القضاء على المحسوبية فى الإدارة الأمريكية

صحافة عالمية
صحافة عالمية

آخر تحديث: الخميس 10 يونيو 2021 - 8:45 م بتوقيت القاهرة

نشرت صحيفة Boston Globe The افتتاحية تناولت استغلال الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب ثغرات قانونية لتعيين أقاربه فى مناصب عليا، وركزت الافتتاحية على دور الكونجرس فى القضاء على المحسوبية وسد الثغرات القانونية لمنع استغلالها فى المستقبل.. نعرض منه ما يلى.

أثناء حملته الانتخابية عام 2016، قال دونالد ترامب لمؤيداته ومؤيديه أنهم إذا انتخبوه، فإنه سيكون أحاط نفسه بأفضل الأناس وأكثرهم جدية، لكن هذه مسألة مشكوك فيها نظرًا لأنه ارتبط منذ فترة طويلة بأناس محتالون ومخادعون خلال مسيرته فى القطاع الخاص. وبالفعل، بعد انتخابه، أصبح واضحا أن ترامب خطط لتسيير إدارته بنفس الطريقة التى أدار بها عمله: تعيين عائلته فى المناصب العليا وإغراق البيت الأبيض بالموالين والمواليات له. وكانت النتيجة فسادًا وعدم كفاءة وهو ما كان بعيدا كل البعد عما ادعاه من تعيين أناس أكثر جدية وكفاءة!.
فى الواقع، كان اثنان من التعيينات المبكرة التى قام بها ترامب فى البيت الأبيض مثالين صارخين على استعداده للانخراط فى فساد: التعيين الأول جاء يوم 9 يناير 2017، عندما عين ترامب صهره جاريد كوشنر ككبير مستشاريه فى البيت الأبيض، أما التعيين الثانى، جاء بعد بضعة أشهر من تعيين جاريد، عندما أعطى ترامب دورا مماثلا لابنته إيفانكا.
كانت هذه التعيينات مزعجة لعدة أسباب. أولا، لم يكن لدى كوشنر ولا إيفانكا مؤهلات مسبقة للعمل الذى تم تكليفهما به، مما يعنى أن تعييناتهما تمت على أساس أن لديهما علاقة وثيقة بالرئيس. ثانيًا، على الرغم من تنازل كل من كوشنر وإيفانكا عن راتبيهما فى البيت الأبيض، إلا أنهما استفادا من دورهما فى الإدارة كوسيلة لكسب المال. وثالثًا، تعد محاباة الأقارب من قبل المسئولين الحكوميين أمرا غير قانونى لكن ترامب تمكن من إيجاد ثغرات فى القانون لفعل ما يحلو له.
أثناء خدمتهما فى البيت الأبيض، استفادت إيفانكا وكوشنر بالفعل من مناصبهما لتعزيز أرباحهما. مثل ترامب، لم يقم أى منهما بالتجرد الكامل من أعمالهما التجارية، وباع كوشنر حصته فى إحدى شركاته فقط بعد أن استفاد مباشرة من مشروع قانون الضرائب الذى وقعه ترامب ليصبح قانونًا. كما خضعت الشركة العقارية لعائلة كوشنر للتدقيق فى عدة مناسبات؛ لأنه بدا أن أفراد عائلته يعتمدون على علاقتهم بالإدارة الأمريكية. شركة عائلة كوشنر هذه كانت لديها أيضا تعاملات تجارية فى إسرائيل، حتى إن إحدى مسئولياته الرئيسية شملت سياسة الشرق الأوسط.
على أى حال، لم يكن ترامب أول رئيس يعين أقاربه فى المناصب العليا؛ فجون إف كينيدى رشح شقيقه لمنصب المدعى العام وعين صهره فى منصب المدير الأول لفيلق السلام. وبالنظر إلى أن المحسوبية هى فرصة سهلة للمسئولين الحكوميين لتحويل مناصبهم العامة إلى وسيلة لكسب المال، فمن المهم اتخاذ إجراءات صارمة على كل مستوى من مستويات السلطة لإيقاف ذلك. بشكل عام، تعد المحسوبية عملا من أعمال الإثراء الذاتى ومثالا جوهريا للفساد الذى بلا شك يزرع عدم الثقة فى السلطة.
وعدم الثقة هذا له ما يبرره، فشغل أقرباء الرئيس المناصب العليا سيؤدى على الأرجح إلى وجود موظفين وموظفات أكثر ولاءً للرئيس وليس للمؤسسات الحكومية، أو حتى للديمقراطية نفسها، كما أنه من غير المرجح أن تؤدى المحسوبية إلى خلق حكومات أكثر كفاءة؛ فكوشنر، على سبيل المثال، كان غير مؤهل عندما عين ضمن فريق التصدى لفيروس كورونا فى البيت الأبيض ودفع الشعب الأمريكى الثمن من جراء سياسات وتصريحات الفريق.
من أجل القضاء على المحسوبية فى السلطة، يجب البدء بمن فى القمة، بعبارة أخرى، يجب على الكونجرس ضمان تطبيق قوانين مكافحة المحسوبية على كل من الرئيس/ة ونائبه/ته.
عندما عين ترامب كوشنر، قال بعض العلماء فى القانون بأن الرئيس ليس مضطرًا للالتزام بالقانون الفيدرالى لمكافحة المحسوبية، ولهذا السبب، من أجل ضمان عدم حدوث هذه الدرجة من الفساد، يجب على الكونجرس تمرير مشروع قانون ينص صراحة على أن الرئيس لا يمكنه تعيين قريب/ة له فى أى منصب حكومى رسمى، حتى لو تخلى عن راتبه. وفى حالة ما إذا كان يُنظر إلى هذا القريب/ة على أنه الأفضل لشغل المنصب، يجب أن يكون هذا التعيين قد تم بناء على تقييم لمؤهلات المرشح/ة من قبل الكونجرس. باختصار، يجب أن تكون تعيينات أفراد الأسرة هى الاستثناء وليس القاعدة.
هناك أيضا مسألة إصلاح القانون الحالى. فعلى الرغم من وجود قانون اتحادى لمكافحة المحسوبية، فإن العقوبة هى حرمان الشخص المعين من راتبه، وقد تنازل كل من كوشنر وإيفانكا بالفعل عن رواتبهما الحكومية. ولكن بما أن ذلك لم يمنعهما من استغلال منصبيهما فى الحكومة لكسب المال فى القطاع الخاص، فمن الواضح أن قوانين مكافحة المحسوبية يجب أن تتضمن عقوبات أكثر صرامة، بما فى ذلك إنهاء الوظيفة إذا ثبت أن التعيين قد تم على أساس علاقة الموظف/ة بالرئيس بدلا من مؤهلاته.
حان الوقت لضمان عدم اتباع أى رئيس أمريكى لمثال ترامب. لأنه إذا لم يتم التعامل مع المحسوبية بجدية، فلن تكون رئاسة ترامب إلا بمثابة نموذج لعائلات أخرى صاحبة أعمال تجارية تسعى للترشح للمناصب العليا لزيادة الثروات فى المستقبل.
إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى:

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved