بايدن.. «الشريك التاسع» فى ائتلاف إسقاط نتنياهو

مواقع عربية
مواقع عربية

آخر تحديث: الخميس 10 يونيو 2021 - 8:50 م بتوقيت القاهرة

نشر موقع 180 مقالا للكاتب سميح صعب، ذكر فيه أسباب رغبة بايدن فى إسقاط نتنياهو والتعاون مع الائتلاف الجديد بقيادة نفتالى بينيت.. نعرض منه ما يلى.
بعد خروج دونالد ترامب من البيت الأبيض، كان جو بايدن يدرك أن بقاء بنيامين نتنياهو فى رئاسة الحكومة الإسرائيلية، سيعكر الأجندة الخارجية للإدارة الديمقراطية، ولا سيما عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووى مع إيران. لذا قد لا يكون مبالغا فيه القول إن بايدن هو الشريك التاسع فى الائتلاف الحكومى الإسرائيلى الجديد، الذى لا نقطة التقاء بين أركانه، سوى إزاحة نتنياهو من الحكم.
على رغم أن الائتلاف الجديد لا يزال معلقا على نيل الثقة، فإن البيت الأبيض أرسل إشارة تأييد ضمنية للائتلاف من خلال دعوة عاجلة لوزير الدفاع الإسرائيلى بينى غانتس لزيارة الولايات المتحدة من أجل اطلاعه على مجريات المفاوضات الجارية فى فيينا من أجل إحياء الاتفاق. ومعلوم أن حزب «أزرق أبيض» الذى يتزعمه غانتس، شريك فى الائتلاف الجديد.
وسرعان ما التقط نتنياهو الرسالة الأمريكية، فأطلق قبل أيام تحذيره الشهير «إذا كان علينا الاختيار، وآمل ألا يحدث ذلك، بين الاحتكاك مع صديقتنا الكبرى الولايات المتحدة والقضاء على التهديد الوجودى.. فإن القضاء على التهديد الوجودى يفوز»، فى إشارة إلى البرنامج النووى الإيرانى.
وعلى خطى ترامب فى الأيام الأخيرة له فى البيت الأبيض، حيث كان لا يزال يأمل فى قلب نتائج الانتخابات الرئاسية التى فاز فيها بايدن، أطلق نتنياهو حملة شرسة لفرط عقد «حكومة اليسار التى تشكل خطرا على إسرائيل». وأنصاره يتظاهرون يوميا أمام منازل نواب من حزب «يمينا» و«أمل جديد»، بغية الضغط على نواب من هذين الحزبين للانشقاق، بما يضمن له عدم نيل الائتلاف الجديد للثقة فى الكنيست. والثقة معلقة على غالبية بسيطة من 61 نائبا من أصل 120.
ولا يزال نتنياهو يأمل فى إسقاط الائتلاف والذهاب إلى انتخابات خامسة فى الصيف المقبل، وإعادة رسم المشهد السياسى لمصلحة بقائه فى السلطة بأى ثمن. ولا يمكن الاستهانة بخبرته فى التحريض وتجييش الرأى العام الإسرائيلى وتحريك المتطرفين من الأحزاب العنصرية على غرار حزب «القوة اليهودية» الذى يدعو علنا إلى قتل العرب ويعتبر باروخ غولدشتاين الذى ارتكب مجزرة الحرم الإبراهيمى «بطلا قوميا». وكثير من الشعب الإسرائيلى يعتبر أن أجواء التحريض التى أطلقها نتنياهو ضد اتفاق أوسلو عام 1993، هى التى دفعت اليهودى من أصل يمنى ييغال عمير إلى اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلى اسحق رابين عام 1995.
***
وكى لا نغرق فى الماضى، نستعين بمثال لا يزال حيا. لقد اتخذ نتنياهو قرار الحرب على غزة فى 10 مايو المنصرم، بعد تويتر متعمد فى القدس والأراضى المحتلة عام 1948، على أثر إخفاقه فى تشكيل حكومة ائتلافية جديدة، وإيكال الرئيس الإسرائيلى رئوفين ريفلين هذه المهمة إلى زعيم حزب «هناك مستقبل» يائير لابيد.
وعبر الحرب على غزة، سعى نتنياهو إلى خلق أمر واقع جديد يستحيل معه على لابيد تأليف حكومة، لا سيما أنه لم يتبقَ من المهلة المعطاة له سوى أيام معدودات. وكاد نتنياهو يبلغ مقصده عندما قال زعيم حزب «يمينا» نفتالى بينيت بعد ساعات من بدء الهجمات على غزة، أنه أوقف مفاوضات الائتلاف مع لابيد. إلا أنه بعد وقف الحرب، عاد بينيت عن موقفه وواصل المفاوضات الائتلافية وقَبِل بأن تكون الحركة الإسلامية برئاسة منصور عباس جزءا من الائتلاف. والسؤال البديهى هنا، هل ثمة أيدٍ تعمل فى الخفاء لتسهيل مهمة إقصاء نتنياهو، أكثر مما هو العمل على قيام حكومة يدرك الجميع هشاشتها وبأنها قد تنفجر عند أول منعطف؟
وبعدما توقفت حرب غزة وتم الإعلان عن الائتلاف الجديد وعدم تسليم نتنياهو به، لا تزال إدارة بايدن تخشى أن يقدم رئيس الوزراء المنتهية ولايته، على قرار انتحارى كمثل توجيه ضربة عسكرية إلى إيران لخلط الأوراق الداخلية فى إسرائيل والمنطقة وقلب نتائج المفاوضات فى فيينا. وهذا ليس سرا، بل أخبار يتداولها محللون ووسائل إعلام أمريكية وإسرائيلية.
وكانت مثل هذه الخشية تراود بايدن حيال ما يمكن أن يقدم عليه ترامب من قرارات لقلب نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فكان يوم الاقتحام الدموى للكونجرس من مؤيدي/ات الرئيس السابق فى 6 يناير 2021 فى الوقت الذى كان المشرّعون والمشرعات فى الولايات المتحدة يصادقون على نتائج الانتخابات.
كما ساورت بايدن المخاوف من إقدام ترامب فى الأيام الفاصلة بين ظهور النتائج لمصلحة المرشح الديمقراطى وبين التسلم والتسليم، من أن يقدم ترامب على توجيه ضربة عسكرية لإيران بغية خلط الأوراق فى المنطقة وتاليا تصعيب عملية العودة إلى الاتفاق النووى، الذى كان بايدن قد أعلن خلال حملته الانتخابية، أنه يرى أن العودة إلى الاتفاق تصب فى مصلحة الأمن القومى الأمريكى.

***
من هنا، تبقى أنظار أمريكا مشدودة إلى الأيام المقبلة وما يمكن أن يدخر لها نتنياهو من مفاجآت مماثلة لمفاجآت «صديقه» ترامب، الذى أسخى عليه فى الأعوام الأربعة الماضية بهدايا مجانية توجتها «صفقة القرن». ومن دون شك يفتقد نتنياهو ترامب فى مثل هذه الأيام «العصيبة» بالنسبة له.
وكما يهدُس ترامب بالعودة إلى البيت الأبيض، فإن نتنياهو إذا فشل فى الحئول دون ولادة ما أطلق عليه «حكومة التغيير»، فإنه سيبقى يتحين أى فرصة لتصديع الائتلاف والذهاب إلى انتخابات خامسة أملا فى أن تعيده إلى السلطة. وهو موقن أن الائتلاف الجديد لا هدف له سوى إسقاطه بعد 12 سنة متتالية فى المنصب.
هذا مع العلم أن نفتالى بينيت، رئيس الوزراء المفترض بموجب اتفاق التناوب مع يائير لابيد ــ هو أكثر تطرفا من نتنياهو حيال الشعب الفلسطينى، ومن دعاة ضم أحادى لأجزاء من الضفة الغربية، ولا سيما غور الأردن، ناهيك عن الكتل الاستيطانية، ولا يؤيد قيام دولة فلسطينية بأى شكل من الأشكال أو تجميد الاستيطان، وهو تتلمذ على أيدى نتنياهو من خلال مشاركته فى حكوماته المتعاقبة. وأول كلام أدلى به بعد التوصل إلى اتفاق الائتلاف كان الجزم بعدم وقف الاستيطان حتى ولو ضغطت أمريكا فى هذا الاتجاه أو تسبب بفرط الائتلاف والذهاب إلى انتخابات جديدة. كما أنه لم يستبعد شن حرب على غزة ولبنان «إذا دعت الحاجة». لكنه بعث برسالة طمأنة إلى الولايات المتحدة عندما سئل عن موقفه من العودة الأمريكية إلى الاتفاق النووى، عندما قال: «الشراكة مع الولايات المتحدة بما فى ذلك مع الرئيس جو بايدن هى استراتيجية وأساسية».
وفعلا، ما يهم إدارة بايدن الآن هو استكمال إجراءات العودة إلى الاتفاق النووى مع إيران ووقف حرب اليمن، بينما أولت مهمة تثبيت التهدئة فى غزة إلى مصر. وليس البيت الأبيض فى وارد التقدم بمبادرات تتعلق بتسوية الصراع الفلسطينى ــ الإسرائيلى بل يكتفى بالإعلان عن تأييده حل الدولتين، من دون الخوض فى تفاصيل كيفية الوصول إلى هذه الغاية.

النص الأصلى:

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved