون إلى جنوب وغرب آسيا.

جوهر القول، استراتيجية الصين فى الشرق الأوسط تركز على التعاون الاقتصادى، فالرئيس الصينى يعتقد أن تعزيز النمو الاقتصادى هو أفضل نهج للتغلب على العقبات. بمعنى أن النمو أمر حيوى لرفاهية الجميع وكرامته ومن ثم إنهاء الصراع فى الشرق الأوسط، هذا التعاون يعد سباقا مع الزمن ومعركة أمل لمواجهة اليأس من أجل أن يكون للشباب الشرق أوسطى أمل فى قلوبهم لعيش حياتهم بكرامة وإنجاز.

من وجهة نظر الصين، تعد مبادرة الحزام والطريق إطارا حاسما لهذا التعاون الاقتصادى بين الصين والشرق الأوسط. ويمكن تصور التعاون فى مجالات تطوير البنية التحتية، والتصنيع، والمجمعات الصناعية، والطاقة، وتسهيل الاستثمار.

ترجمة وتحرير: ياسمين عبداللطيف زرد

النص الأصلي

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved